الخضير: لن نقضي على "دكاكين التعليم" إلا بتوفير محفزات حقيقية للمستثمر

الخضير: لن نقضي على "دكاكين التعليم" إلا بتوفير محفزات حقيقية للمستثمر

الخضير: لن نقضي على "دكاكين التعليم" إلا بتوفير محفزات حقيقية للمستثمر

طالب خالد الخضير المدير العام لمدارس التربية النموذجية بتوفير محفزات استثمارية لنمو قطاع التعليم الأهلي في المملكة، مؤكدا أنه إذا ما توافرت الرؤى الرسمية الهادفة نحو التطوير سوف نقضي على ما أسماه بـ "دكاكين التعليم"، التي رأى أن وزارة التربية والتعليم قد ساهمت في إيجادها من خلال إعطاء التراخيص. وأكد الخضير في حواره مع صحيفة "الاقتصادية" أن الدعم الذي تقدمه الدولة للمدارس الأهلية لا يذكر لو تمت مقارنته بما يوفره التعليم الأهلي من استثمارات، متوقعا زيادة نسبة مساهمة القطاع الأهلي في العملية التعليمية في المملكة، خلال السنوات القليلة المقبلة، مشيرا إلى ضرورة موازنة المستثمر بين القدرة على تقديم مستوى تعليمي مميز وتحقيق مردود مناسب يساعد على تعزيز قدرته على الاستمرار. وبيّن أن قطاع التعليم الأهلي من أفضل مؤسسات القطاع الخاص في مجال توطين الوظائف، ويعتبر من أكثرها جدية، حيث إنه يوفر حاليا أكثر من 15000 وظيفة للسعوديين.. إلى تفاصيل الحوار:

بعد احتفال مدارس التربية النموذجية بيوبيلها الذهبي بمرور 50 عاما على تأسيسها، هل تشعرون بالرضا إزاء ما حققتموه إلى الآن في هذا القطاع الحيوي؟
بكل تأكيد نشعر بالرضى، فنحن في مدارس التربية النموذجية ننطلق في تقييمنا لمعيار النجاح من حقيقة نوعية ثابتة أساسها مدى قدرتنا من خلال ما نوفره للأجيال من قوة معرفية قائمة على مستوى أكاديمي عالٍ وعلى أدوات منهجية لتطوير المهارات الفردية والشخصية، ومدى نجاح تلك المعادلة الموضوعة بعناية في تخريج جيل قادر على الإسهام الفاعل في خدمة مجتمعه المحلي وصولا لخدمة الوطن بمنظوره الأشمل، لقد استطاعت مدارس التربية النموذجية، التي تحتفل هذا العام بيوبيلها الذهبي بمرور 50 عاماً على تأسيسها أن تحقق الكثير من الإنجازات وأن تقدم الكثير لأبناء مجتمعها لتصل اليوم إلى مستوى الريادة، فهي اليوم تضم ما يزيد على ستة آلاف طالب وطالبة، تجمعهم بيئة تعليمية مؤلفة من عشرة مبان مدرسية نموذجية، يشرف على مدهم بالمعرفة والعلم نخبة من المعلمين والمعلمات، يساندهم جهاز إشراف تربوي متكامل، وتدعمهم مجموعة مختارة من الوسائل التعليمية، وهذا ما جعل طلابنا يحصدون نتائج متميزة بعد مسيرتهم التعليمية بمدارسنا ليشغلوا أعلى المناصب في مختلف القطاعات الحكومية والخاصة، وذلك بعد دخولهم والتحاقهم بالكليات العلمية المرموقة مثل كليات الطب والهندسة والمعلوماتية وغيرها، وكمثال على ما أقول أذكر أن أكثر من 35 طبيباً وطبيبة ممن درسوا في مدارسنا يتخرجون سنوياً في كلية الطب، وما لا يقل عن 120 طالباً يدرسون في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن بشكل دائم، وهو مستوى متميز يحتم علينا أن نستمر بدعمهم ورعايتهم، ولهذا توفر المدارس للمتفوقين من طلابها منحا تعليمية وأخرى جامعية بلغ عددها خلال السنوات العشر الأخيرة أكثر من 900 منحة. ولذلك كانت مدارس التربية النموذجية رائدة في مجال التعليم، مثلما كانت رائدة في تعليم البنات الذي بدأت به عام 1378هـ أي قبل تأسيس الرئاسة العامة لتعليم البنات بسنتين.

نتحدّث إليكم اليوم فيما النية لديكم تتجه لتحويل المدارس إلى شركة مساهمة مغلقة تعد الأولى من نوعها في المملكة.. كيف تصفون هذه الخطوة؟ وما نظرتكم حيال الاستثمار بالتعليم الأهلي بعد تجربتكم العريقة فيه؟
إن 50 عاما في المسيرة التعليمية، تعكس قوة الخبرة الطويلة التي نملكها، والدور المهم الذي نقوم به في المجتمع، حيث إن هنالك شريحة من الأجيال المختلفة قد درست في المدارس، وللمفارقة يوجد لدينا جد وابنه وحفيده جميعهم درسوا في مدارس التربية النموذجية، ومن خلال رؤية المؤسسين، ورغبتهم في حماية رسالة هذا الصرح، جاء قرار تحويل المدارس إلى شركة مساهمة يندرج عملها تحت مظلة نظام يكفل استمرارها ـ بإذن الله ـ حيث قمنا بتحويل الشكل القانوني للمدارس من مؤسسة فردية يملكها شخص واحد إلى شركة مساهمة مغلقة، كواحدة من المدارس التابعة للشركة الوطنية للتربية والتعليم، وبالحديث حول قطاع التعليم الأهلي أقول إن الاستثمار فيه يستوجب الموازنة بين أمرين: الأول؛ القدرة على تقديم مستوى تعليمي مميز يتناسب مع متطلبات الحياة الحديثة، والثاني؛ هو تحقيق مردود مناسب يساعد المستثمر في تعزيز قدرته على الاستمرار، ومما لا شك فيه أن للتعليم الأهلي العديد من المنجزات، منها على سبيل المثال: أن أكثر من 500 ألف طالب وطالبة يلتحقون سنوياً بالمدارس الأهلية، الأمر الذي يوفر ما يعادل خمسة مليارات ريال على الدولة، ولو وصل استيعاب التعليم الأهلي إلى النسبة المرجوة وهي 25 في المائة لاستطاع أن يوفر أكثر من 17 مليار ريال سنوياً، أضف إلى ذلك أنه يوفر حاليا أكثر من 15 ألف وظيفة للسعوديين، وفي حال عمل التسهيلات اللازمة فإنه سيوفر أضعاف هذا الرقم من الوظائف.

ما الذي تستهدفونه من وراء تعميق تجربتكم بالتعليم الأهلي عبر تدشين قنوات استثمارية جديدة، خاصة وأنّ هناك "عزوف" من قبل المستثمرين على الخوض في هذا الحقل؟
لا بد من تثبيت حقيقة مفادها أن أهم ضمان لاستمرار نجاح أي مؤسسة هي قدرتها على التطوير وامتلاك معدلات مرونة عالية تؤهلها للتكيف مع مستجدات القطاع الذي تعمل فيه، وخذ على سبيل المثال، تجربتنا في تأسيس مدارس التربية النموذجية، حيث إن الوالد ـ حفظه الله ـ عندما أسس المدارس في عام 1378هـ لم يكن يهدف إلى الربح السريع! بل هدفه الأساسي تقديم خدمة متميزة في مجال التعليم، في الوقت الذي كان فيه الاستثمار في مجالات أخرى مجديا أكثر، لكنه استمر، مقدما الكثير للمدارس، من وقته وجهده، حيث أشرف عليها سنوات طويلة إلى أن استطاع أن يسير بها إلى مصاف المدارس الرائدة على مستوى المملكة، ومن هذا المثال الحي أستطيع أن أبين أسباب عزوف بعض المستثمرين على الخوض في هذا المجال فهو ناتج إما عن قناعة شخصية لديهم بأن هناك مجالات أخرى للاستثمار قد تكون أكثر ربحية، أو لأسباب واقعية تعيق دخولهم القطاع، وهذا منطقي جدا، لوجود الكثير من المعوقات أمام الراغب في الاستثمار في التعليم، وبكل صراحة إن الدعم الذي تقدمه الدولة للمدارس الأهلية لا يذكر لو تمت مقارنته بما يوفره التعليم الأهلي في حال تم دعم الدولة له حيث تقدم الدولة ما مقداره 200 ريال فقط عن الطالب، علماً أن تكلفة الطالب في بعض المناطق خارج المدن الرئيسية مرتفعة جدا تصل إلى 80 ألف ريال، وأحياناً أكثر من ذلك، فلو تم دعم المستثمرين في القطاع الأهلي لاستطاع هذا القطاع أن يوفر مبالغ كبيرة على الدولة التي يوفر عليها الآن أكثر من خمسة مليارات ريال سنوياً، لقاء استيعابه ما يقارب من 7 في المائة من عدد الطلاب في المملكة، إذن، يجب دعم المستثمر مادياً ومعنوياً لما في ذلك من مصلحة عامة.

عن واقع التعليم الأهلي في المملكة .. كم تقدّرون حجم الاستثمار في هذا القطاع؟ وكم يستحوذ التعليم الأهلي من إجمالي قطاع التعليم في المملكة؟
أقول بصراحة إن حجم الاستثمار في مجال التعليم الأهلي هو دون طموح الدولة، حيث إن نسبة مشاركة استثمارات القطاع الخاص في التعليم لا يزيد على 8 في المائة، في حين تطمح الدولة إلى زيادة هذه النسبة إلى 25 في المائة حسب خطتها الخمسية، على الرغم من معدلات الزيادة التي سجلها النمو في القطاع خلال الخطة الخمسية السابعة.

في رأيكم هل هناك من محفّزات خلال الفترة الحالية، يمكن أن تسهم في تعزيز الآمال بجدوى التعليم الأهلي؟
إن رغبة أولياء أمور الطلاب في حصول أبنائهم على تعليم مميز في المدارس الأهلية لما تقدمه من مناهج إضافية منذ الصف الأول الابتدائي وتعليم نوعي وتوفر أنشطة لا منهجية عديدة كالمسابح والرحلات والأنشطة الرياضية العديدة، وهنا سنلاحظ أهمية دور القطاع الأهلي في تنمية قدرات الأجيال الأكاديمية والشخصية ولكنه مقترن بالرغبة في ضخ استثمارات كبيرة ذات عوائد مادية على المدى البعيد وهذا جوهر المشكلة، وهنا أود أن أشير، ومن منطلق وطني، إلى أنه يجب على القائمين على العملية التعليمية، سواء في القطاع العام أو الخاص، أن يتنبهوا إلى نقطة على درجة عالية من الأهمية، وهي التزايد الكبير في عدد السكان، حيث إن المملكة تعد الدولة الأكثر نمواً في عدد السكان، الذي تقابله معدلات نمو بطيئة داخل هيكل قطاع التعليم الأهلي، الأمر الذي سيحمل الدولة العبء الأكبر بحسب أن نحو 25 في المائة من ميزانية الدولة تذهب لقطاع التعليم، و90 في المائة من ميزانية وزارة التربية والتعليم تذهب لبند الرواتب، فلا ندري كيف سيكون الوضع بعد سنوات من الآن، لذلك يفترض أن يتم دعم التعليم الأهلي ليستطيع أن يستوعب أكثر من 30 في المائة من الطلاب في المرحلة المقبلة.

ألا ترون أنه بعد تغير نظرة السعوديين تجاه الاستثمار في "تعليم أبنائهم"، وبعدما أصبح التعليم يمثل هاجساً لديهم، وبالتالي فإن هذه القناعات تشكّل محفزاً رئيساً لتغيير نظرة المستثمرين حيال القطاع؟
مما لا شك فيه وجود شريحة واسعة من أولياء أمور الطلبة من السعوديين تتجه نحو فكرة تأهيل أبنائهم بأكثر المهارات الممكن اكتسابها خلال مراحل الدراسة الأساسية، لإيمانهم بقوة المنافسة على الوظائف مستقبلا وندرتها أيضا، فالكل يدرك أن عصر المهارات الوظيفية بدأ يسيطر على مجمل عمليات تقييم اختيار الموظفين المحتملين لأي مؤسسة، أي ما أود أن أقوله هو أن المدارس الأهلية، الجادة منها، بدأت تلعب دور الجهة الموجهة والمحفزة لطاقات الطلبة، مما أفرز اتجاها يتبنى المدرسة الأكثر قدرة على بناء شخصية أبنائهم، حيث تعد المدرسة الأهلية الأقدر على تلبية هذه المطالب، لذلك أتوقع أن تزيد نسبة مساهمة القطاع الأهلي في العملية التعليمية في المملكة خلال السنوات القليلة المقبلة، من خلال ضخ استثمارات كبيرة داخل القطاع، وأعتقد أنها ذات مردود مالي جيد، وهي عوامل في مجملها جاذبة لرؤوس الأموال والمستثمرين الجادين.

هل يمكن أن توجز لنا أبرز المعوقات التي تقف أمام النهوض بواقع الاستثمار في التعليم الأهلي في المملكة؟
في رأيي من أهم العوائق التي تواجه المستثمر هي (الأراضي) فالمستثمر في التعليم الأهلي لا يستطيع البناء على أرض تجارية إلا بموافقة المجاورين ولا يستطيع البناء على مرفق تعليمي خاص به إلا بموافقة الوزارة وإذا وافقت الوزارة عليه أن يوقع على شروط تعجيزية لا يقبلها عاقل، أما الأراضي السكنية فإنه ممنوع أن يبني عليها، فأين يستطيع البناء؟ وهذا واحد من العوائق .

إلى أي مدى أثرت سياسات السعودة في تطور العملية الاستثمارية في قطاع التعليم؟
من خلال تجربتنا أثبت نسبة كبيرة من المعلمين السعوديين تفوقهم وحسن انتمائهم وقربهم من الطلاب، إلا أن الثقافة المجتمعية السائدة تدفع نحو السعي إلى الحصول على العمل الحكومي بغض النظر عن المردود المالي، حيث إن السعوديين يفضلون العمل في المدارس الحكومية، حيث تحكم نظرة الموظف السعودي عدة عوامل إذ يسود اعتقاد بأن الوظيفة الحكومية توفر مطلب تحقيق الأمان الوظيفي، ومن خلال تجربتنا أيضا نعتقد أن الانطباع الذي يتولد لدى العديد من مدرسينا السعوديين، الذين يبلغ عددهم في مدارسنا 400 ألف معلم ومعلمة، هو أننا نملك من القدرة على توفير درجات أمان وظيفية لهم بنسب عالية من خلال ترسيخ مكانة مدرستنا داخل المجتمع وقوة مركزنا المالي وتحقيقنا نسب نمو في أعداد الطلاب الملتحقين بالمدارس إلى جانب مشاريع التوسع داخل مرافقنا العامة، إلا أننا في حقيقة الأمر نواجه عدم وضوح في نسب السعودة وصعوبة تحقيقها تسبب تعقيدات إضافية، حيث إن المدرس السعودي يرفض العمل في المدارس الأهلية بسبب ما يرونه تدنيا في الرواتب المقدمة مقارنة بما يمكن تحصيله من الوزارة، علماً أننا ندفع للمعلمين والمعلمات السعوديين رواتب تبدأ بـ 4300 ريال وعلى مدى 12 شهراً في العام.

لكن، لماذا هناك قناعة عامة مفادها أن القائمين على المدارس الأهلية يفضّلون "المدرس الأجنبي" على المدرس السعودي؟ وهل هناك من آثار سلبية تترتب على تعيين المدرّس السعودي ؟
من منظور وطني، يفترض على قطاع التعليم أن يساهم في دفع عجلة السعودة، وتوطين الوظائف، والآن التعليم الأهلي يعد من أفضل مؤسسات القطاع الخاص في مجال توطين الوظائف، ويعد من أكثرها جدية، ولكن من المشكلات التي يواجهها هي ذهاب المعلم السعودي إلى المدرسة الأهلية بشكل مؤقت، وهدفه الأساسي هو التوجه إلى التعليم الحكومي، وهذا من حقه، وعلى الطرف الآخر من المعادلة نجد أولياء الأمور يريدون لأولادهم التعليم الأهلي بحثاً عن التعليم المتميز الذي يتطلب معلماً على مستوى عال من الخبرة، وهنا أقف لأتساءل: ما المطلوب من التعليم الأهلي؟ هل يرضي الأنظمة التي تطالبه بالسعودة أم عليه أن يرضي ولي الأمر الذي يطالبه بتقديم تعليم متميز لأبنائه؟ أما فيما يتعلق بالمعلم الأجنبي (المتعاقد) فإنني أرى أنه من الضروري وجوده بجانب زميله السعودي ليكتسب الخبرة منه التي تفيد الطلاب في النهاية، إضافة إلى أن تكلفة استقطاب معلمين متميزين مرتفعة. وأود أن أشير هنا إلى أن انخفاض أعداد المعلمين غير السعوديين أثر على المخرجات التعليمية، وهنالك تنافس إقليمي على الكفاءات الجيدة، وحتى بلدانهم نفسها بدأت تقدم لهم مميزات وحوافز لا نستطيع أن نقدمها، أضف إلى ذلك مشكلة ندرة التخصصات حيث لا يتوافر مدرسون سعوديون في التخصصات النادرة بالشكل المطلوب.

تشير بعض الإحصاءات إلى أن نسبة الإقبال على مرحلة "رياض الأطفال" في بعض مناطق الخليج تصل إلى 100 في المائة، في حين أنها منخفضة جدا في السعودية. كيف تفسر تلك الفجوة الهائلة؟
النظام التعليمي هو جزء من منظومة النمو الاجتماعية والاقتصادية والثقافية لأي بلد، ونحن في السعودية ولله الحمد نملك من مقومات النمو على مختلف القطاعات الشيء الكثير، ولذلك تجد أن نمو الاقتصاد المحلي وما يواكبه من ظهور مؤسسات اقتصادية جديدة يسهم في توفير وظائف جديدة للمرأة ضمن سياق التوجه نحو فتح المجال تدريجيا أمام مشاركة المرأة في سوق العمل، إلى جانب زيادة الوعي بأهمية التعليم الأولي للأطفال في سنوات عمرهم الأولى، كلها تصب في نمو قطاع رياض الأطفال في المملكة، بالتأكيد هنالك نسبة كبيرة من الأمهات ممن يعتنين بأطفالهن ولكن مع زيادة فرص دمجهم داخل هيكل العمل الوظيفي في المملكة فإنه لا بد من زيادة درجة الإقبال نحو رياض الأطفال، وتشير مؤشرات القطاع إلى زيادة الأهمية النسبية لرياض الأطفال من عمر 3 إلى 6 سنوات لكنها دون المطلوب، إذ إن نسبة الاستيعاب في القطاعين الحكومي والأهلي من الأطفال في هذه المرحلة لا تتجاوز 11 في المائة، وإذا ما قارنا هذه النسبة عالميا فإننا نجد فجوة كبيرة فنسبة الالتحاق برياض الأطفال في بريطانيا مثلا للفئات العمرية ما بين 3 و4 سنوات تبلغ 89 في المائة.

مدارس رياض الأطفال لبنة أساسية في مقومات التعليم الناجح، كيف تطور هذا المفهوم؟
ندرك دور رياض الأطفال في توسيع مدارك الأطفال وخبراتهم، وتهيئتهم إلى المرحلة الدراسية النظامية وبناء شخصيتهم المستقلة، وفي هذا السياق عملنا على تزويد مرحلة "رياض الأطفال" بالعديد من المقومات التي ساعدت على نجاحها بدءاً من الأبنية النموذجية، المصممة لتوفر الملاعب والساحات، إضافة إلى تجهيزها بالأثاث المناسب للطفل واعتماد نظام التعلم الذاتي، وتعتبر "رياض الأطفال" في مدارسنا من الأفضل على مستوى العالم، وهي الوحيدة التي تم تكريم القيادة التربوية فيها للعام الثاني على التوالي من قبل وزارة التربية والتعليم. إن مفهوم التعليم في هذه المرحلة أصبح أساسياً في جميع دول العالم، والمملكة ومنذ سنتين أكثر اهتماما، لكن دون تفعيل دورها بالشكل المطلوب، الكثير من الدول مثل بريطانيا وأمريكا وبعض دول الخليج تصل نسبة الملتحقين بـ "رياض الأطفال" إلى 100 في المائة، أما في المملكة فلا تزيد النسبة على 11 في المائة، لذلك أرى وجوب توفير دعم أكبر، بافتتاح رياض أطفال حكومية وأهلية في كل حي ودعم الأهلية منها من قبل الدولة، ولكن بصراحة تبقى مشكلة نظرة المجتمع لـ"رياض الأطفال" بأنها مجرد بديل عن الشغالة في المنزل، ونقارن بين تكلفة الشغالة وبين تكلفة رسوم التسجيل، بينما الهدف هو أكبر من ذلك بكثير، نظراً للبرامج التي تطبق في رياض الأطفال خصوصاً خلال هذه الفترة المهمة من حياة الطفل التي يكون فيها الطفل قادراً على استيعاب معلومات أساسية تؤثر في مستواه الفكري والعلمي طيلة حياته، كما أن تكلفة الطفل في مرحلة رياض الأطفال تزيد على تكلفة الطالب في أي مرحلة أخرى نظراً للتجهيزات الخاصة والوسائل التعليمية المتعددة والأثاث المصمم بشكل مختلف عن القاعات الدراسية في المراحل الأخرى.

في ظل هذا المناخ هل تعتقد أن هناك حاجة إلى تأسيس شركات استثمارية تعنى بتطوير التعليم الأهلي في المملكة؟
في الآونة الأخيرة كثر الحديث حول إطلاق مشاريع استثمارية لشركات كبرى في قطاع التعليم، وهذا اتجاه تدعمه كافة الدراسات المتخصصة في مجال التعليم الأهلي، حيث توصي بضرورة تكوين شركات تعليمية مساهمة عامة في المملكة تعنى بالاستثمار في التعليم العام، الأمر الذي يتيح فرصة مهمة أمام مدارس القطاع الأهلي الصغيرة والمتوسطة للمشاركة فيها، أي حدوث اندماجات لتكوين منصات تعليمية كبيرة، وبالتأكيد تلك الحاجة إلى تأسيس هذه النوعية من الشركات يجب أن تدعم بميزات خاصة يرافقها توفير تسهيلات أكثر لتحسين قدرتها التنافسية وزيادة معدلات نمو القطاع، لكن دعني أؤكد أن معيار النجاح يكمن في مدى توجه القائمين على مثل هذه الشركات نحو تقديم مستويات تعليمية عالية ومتميزة خصوصا مع طبيعته الاستثمارية طويلة الأجل، وإن توافرت تلك الرؤى الهادفة نحو التطوير سنقضي على "دكاكين التعليم"، حيث نلاحظ العزوف من قبل المستثمرين القادرين ذوي الإمكانات المادية الكبيرة على الدخول في القطاع، يجب أن نشجعهم من أجل المواطن الذي هو أغلى ما نملك، وفي رأيي أن الوزارة أسهمت في إيجاد هذه الدكاكين من خلال إعطائها التراخيص، لحل مشكلة استيعاب الطلاب والطالبات. لكن المدارس الصغيرة لن تستطيع أن تحقق الأهداف المرجوة من تعليم جيد وتوطين للوظائف ومن استقطاب المعلمين المتميزين، حيث إن المدارس التي لا يزيد عدد طلابها على 300 طالب، كيف ستتمكن من دفع مرتبات تزيد على 1500 ريال للمعلم شهرياً، وبالتالي فإنها لن تستطيع أن توفر الأمان الوظيفي ولن تكون هناك مخرجات تعليمية صحيحة.

كانت لكم تجربة ضمن قطاع التعليم العالي عبر مشاركتكم في تأسيس كلية اليمامة.. ما تقييمكم لهذه التجربة؟ وإلى أي مدى توافقت نتائجها مع تطلعاتكم؟
قبل أن نتكلم عن الاستثمار في التعليم العالي دعني أخبرك هذه القصة؛ عندما اشترينا الأرض لبناء كلية اليمامة كانت بسعر محدد وبعد خمس سنوات من شرائها وإقامة الكلية عليها وبدء التدريس فيها تضاعفت قيمة الأرض خمس مرات، وهذه إحدى المفارقات بين الاستثمار في التعليم والاستثمار في مجالات أخرى، لكننا استثمرنا ملايين الريالات ومازلنا بهدف إيجاد صرح تعليمي أكاديمي متميز على مستوى عالمي، حيث استقطبنا لها أفضل الأكاديميين المؤهلين سواء من السعوديين أو من الأجانب، ولا سيما من دول أمريكا وأوروبا للسير بها قدماً لتتحول، بإذن الله، إلى جامعة، وتكون من أفضلها على المستوى العالمي، حيث قمنا بتوقيع اتفاقيات مع أكثر من ست جامعات أمريكية وأوروبية وكندية، إضافة إلى اختيار مؤسسة أمريكية عريقة للإشراف على السنة التحضيرية واللغة الإنجليزية فيها. إلى جانب اهتمامنا بالبرامج الثقافية والاجتماعية والأنشطة المتنوعة الأخرى لتكون جامعة بمعناها الحقيقي، والآن، ولله الحمد، وخصوصا بعد فتح الدولة المجال أمام دخول القطاع الخاص كمستثمرين في قطاع التعليم العالي الأهلي، استطعنا أن نكون على قدر المسؤولية في قيادة النشاط الاستثماري داخل هذا القطاع الحيوي الذي يملك عوامل نمو هائلة، حيث يأتي من أهم أسباب دخولنا مستثمرين في القطاع ندرة الاستثمارات الموجهة إلية نتيجة صعوبة الشروط والمتطلبات التي تفرضها طبيعة القطاع، وما يتطلبه من رؤوس أموال كبيرة تزيد من عزوف الكثيرين من الدخول مستثمرين، وانطلاقا من أهمية التكامل ما بين القطاعين العام والأهلي في تطوير مسيرة التعليم العالي، جاء تدشيننا لكلية اليمامة لتطلق رؤيتها التطويرية لبرامج أكاديمية تسعى نحو تطوير المجتمع، مستمدة قيمها من ثقافتنا الإسلامية، وقيم المجتمع، وتركز جهودها على إعداد الكفاءات الإدارية وتأهيلها لتكون ضمن صفوة القيادات الشابة المستقبلية للوطن، ونحن نتكلم الآن عما يزيد على 900 طالب وطالبة يتلقون تعليمهم في تخصصات المحاسبة والإدارة المالية والتسويق والتأمين ونظم المعلومات الإدارية وإدارة الجودة.

الأكثر قراءة