ماذا ستضيف شركات الوساطة إلى السوق المالية ؟
E-mail: [email protected]
طبعا كما هو معلوم فإنه حسب أنظمة السوق المالية فإنه سيتم عزل شركات الوساطة والصناديق الاستثمارية عن أعمال البنوك, حيث إن المواطنين وخلال فترة طويلة تعودوا التعامل مع البنوك في عمليات بيع الأسهم وشرائها ونقل ملكيتها. ولا شك أن هناك تساؤلا: ما الذي ستضيفه شركات الوساطة للسوق المالية السعودية بعد أن أصبحت اليوم واقعا يتطلب التعامل معه لبيع الأسهم أو شرائها, والاشترك في الصناديق الاستثمارية؟
إذا ما تحدثنا بشكل عام عما يمكن أن يقال عنه سبب عزل عمل البنوك عن عمليات التداول, نجد أن هذا قد يعيدنا إلى ما يمكن أن يقال عنه إنه لا بد للبنوك أن تمارس نشاطها الأساسي, وهو عمليات التمويل, والابتعاد عما يمكن أن يقال فيه تضارب المصالح الناتجة عن الإشراف على البيع والشراء, مع الإشراف على صناديق استثمارية تتداول في السوق المالية السعودية.
ما سبق بالطبع يتعلق بنواح تنظيمية تسهم في تحقيق العدالة والشفافية, وإيجاد حالة أفضل من تكافؤ الفرص للمتداولين في السوق, وفتح مجال جديد للشركات والمؤسسات للحصول على فرصة أكبر للاستثمار والحصول على حصة من الأرباح, في سوق يصل متوسط حجم التداول اليومي فيها إلى ما يزيد على عشرة مليارات ريال.
وبعد هذا نرجع إلى ما يمكن أن يكون محل تساؤل للمستثمر: ما الذي ستضيفه هذه المؤسسات إلى السوق السعودية؟ وماذا سيستفيد المتداولون من تغيير نمط التعامل من البنوك المحلية إلى شركات وساطة خارج أروقة البنوك؟
كما سبق الإشارة إليه فإن البنوك في الأصل عملها الاستثماري يتركز على عمليات التمويل والإقراض, إضافة إلى بعض الخدمات الأخرى, ودخولها في عمليات إدارة الأوراق المالية في فترة من الفترات هي عبارة عن مرحلة من المراحل لعدم وجود البديل المناسب, ولكن الوضع الطبيعي هو أن تكون هناك شركات وساطة متخصصة في عمليات بيع وشراء الأسهم, وإدارة الصناديق الاستثمارية, وعمليات ترتيب عمليات إدراج شركة ما في السوق.
لعل من أبرز ما لاحظه المتداولون خلال الفترة السابقة أن بعض شركات الوساطة اليوم بدأت تعطي نوعا من التقييم للشركات, فقد تم تقييم شركة سابك بسعر 155 ريالا, وسبق أيضا تقييم سهم "الاتصالات" بسعر 80 ريالا قبل ذلك, وهنا نجد الاحترافية, حيث إن المستثمرين ومنذ أن زاد عددهم بشكل كبير جدا في الفترة الماضية, وطبعا هذا العدد الكبير تتفاوت خبراتهم بشكل كبير, كان لا بد أن يكون هناك دور منوط بشركات الوساطة, وهو عبارة عن إعطاء تقييم السعر المناسب للسهم في السوق, بناء على أداء الشركة, وبالتالي يستطيع المستثمر بناء قراراته على أسس واضحة, وغير عشوائية.
من المتوقع أيضا أن تكون هناك دراسات أعمق تقدمها تلك شركات الوساطة, تنبني على توقعات مستقبلية لأداء الشركات المساهمة, خصوصا الجديدة منها في السوق, ولو أخذنا شركة مثل كيان أو ينساب, فإن المستثمر يحتاج إلى أن يتعرف أكثر على الشركة, فيحتاج مثلا إلى التعرف على نوع المنتج الذي ستنتجه تلك الشركات, ومتى سيبدأ الإنتاج, وعن الكميات التي ستنتجها تلك الشركات من ذلك المنتج, والسعر الحالي للمنتج في الأسواق العالمية, وتوقعات السعر المستقبلي بناء على حجم الطلب في السوق وحجم المنافسة في السوق.
يمكن لنا أيضا أن نستشف من خلال عمل تلك المؤسسات أن يكون هناك نوع من الثبات في السوق, حيث إنها ستركز على الشركات الرابحة ذات العوائد والنمو الجيد وأن يكون السعر المستهدف للشراء هو قاع السعر الفعلي للسهم, والسعر المستهدف للبيع هو قمة سعر السهم, وهذا من شأنه أن يعطي إشارات واضحة للمستثمرين بدلا من التذبذبات التي تفقد الثقة بالسوق, وتجعل المستثمر متخوفا من فقدان مدخراته.
كذلك من الممكن لهذه الشركات أن تسهم بشكل أو بآخر في تحسين وضع الشركات, فبحكم أنها متخصصة في الأوراق المالية يمكنها عبر الاستحواذ على نسبة من الشركات المساهمة أن يكون لها صوت كاف لإحداث تغييرات في قرارات مجالس إدارات الشركات المساهمة, وبالتالي تطوير تلك الشركات.
لا بد لمثل هذه الشركات – أعني شركات الوساطة – أن تعطي مزيدا من الاهتمام لعملائها بتقديم خدمات دراسات وإحصائيات عن السوق, وتقديم النصيحة للمستثمر, وذلك مقابل العمولة التي تتقاضاها من المستثمرين, في مقابل عمليات البيع والشراء.