2007.. عام الانطلاقة لصناعة السينما السعودية
أن يتم عمل فيلم سينمائي سعودي هذا أمر حصل منذ التسعينيات الهجرية، ولكنها كانت تجارب متواضعة لم تحصل على الدعم الكافي لتصل إلى الهدف المنشود، خصوصا مع عرضها في دور أجنبية، إلا أن العام الماضي كان عاما حافلا بعدد من الأفلام الروائية والوثائقية والقصيرة، مثل فيها أو أخرجها شبان سعوديون يحلمون بالوصول إلى صناعة محترفة.
من الأفلام التي قُدمت العام الماضي فيلم "استنشاق الهاوية"، الذي عرض لأول مرة في فندق القصيبي في الخبر بحضور بعض مندوبي شركات الإنتاج وبعض النقاد والصحافيين، وشارك فيه بعض الممثلين الشبان منهم معتز العبد الله وعباس المهنا وسلطان مقبالي وناصر الظافر وعصام البريمان والطفلة ريناد العزمان ومحمد القحطاني وياسر الشارقي، وسعود العزمان، وأخرجه الشاب السعودي جراح الدوسري.
المدهش أن الفيلم يُصنف على أنه من فئة أفلام الأكشن، إذ تدور أحداثه حول قصة لخمسة أصدقاء، يتعاملون مع شاب آخر اسمه "زاهد" لديه ميول للاختراعات العلمية، ويحلم باختراع مادة يستنشقها قبل النوم قادرة على تحويل حلمه إلى حقيقة بعد الاستيقاظ، إلا أن "زاهد" لا يجد من يقف معه من الشبان الخمسة سوى أحدهم الذي يعمل جراحاً لمساندته، بينما توجد المشاهد قصصاً أخرى تدور حولها الأحداث، ويكتشف في نهاية الفيلم أن جميع الأحداث مجرد حلم عابر.
ممثلو الفيلم اعتبروه خطوة جريئة جداً نحو سينما سعودية معبرة عن الواقع المحلي، يحدوهم الأمل لتقديم فيلم سينمائي جيد يحاكي التطور الحضاري الذي وصلت إليه السعودية.
لم يكن "استنشاق الهاوية" الفيلم السعودي الوحيد الذي أنتج وعرض العام الماضي، بل كان هناك "كيف الحال" الذي حصل على دعم إنتاجي من شركة روتانا، وتم الاستعانة بطاقم فني محترف لإخراجه، إلا أنه لم يحصل على أصداء ناجحة بسبب آراء النقاد، رغم الحضور الكبير الذي حظي به الفيلم لدى عرضه في دور السينما في دبي والمنامة.
تدور أحداث "كيف الحال" في قالب درامي، ويناقش عددا من الأمور الخاصة بالمجتمع السعودي، وهو الأمر الذي فتح نار النقاد على الفيلم الذين يرون أن مثل هذا النوع من الأفلام يحتاج إلى طاقم سعودي خالص، إلا أن التجربة كانت مميزة حسب آراء ممثليه خالد سامي وهشام الهويش، اللذين أكدا أن الفيلم حقق قفزة بالنسبة إلى صناعة السينما السعودية، ويمهد لمرحلة جديدة من العمل السينمائي السعودي.
ومعلوم أن المحاولات السينمائية السعودية بدأت رحلة التكثيف من عام 2004 بشكل عام، وظهرت عدة أعمال قصيرة تتراوح بين السرد الروائي القصير والتسجيل والتوثيق، إذ قدم أولا عبد الله العياف فيلمه "السينما 500 كلم" الذي يعالج مشكلة السعوديين من محبي السينما مع عدم وجود دور عرض، وذلك يتضح من اسم الفيلم الذي يشير إلى المسافة التي يجب على السعودي أن يقطعها ليشاهد فيلما في أقرب صالة عرض، والمقصود هنا صالات العرض في البحرين، واكب ظهور هذا الفيلم فيلم آخر بعنوان "القطعة الأخيرة" للمخرج محمد بازيد، وهو فيلم صامت بالأبيض والأسود نفذ بحرفية عالية في خمسة دقائق و15 ثانية فقط، يحكي عن شارلي شابلن سعودي يتنازع وآخر على قطعة بسكويت أخيرة في الكيس الذي اشتراه "شابلن" ووضعه على المقعد الخشبي بينه وبين الآخر في إحدى الحدائق العامة، نال الفيلم تنويهاَ وإشادة في مسابقة الإمارات السينمائية وفي مهرجان روتردام السينمائي.
ثم بدأت من منتصف 2005 وحتى منتصف 2006 عدة أفلام بمستويات متفاوتة بين الوعظية والرعب والتأمل، للمخرج عبد الله المحيشي الذي يترأس مجموعة "القطيف فريندز"، ليخرجوا إلى النور أفلام "ساعة الرحيل" و"اليوم المشؤوم" بجزئيه الأول والثاني، ثم فيلم "رب ارجعون" الذي يمتد 42 دقيقة ويأخذ المتفرج في رحلة تأملية للموت والتوبة.
كما قدم المخرج "عصام الفايز" في هذه الفترة ثلاثة أفلام، أحدها كان "عالم الطيران" وهو فيلم وثائقي يحكي عن تجربته الخاصة لقيادة طائرة نفاثة، صورت مشاهده في مدينة الأمير سلطان بن عبد العزيز لعلوم الطيران وفي مطار الملك عبد العزيز الدولي في مدينة جدة، وكان قد قدم من قبله فيلم "قبلة الدنيا" الذي يروي بنكهة تسجيلية قصة العاصمة المقدسة مكة المكرمة قديماً وحديثاً، أما فيلم الفايز الأخير فكان بتمويل من قناة الإخبارية التابعة لوزارة الإعلام السعودية وحمل اسم "غموض اليقين"، الذي يمزج فيه بين الروائي والتسجيلي ليحكي قصة الإرهاب في السعودية من خلال صور حقيقية أخذت من المواقع التي تعرضت لمد الإرهاب الآثم، وشاركت المذيعة نسرين حكيم ومجموعة من الأطفال في تمثيل مشاهد الفيلم.