المسلمون الهنود ممزقون بين أسهم "القمار" والمنتجات الربوية وبين انعدام للاستثمارات الباحة

المسلمون الهنود ممزقون بين أسهم "القمار" والمنتجات الربوية وبين انعدام للاستثمارات الباحة

أكثر من 140 مليون هندي مسلم ممزقة قلوبهم بين أحلام الثراء الوردية والنفاذ إلى سوق الأسهم الهندية المزدهرة وشركاتها الربوية وبين الإحجام عن ذلك تنفيذا للتعاليم الدينية. إحدى شركات الوساطة في المقاطعات الهندية تمكنت من إيجاد حل لهذه المعادلة الصعبة بأن أوجدت قائمة بأسماء الشركات المدرجة التي تمتثل للشريعة.

في شهر أيار (مايو) 2007، حين تجاوز مؤشر سينسكس الهندي 12.000 نقطة، توجه أحد المستثمرين المسلمين إلى أشرف محمدي، المدير التنفيذي لشركة إضافة Idafa للاستثمار، بسؤال.
كان المستثمر يريد معرفة إذا ما كان يحل أو يجوز من وجهة نظر الدين الإسلامي الاستثمار في أسهم شركة Mid Day Multimedia للإعلام، وهي شركة تدير صحيفة شعبية، وكغيرها من العديد من الصحف فإنها تنشر صوراً لنساء شبه عاريات.
كان رد محمدي مدير شركة إضافة، وهي إحدى شركتين هنديتين للوساطة تعملان وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية مع نظيرتها بارسولي، أنه قام على الفور بشطب اسم الشركة التي تصدر الصحيفة من قائمته للشركات التي يمكن للمسلم أن يستثمر فيها دون المساس بمبادئه الدينية. وتمثل منطق محمدي في أن الصور تسيء لقرّاء صحيفة التابلويد تلك، ولذلك "فإن كل ما يسيء لأي شخص يتنافى مع الإسلام"، كما يقول.
وحتى بحر هذا الأسبوع، ارتفع مؤشر سينسكس إلى نحو 14.576 نقطة بعد أن تجاوز في الشهر الماضي 14.000 نقطة على أثر موجة من الارتفاع السريع.
ويقول فريد باتا والا، وهو أحد المتداولين:" ولكن حتى مع اكتساب الاستثمار الإسلامي والخدمات المصرفية أرضية في أنحاء عديدة من العالم، يجد المسلمون الهنود المحرومون من معظم العروض التي تتفق وأحكام الشريعة الإسلامية، أنفسهم ممزقين بين الدافع للاستثمار في سوق الأسهم التي تشهد طفرة وازدهاراً، حيث ارتفعت بنسبة 47 في المائة في عام 2006، وبين معتقداتهم الدينية التي تحرم عليهم الكسب من المضاربة أو من المنتجات التي تولد الفائدة الربوية".
ويتابع في حديثه لصحيفة "هيندوستان تايمز": حتى المسلمون المتعلمون غير متأكدين مما إذا كانوا يستطيعون الاستثمار في سوق الأسهم، وأن معظمهم يكنزون الثروة ويخبئون الأموال المكدسة في مخداتهم ومراتبهم".

البحث عن أرضية مشتركة
ولكن رغم الجهود الوليدة التي يبذلها كل من "إضافة" و"بارسولي"، فإن ندرة الفرص ليست أفضل حالاً في الأسهم منها في الخدمات المصرفية. خذ مثلاً فيصل أحمد، وهو صانع بخور يعمل في بنجالور. إنه يعمل في سوق الأسهم منذ ثلاث سنوات تقريباً، ويخسر في عمليات التداول اليومية ويواجه غضب والده لأنه يفعل شيئاً يحرمه الإسلام . ويقول أحمد إنه قابل عشرات الشيوخ في الدين وسألهم عن رأي الشرع بخصوص الاستثمارات في سوق الأسهم. وفي كل مرة قابل فيها أحد العلماء، كان عليه أن يشرح له أن امتلاك الأسهم لا يندرج بالضرورة تحت نشاط المضاربة، لأن امتلاكها يعني تملك جزء من الشركة. ويقول ابن الخامسة والثلاثين" إنهم يعرفون القرآن وأنا أعرف عن السوق، ولكن كان من الصعب إيجاد أرضية مشتركة بين الاثنين".
كان يمكن لأحمد الذي يقوم دائماً بجمع الآراء الدينية حول الاستثمار أن يستفيد كثيراً من أول ندوة عقدت في الهند حول الاستثمار الإسلامي، ناقش فيها 1100 مستثمر - جلهم من المسلمين - الحجج التي تساق ضد العمل في سوق الأسهم، في الشهر الماضي.
وحضر الهنود المسلمون من شتى فئات المجتمع - محامون، وعاملون في المجال الاجتماعي، ونساء يرتدين البراقع وحتى أئمة ملتحون - وذلك استجابة لإعلانات نشرت في صحيفة ناطقة باللغة الأوردية دعتهم إلى حضور هذا المؤتمر حول الاستثمار.
وحاول محمدي أن يحوز ثقة المستثمرين عبر ضم بعض علماء الدين كالمفتي عبد القيوم الذي يستثمر بدوره في سوق الأسهم لفريقه. ويقول عبد القيوم:" المسلمون لم يدخلوا السوق لأنهم من الناحية التقليدية يعتبرونها ضرباً من ضروب القمار، ولكنهم يرون الآن أن هنالك فرصاً لجني المال بطريقة محللة شرعاً".

القائمة المباحة
في الحقيقة، هناك تزايد في عدد المسلمين الذين بدأوا يطرقون أبواب سوق الأسهم، كما يستدل من أعدادهم المسجلة لدى شركة إضافة. ويقول محمدي من بين قاعدة مستثمريه البالغ عددهم ألف مستثمر، انضم إلينا نحو 350 منهم في العام الماضي وحده. يوجد في مكتب شركة إضافة ثلاثة أجهزة تلفزيون موضوعة على قنوات مالية، ويقع المكتب في مبنى متداع بالقرب من سوق كروفورد، ولكن متعلقاته تدل على أنه دار للوساطة رغم أن الإثارة ليست نفسها بالتأكيد، وذلك لعدة أسباب منها أن التداول اليومي الذي يتم فيه جني المال نتيجة للتقلبات اليومية للأسعار أثناء التداول مُحرّم شرعاً. ومع ذلك يقول محمدي إن متوسط العوائد السنوية لزبائنه يراوح في العام الماضي بين 30 و40 في المائة.
ويقوم محمدي بتحديث قائمته الخاصة بالأسهم المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية بشكل منتظم. وفي هذه اللحظة تضم هذه القائمة نحو 15 في المائة من الشركات المدرجة في البورصات الهندية - وهي 780 شركة من 4600 شركة.
في الحقيقة، لا يتقيد جميع المستثمرين المسلمين بأحكام الشريعة الإسلامية. فمن بين زبائن محمدي، روشان نيكاف البالغة من العمر 75 عاماً، وهي والدة أشهر الواعظين المسلمين في التلفزيون الهندي الدكتور زكيب نيكاف. وتقول هذه المرأة التي تستثمر في السوق منذ ما يربو على ثلاثة عقود، إنها كانت تستثمر في البداية في أسهم الفنادق وغيرها من الأسهم غير المحللة، رغم أنه منذ ذلك الوقت حولت حقيبتها إلى الاستثمار في الأسهم التي تتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية احتراماً لابنها الواعظ. وهي مسلمة ملتزمة لأنه ليس لديها حساب ادخار في البنك أو حتى بوليصة تأمين.
يقول طارق قريشي، وهو متداول وتاجر يتخذ من مومباي مقراً له، ويعمل في تصدير اللحوم والملابس والآلات: "أشعر في الحقيقة، بضرورة أن أكون مؤمّناً. ولكن حين يتعلق الأمر بالأسهم، فإنه بالتأكيد يسلك الطريق الصعب، إذ يقول: "هناك الكثير من الأسهم التي نرغب في شرائها، ولكن علينا أيضا أن نفكر في الآخرة".

الأكثر قراءة