صيد عصافير الزينة..مهنة خطرة أخرى في قطاع غزة
صيد عصافير الزينة..مهنة خطرة أخرى في قطاع غزة
لم يقتصر الحصار الذي تفرضه إسرائيل على الفلسطينيين في قطاع غزة والإجراءات المشددة التي يتخذها جيشها حيالهم على الناشطين فحسب؛ بل امتد إلى من يمتهنون حرفا شديدة البساطة مثل صيادي عصافير الزينة بالقرب من الحدود مع إسرائيل، تلك الحرفة التي امتهنها الكثيرون من شدة الفقر والعوز.
ويباع العصفور الواحد مقابل عشرة دولارات وهو مبلغ زهيد ولكنه بالنسبة
للبعض ثروة صغيرة في هذه الظروف القاسية التي يعيشون فيها. وقد حال استهداف الجنود الإسرائيليين لكل ما هو متحرك بالقرب من الحدود دون أن يمارس هؤلاء حرفتهم، مما أجبرهم على التزام بيوتهم بعد أن سقط الكثير منهم، خاصة من الأطفال قتلى برصاص الجيش.
ولهذا السبب منع أحمد عبد الله (47 عاما)، وهو أحد أشهر صيادي العصافير في مدينة غزة، نجله سامر (14 عاما) من الذهاب للصيد بالقرب من حدود قطاع غزة مع إسرائيل باعتبار أن ذلك سيجعل منه هدفاً سهلاً لجنود الجيش الإسرائيلي المنتشرين قرب الحدود.
وكان طفلان فلسطينيان قد قتلا برصاص الجيش الإسرائيلي السبت الماضي قرب الموقع الذي كانت فيه مستوطنة (نيسانيت) شمال قطاع غزة، حيث قال سكان محليون إنهما من هواة صيد العصافير. ولصعوبة الظروف المعيشية يضطر بعض الفلسطينيين إلى العمل في صيد العصافير في محاولة لجلب بعض الرزق في ظل الحصار المالي المفروض عليهم
معرضين حياتهم للخطر؛ لأن الصيد الوفير يكون قرب الحدود مع إسرائيل.
وقال عبد الله "يحل فصل الصيف علينا ونحاول أن نستفيد منه بصيد العصافير وبيعها؛ لأنها مصدر رزقنا الوحيد في ظل الحصار الظالم المفروض على شعبنا". وتابع بالقول " لدينا في غزة سوق لبيع عصافير الزينة ونحن كنا في الماضي نصطاد هذه العصافير قرب الحدود مع إسرائيل ونبيعها في السوق، لكننا الآن لا نريد أن نصيد؛ لأننا قد نموت برصاص الجيش الإسرائيلي الذي يعلم أننا هناك للصيد ويتعمد قتلنا".
وأضاف عبد الله بمرارة جرَّاء قلة العمل "لا نريد أن نصيد العصافير..حتى
يسعد اليهود، نفضل أن نظل دون طعام حتى لا نعرض حياتنا للخطر هناك على الحدود". ومضى صياد العصافير البارع قائلا "الأماكن التي فيها الرزق والخير من أخطر المناطق؛ لأننا نكون قريبين من الحدود التي ينتشر فيها الجيش الإسرائيلي بكثافة والجيش لا يرحم طفلاً ولا شاباً ". ومن جهته، قال صياد العصافير عامر البرش (33 عاما) إنه يتخذ من صيد العصافير مهنة لكسب المال وتوفير متطلبات عائلته الكثيرة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.
وأضاف البرش، الذي كان يعمل داخل إسرائيل قبل اندلاع انتفاضة الأقصى قبل ستة أعوام، "أيام العمل في إسرائيل لم أكن مهتما بمثل هذه الأعمال. لكنني الآن مضطر أبحث وأولادي عن أعمال بديلة؛ لأنه ليس لدينا عمل والموظفون لا يحصلون على رواتبهم أيضا".
وأوضح أنه لا ينوي في هذه الفترة الذهاب للصيد قرب الحدود مع إسرائيل؛ لأن ذلك يعني أنه باع نفسه للموت دون مقابل قائلا " إذا ذهبنا نصطاد قرب الحدود سيكون الرصاص الإسرائيلي لنا بالمرصاد؛ فالجيش لا يرحم كل من يقترب من الحدود".
وتراوح أسعار بعض العصافير التي يتم صيدها في فصل الصيف بين عشرة دولارات وعشرين دولاراً للعصفور الواحد. وخلال الانتفاضة الحالية، سجلت الفرق الطبية الفلسطينية مقتل ما يزيد على عشرين صياداً قرب الحدود مع إسرائيل معظمهم من صغار السن على يد الجيش الإسرائيلي.