نخيل الزيت يهدد بانقراض "إنسان الغاب" في آسيا
قيدت أذرع وأقدام إنسان الغاب فيما ينتظر مصيره في صمت، بينما تجمع حشد صغير من المزارعين لمراقبة ما سيحل بالحيوانات التي أسرت وهي تشن غارة على أشجار نخيل الزيت.
وتسابق ماليزيا وإندونيسيا آخر موطنين متبقيين لهذه الحيوانات الزمن لتحويل الغابات إلى مزارع نخيل الزيت المربحة لتضل آلاف الحيوانات طريقها معترضة طريق هذه التجارة العالمية.
وتقول الأمم المتحدة، إن إنسان الغاب يمكن أن ينقرض في البرية في غضون عشر سنوات، ولكن المزارعين يصفون هذه الحيوانات بالآفات لتسللها من موطنها الأصلي في الغابات التي تتناقص مساحاتها إلى مزارعهم لتأكل براعم أشجار نخيل الزيت.
ويناضل مركز نيارو منتنج بورنيو لإنقاذ إنسان الغاب في كاليمانتان الوسطى لتفادي تحقق هذه التوقعات المقبضة، وينقذ المركز الحيوانات التي تؤسر ويعيدها للبرية وتصل تكلفة إنقاذ الحيوان الواحد إلى ثلاثة آلاف دولار.
وتقول لوني دروشر نيلسن مؤسسة المركز وهي هولندية المولد "سيقتلون الحيوانات إذا لم نذهب لأخذها ... قتل إنسان الغاب أرخص من إقامة سور أو شراك".
ورغم أن إلحاق الأذى بإنسان الغاب عمل غير مشروع، فقد جمع مركزها صورا مفزعة تُبيّن مصير الحيوانات التي تتسلل إلى المزارع، فالبعض قطعت يداه أو ذبح، والبعض الآخر أصيب بالرصاص في رأسه.
ومع أسر العشرات هذا العام امتلأت الأقفاص وأصبح إيجاد أرض آمنة لإطلاق سراحها يمثل تحديا مستمرا للمركز.
وتضيف "لا يقتصر الأمر على إنسان الغاب .. الدببة والقردة .. الجميع يفقد موطنه".
ومضت قائلة "إذا كان إنسان الغاب فقط .. سيكتفي الناس بقولهم.. حسنا إنه الفصيل الوحيد الذي سينقرض.. "، ولكنه ليس فصيلا واحدا، يوجد ملايين الحيوانات في تلك الغابات، وستنقرض جميعا إذا استمرت الحال على هذا النحو".
وتنتج إندونيسيا وماليزيا 83 في المائة من الإنتاج العالمي من زيت النخيل، ويستخرج الزيت من الأزهار الطازجة، وقد ارتفع سعر الزيت الخام، ولونه بني ضارب إلى الحمرة، بنسبة 17 في المائة منذ بداية هذا العام، وكان قد ارتفع 40 في المائة في العام الماضي.
وزيت النخيل ثاني أكثر الزيوت النباتية انتشارا في العالم بعد زيت فول الصويا ويستخدم في صناعة الكعك ومعجون الأسنان والبوظة (آيس كريم) والخبز.
وتزايد الطلب على الوقود الحيوي المصنع من زيت النخيل رغم اعتراض منتقدين على هذا البديل "الأخضر" للنفط الخام باهظ الثمن نظرا لتسببه في تدمير الغابات لإفساح الطريق لزارعة أشجار نخيل الزيت.
وتقول جماعة أصدقاء الأرض للحفاظ على البيئة إن أربعة ملايين فدان من مساحة الأراضي التي زرعت عليها ماليزيا وإندونيسيا أشجار نخيل الزيت في عام 2004، وبلغت إجمالا 6.5 مليون فدان كانت غابات في السابق. وإزالة الغابات مسألة حياة أو موت لإنسان الغاب.
ويقول سويجانتو (43 عاما) المسؤول في وزارة الغابات وهو يشير لصفوف متتالية من أشجار نخيل الزيت في كاليمانتان الوسطى، آخر معقل لإنسان الغاب "يمكن أن تروا مدى حرج الوضع".
وتابع "تعرف الشركة أن إنسان الغاب يتمتع بالحماية، وحين تحصل على تصريح بإزالة 60 ألف فدان تزيل 60 ألف فدان سواء وجد فيها إنسان الغاب أم لا. لا يهمهم إلا الربح".
وترحل الحيوانات التي يتم أسرها إلى مركز إنقاذ حيوانات إنسان الغاب حيث تطلق الحيوانات السليمة في عمق الغابات، بينما تنضم الحيوانات المصابة أو الصغيرة لنحو 600 حيوان آخر في مركز لإعادة تأهيل.
وترعى 40 امرأة من سكان المنطقة 18 حيوانا يتيما ويقدمن
لها الألبان والأدوية ويراقبنها وهي تتسلق الأشجار وتبني أعشاشا.
وتقول سوكاواتي "لايزال البعض يعتقد أنها مهنة غريبة، ولكن البعض الآخر يراها أمرا عاديا الآن".
وتضيف "إنها ذكية ومسلية.. تضحكني.." وفي نهاية المطاف تطلق الحيوانات في الغابة.
وفي وقت سابق عاش إنسان الغاب في جميع أرجاء جنوب شرق
آسيا. والآن لم يتبق سوى 7300 في جزيرة سومطرة و50 ألفا في
جزيرة بورنيو. ويختفي خمسة آلاف حيوان كل عام.
وعلى مدار عقود من الزمن فقد إنسان الغاب موطنه نتيجة عمليات قطع الأشجار غير القانونية وحرائق الغابات المهلكة في كل عام، فضلا عن عمليات الصيد غير القانونية مقابل مئات الدولارات التي أدت أيضا إلى تراجع أعدادها. ويقول خبراء إن التهديد الأخير هو الأخطر.
وصرح بهايو بامونجكاس من الصندوق العالمي لصون الطبيعة "يمكن لإنسان الغاب تحمل مدى معين لعمليات قطع الأشجار، لأن معظم
الحطابين لا يقطعون الأشجار التي يقتات عليها إنسان الغاب". وتابع "ولكن ليس أمامهم فرصة مع زيت النخيل .. لا مفر إذا أزالوا الغابات بالكامل".