أمريكا تلجأ لصندوق النقد الدولي لمعالجة عجزها التجاري أمام القوى الجديدة

أمريكا تلجأ لصندوق النقد الدولي لمعالجة عجزها التجاري أمام القوى الجديدة

أمريكا تلجأ لصندوق النقد الدولي لمعالجة عجزها التجاري أمام القوى الجديدة

حذر خبراء من أن تحرك صندوق النقد الدولي بشأن أسعار صرف العملات، "يعد "نتاجا لصراعات القوى الدولية سياسيا واقتصاديا"، بيد أنهم أكدوا أهمية التوافق في صوغ حلول عادلة للأطراف العالمية.
وكان رودريجو راتو المدير العام لصندوق النقد الدولي أعلن أمس الأول، أن الصندوق وافق على تعديلات تعزز مراقبته لسياسات أسعار صرف العملات الأجنبية في الدول الأعضاء.
واعتبر راتو أن القرار الجديد أفضل الممارسات الحالية في مراقبتنا سياسات أسعار الصرف والسياسات الاقتصادية المحلية في الدول الأعضاء"، وأنه في الوقت الذي تواصل فيه مراقبة صندوق النقد الدولي التركيز على سياسات أسعار الصرف فيما يتصل بالتلاعب في العملة والتدخل في أسواق الصرف من جانب الدول الأعضاء، إلا أنها تضمن أيضا أن يتجنب العضو سياسات أسعار الصرف التي تؤدي إلى زعزعة الاستقرار في الخارج.
لكن مصادر في مجلس إدارة صندوق النقد الدولي، أكدت أن الصين ومصر وإيران لم تؤيد تعديلات على سياسة الصندوق بشأن مراقبة سياسات العملة، واعتبرت أن الولايات المتحدة أرادت جعل الاختلالات الأساسية في سعر الصرف أحد أربعة معايير أساسية لتقييم سياسات سعر الصرف في الدول الأعضاء في الصندوق. لكن المجلس توصل إلى توافق في الآراء عندما وافقت الولايات المتحدة بدلا من ذلك على جعلها ضمن سبعة مؤشرات سيأخذها الصندوق في الحسبان عند تقييمه سياسة سعر الصرف لدولة عضو.
المحلل المالي مطشر المرشد تحدث لـ "الاقتصادية" عقب صدور قرار صندوق النقد الدولي, مشيرا إلى أن القرار يكرس سيطرة السياسة الأمريكية على المؤسستين الدوليتين الشهيرتين (البنك الدولي وصندوق النقد الدولي). واعتبر المرشد أن البنك الدولي وصندوق النقد كانا مسؤولان عبر سياساتهما النقدية للدول عن الانهيار الذي أصاب أسواق المال في نمور آسيا منتصف التسعينيات من القرن الماضي, وهنا ضرب مثلا بماليزيا التي تمكنت من معالجة وضعها لأنها وضعت نصائح هاتين المؤسستين جانبا واعتمدت على سياستها النقدية في إصلاح الوضع.
ويرى الدكتور ياسين الجفري المحلل المالي، أن صندوق النقد الدولي بدأ في تبني سياسات جديدة والعودة بفرض بيئة تنافسية عالمية للحد من سلبية سياسات الصرف التي قد يلجأ إليها بعض الدول الأعضاء من خلال إعطاء نوع من المميزات لتجارتها الخارجية، معتبرا أن "البيئة الحالية التي يتوقع الوصول إليها في ظل اتفاقيات منظمة التجارة من خلال إلغاء الحواجز وخاصة الجمركية وتجزئة الأسواق لضمان ميزة تنافسية وهمية، يمكن لسياسات أسعار الصرف داخل الدول أن تقدمها بصورة مختلفة لدعم التصدير".
وأشار إلى وجود خلاف حول قدرة الصندوق على تنفيذ سياساته "لكن هناك حدود لما يمكن أن يتم، خاصة أن له تأثير مباشر وسلبي على الدول وقراراتها الداخلية وبالتالي التأثير المباشر على اقتصادها، معتبرا أن هذه الخطوة تأتي في ظل الظروف العالمية الحالية والحرجة في توجهاتها وشعور العالم بأنه على أعتاب توجه جديد.
وذهب إلى أن نظرة دول العالم الثالث السلبية للصندوق ودوره في التأثير على اقتصادياها المثقلة، يعد بعدا حيويا في التعامل مع هذه السياسات. وستنظر دول العالم وبخاصة دول العالم الثالث لهذا التوجه على أنه نوع من الهيمنة وفرض السيطرة وسحب البساط من تحتها وبالتالي من قدرتها التنافسية لوجود مراقب خارجي يفرض قواعد جديدة للعبة اندثرت منذ أعوام طويلة.
وتساءل عما إذا كان البعد الجديد "هو عدم وجود استثناءات في القضية وخاصة لدول العالم المتقدم... فهل ينجح في التطبيق وإلغاء الاستثناءات".
من جهته، وافق الدكتور إبراهيم علوش المحلل الاقتصادي، على أن الولايات المتحدة التي تعد الثقل الأكبر في صندوق النقد تسعى لرفع قيمة العملات القوية خصوصا، أمام الدولار، من أجل إصلاح العجز الكبير في الميزان التجاري للولايات المتحدة أمام الصين على وجه التحديد، معتبرا أنه رغم سماح الولايات المتحدة للدولار "يتهاوى" مقابل اليورو فإن ذلك لم يكن كافيا لجسر العجز الكبير في الميزان التجاري للولايات المتحدة مع الصين.
وذهب إلى أن الصين تتبع سياسات واضحة لتخفيض اليوان "لأنها دولة مصدرة تستهدف تنمية صادراتها"، وهو ما أدى إلى تزايد العجز التجاري الأمريكي مع الصين.
ولفت إلى أن قطاعات الصناعات الخفيفة والألبسة ذات المنسوجات والإلكترونيات الواردة من الصين اكتسحت نظيراتها في الولايات المتحدة حتى في السوق الأمريكية، مشيرا إلى أن الولايات استمرأت استخدام المؤسسات الاقتصادية الدولية للضغط على بكين "تحت ذريعة أن التجارة الحرة تقتضي تحرير القطاع المالي، ومن ضمنه تبني نظام سعر الصرف المعوم".
وخلص إلى أن ما يحدث حاليا في صندوق النقد والمؤسسات الدولية، يعبر عن الصراع السياسي والاقتصادي بين الولايات المتحدة والصين، متوقعا أن تصبح الصين قوة موازية للقوة الأمريكية خلال 20 عاما.
وفي السياق ذاته، أكد الدكتور بندر العبد الكريم المحلل الاقتصادي، أهمية توصل القوى في صندوق النقد الدولي إلى رأي محدد تجاه أسعار صرف العملات، محذرا من العواقب الوخيمة على الاقتصاد العالمي في حال اتخاذ الصين قرارات أحادية.
وشدد على أهمية توافق الولايات المتحدة والصين إلى حلول معينة وعادلة بشأن أسعار الصرف، مشيرا إلى أهمية الدور الصيني المتنامي بصورة لافتة، حتى أصبحت الدول الثانية بعد الولايات المتحدة في استهلاك النفط لتلبية احتياجاتها القطاعات الاقتصادية في البلاد من الطاقة.

الأكثر قراءة