هل ستواجه "جوجل" ما تعرضت له "مايكروسوفت"؟
من الواضح أن "جوجل" تضغط بشدة على "مايكروسوفت". لقد كان مديرو "مايكروسوفت" يأملون في أن يحقق الإعلان على الشبكة لخزائن شركتهم مزيدا من الدخل في المستقبل، غير أن "جوجل" سبقتهم إلى ذلك بشرائها شركة دبل كليك العاملة في مجال تسويق الإعلانات على الشبكة من تحت أنف شركة مايكروسوفت وهو ما دفع الأخيرة لشراء شركة أكوانتيف. ومن المعروف أن "مايكروسوفت" قامت بالاستيلاء على "أكوانتيف" بضعف الثمن: أي بستة مليارات دولار وهو ما يساوي 80 ضعف الربح الذي كانت شركة أكوانتيف تسعى لتحقيقه في العام الجاري.
لم يكن الأمر مجرد جعجعة بلا طحن، إذ ما كادت "جوجل" تعلن عن صفقة "دبل كليك" حتى هرع مديرو "مايكروسوفت" مستصرخين نفس الجهة التي عملت دائما على تعقيد حياتهم هم بالذات، أي سلطة المنافسة. هذا وتقدر "مايكروسوفت" أن 80 في المائة من إعلانات الإنترنت تمر عبر الخوادم (سيرفرز) التابعة لـ "جوجل". ويبدو أن "جوجل" تعد العدة لأن تكون المحتكر الجديد لعالم الإنترنت. فمن خلال أداتها للبحث، تسيطر "جوجل" في هذه الأثناء على كل ما هو موجود على شبكة الإنترنت من معلومات. وبالتالي لم يعد ثمة مجال لهذه الشركة لأن تصبح أشد سطوة مما هي عليه الآن.
ولكن ثمة فرصة كبيرة لأن تواجه "جوجل" ما تواجهه "مايكروسوفت" في هذه الأيام. ثمة حقيقة مفادها أن الشركة ستبقى معيارا للأشياء لبضعة سنوات مقبلة طالما بقيت تكنولوجيتها على المستوى المطلوب. وبالأموال التي تكسبها الشركة ستتمكن من تكييف منتجها بما يتماشى والتطورات الجديدة وبالتالي ستطيل من عمر عنفوانها بعض الشيء. ولكن في وقت ما، يمكن أن يجيء شبان صغار السن بفكرة جديدة أفضل، ليجسدوها في منتج ما وينطلقوا إلى الأمام بسرعة بحيث لن تتمكن الشركة الكبرى من اللحاق بهم. ومن المعروف أن هذه هي اللعبة المتبادلة التي تلعبها الاحتكارات على الدوام.
وهذا ما يجب على شركة آي بي إم أيضا أن تتعلمه، ففي عام 1981 طرحت الشركة أول كمبيوتر شخصي في الأسواق، وسرعان ما أصبح هدفا لغالبية المنتجين الآخرين الذين أنتجوا أجهزة متوافقة مع جهاز آي بي إم , واحتفت الصحف بهذا الحدث، وقيل حينها إن: آي بي إم قد عثرت فيما يبدو على وصفة للشباب الدائم والحيوية. ولكن في هذه الأثناء تعد آي بي إم نفسها سعيدة لتمكنها من بيع قسم الكمبيوتر الشخصي للصينيين – لأن الكمبيوتر لم يعد قطاعا يبشر بالنمو.
ولكن لدى "جوجل" أيضا بعض التطورات التي يمكن أن تتحول ذات يوم إلى نقاط ضعف حاسمة. وأحد الأمثلة على ذلك مصادر دخل الشركة. وفي الحقيقة أن المؤسسين لاري بيج و سيرجي برين قد قاما ببعض المحاولات لاقتحام أسواق إعلانية أخرى، ولكن مع ذلك بقي 99 في المائة من الدخل مصدره الإعلانات على شبكة الإنترنت.
وفي الوقت نفسه ليس من المستبعد تطوير أدوات بحث أفضل في الوقت الذي تسعى فيه "جوجل" لاستقطاب مستخدمي الشبكة إلى جانبها بواسطة أداة البحث خاصتها بشكل أساسي. أما بالنسبة إلى البحث في المدونات فليست "جوجل" هي محطة البحث الأولى على أية حال. كما أن "جوجل" ليست في المستوى المطلوب في مجال توفير المعلومات المتعلقة بموقع معين. ومن المحتمل أن يكون المنافسون لـ "جوجل" موجودين الآن، ففي كل مكان في العالم يعمل الخبراء على تطوير أدوات بحث أفضل، مثلا أدوات بحث يمكن لمستخدميها أن يطرحوا عليها أسئلة كما لو كانت من بني البشر.
إن هذه اللعبة المتبادلة بين الشركات الاحتكارية ستستمر بدون شك طالما ظلت تقنية المعلومات تتطور بنفس السرعة التي تطورت بها خلال العقود الماضية. ومن المعروف أن تقنيات جديدة، وبالتالي أنماط عمل جديدة أيضا لا بد أن تتطور في مكان ما، لتحل محل التقنيات والأعمال القديمة، وليس من المحتمل أن يتم ذلك في مكاتب شركة جوجل.