أكاديمي : اختباراتنا الأضعف عالمياً .. تمهل التحليل والاستنتاج
أكاديمي : اختباراتنا الأضعف عالمياً .. تمهل التحليل والاستنتاج
مع قرب فترة الاختبارات يعيش الطلاب والطالبات في مختلف المراحل الدراسية حالة من الترقب والخوف، قد يتطور لتصاحبه أعراض صحية سلبية ناتجة عن قلة ساعات النوم، وفقدان الشهية للطعام، وفي ظل هذه الظروف الصعبة قد يلجأ البعض منهم للانحراف والانجراف وراء المنشطات والمسهرات.
ويرى تربويون ومختصون ضرورة تطوير نظام اختبارات نهاية العام، بما يواكب التطور العالمي، فمن غير المعقول أن ثقل عام كامل ينصب في أيام معدودة، وبذلك تتم السيطرة على الكثير من السلبيات المصاحبة للاختبارات.
أكد البروفيسور تركي العتيبي عضو هيئة تدريس في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الرياض، أن أهم الأسباب التي جعلت الامتحان ثقلاً مرهقاً للطالب، هم من في محيط الطالب من الأسرة أو المدرسة ، فنظرة الأبوين خاصة والأسرة عامة إلى ما ينتج عن الامتحان، وجعله هو المعيار الأوحد للرضا والسخط على الطالب الذي هو الابن، جعلهم يتخذون القول المشهور "عند الامتحان يكرم المرء أو يهان" شعاراً لهم، وسوطاً مسلطاً على ظهور الأبناء يشعرون أو لا يشعرون بهذا.
وأضاف: التفاوت الكبير والضخم في مستويات الأداء للمعلمين، وأعني به ضعف الأداء العلمي والتربوي والأخلاقي الذي يكون من خلاله قدوة للطالب في محيطه الثاني وهو المدرسة أو الجامعة يضعف التكوين للطالب بجميع محاوره واتجاهاته، فيواجه الطالب الامتحان ومحصلة العدة التي جمعها خلال تلك الأشهر السابقة على الامتحان ضعيفة أو متوسطة أو حتى جيدة، ولكنها مهتزة فاقدة للثقة ويتكون عند الطالب الخوف والرهبة والتردد, وحدث ولا حرج من سلبيات تجمعت وتراكمت.
وشدد على أن ما يشكل هما كبيرا للطلاب والطالبات هو النظرة التالية لما يترتب على الامتحان وهو النتيجة على أنها تمثل شخصية الطالب نجاحاً أو فشلاً، وحصر حياة الطالب في هذه النتيجة، فمن أخفق فهو الفاشل في كل شيء، وإن كان من أحسن أقرانه أدباً وخلقاً وتعاملاً، وربما أنه يتفوق عليهم بمهارات كثير منهم لا يحسنها، فتختزل جميع قدراته ومهاراته في التحصيل الدراسي، ويكون الحكم عليه بها، ومن هنا كان الشبح مخيفاً.
من جهته، أكد الدكتور عبد الإله بن سعيد أستاذ علم الاجتماع في جامعة الملك سعود، أن نظام الاختبارات لدينا ما زال الأضعف عالميا، رغم أنا لا نملك تغييره، فهو يسهم في ضبط الطلاب لدينا.
وأضاف: اختباراتنا تجلب القلق والتوتر، و المستفيد الأول والأخير هم المدرسون الخصوصيون، فتجد إعلاناتهم في كل مكان تقع عليه نظرك، بينما يكون أولياء الأمور هم أكبر المتضررين.
وشدد على ضرورة الاستفادة من التجارب العالمية، في دول متقدمة مثل بريطانيا، حيث لا يعطون في اختباراتهم أهمية للجانب المعلوماتي الذي يعتمد على الحفظ، ويكون المعيار الأهم هو ما يقدمه الطالب من تحليل منطقي، واستنتاج بعيد كل البعد عن النظرية المعلوماتية التي نعمل بها نحن.
وقال: لو طبقنا ذلك لنجحت اختباراتنا، وتحولت من كونها تثير القلق والتوتر المصاحب لحفظ المعلومة، إلى هدوء وتفكير، وقدرة على التفكير والتفسير المنطقي، وبالتالي التطور والنجاح.
واقترح إلغاء النسبة المئوية في الجامعات، بحيث يحق لأي طالب حقق ما نسبته 60 في المائة من الدرجات في المواد الدراسية أن ينخرط في الجامعات، حيث تكون هناك سنة تحضيرية، يتم من خلالها توجيه الطلاب للكليات كل حسب نسبته المئوية في مواد معينة.
في السياق ذاته، أكد عبد الملك الثميري مرشد طلابي أن فترة الامتحان تشكل عند 70 في المائة من الطلاب حالة قلق ورهبة وخوف، حيث تتحمل الأسرة الجزء الأكبر من المسؤولية، خاصة أن بعض الأسر تبث روح القلق والتوتر في نفس الابن دون أن تشعر أو تقصد فهي تعلن عن حالة الاستنفار و الخطر، فتعلق صافرة الإنذار.
وأضاف: فترة الامتحانات تزداد الممنوعات على الأبناء (ممنوع الكلام مع الأصدقاء، ممنوع استخدام الهاتف، ممنوع الخروج، ..إلخ)، فيبدأ الضغط النفسي لدى الطالب أو الطالبة (وكما قيل إن الضغط يولد الانفجار).
واستشهد بقصة حدثت مع أحد الطلاب، إذ كانت والدته أيام الاختبار تضغط عليه في الدراسة فكانت تحرمه من كل شيء، وفي النهاية تفوق في المرحلة الابتدائية والمتوسطة ولكنه عندما وصل إلى نهاية مطاف الدراسة وهي المرحلة الثانوية، التي لم تعد والدته قادرة على فرض سيطرتها عليه أخفق، ولم يستطع أن يدخل الجامعة، وذلك بسبب تدني درجاته نتيجة الضغط النفسي لديه، والكبت الذي كان يتولد عليه عند كل امتحان".
كما أكد أحمد عبد العزيز طالب أنه يشعر بالخوف من الاختبار ويعيش ضغطا نفسيا كبيرا، مشيرا إلى أن البيئة المحيطة به من معلمين وزملاء هم السبب في ذلك.
وقال:" اختباراتنا لا تحقق العدالة فكيف يقاس الطالب بورقة يؤديها في وقت وجيز، وتنسى بقية الأيام الماضية بكل ما فيها من جهد ومثابرة".
أما زملاؤه نايف عبد المحسن، وأحمد عوض المطيري فيصفان شعور هما مع بدء الاختبار بالخوف والقلق والرهبة، وقلة النوم، وهذا الشعور يبدأ من فترة طويلة تسبق الامتحان بشهر تقريبا، خاصة وهما في الصف الثالث الثانوي، والمعدل بالنسبة لهما إما الكلية التي يرغبان، وإما المصير المجهول. وحملا المدرسة الجزء الأكبر من هذا التوتر، فالمعلمون من بداية الدراسة وهم يقولون إن هذه المرحلة مهمة، وأسئلة الوزارة معقدة، فهي أصعب مرحلة تمر عليك، كما أنها تمثل مستقبلك.
من جهته، أكد مهند عبد الله الرشيد طالب جامعي، أن طريقة الاختبارات تسبب في شد الأعصاب، خاصة أننا كل يوم نختبر مادة، فعندما نخرج من مادة وجدنا فيها صعوبة، نصاب بإحباط في المواد التي تليها.