الإغراء الخطير لـ 70 ساعة عمل أسبوعيا
مات الأسبوع الذي يعمل فيه المرء 40 ساعة، ولكن الناس لا يكتفون فقط بعمل ساعات أطول، بل إنهم يقومون بأعمال أكثر إجهاداً تستغرقهم 60 ساعة في الأسبوع، وتتطلب تحملاً لطلبات الزبائن لسبعة أيام أسبوعيا، والوفاء بمواعيد أدق، وتطورات غير متوقعة على صعيد إنجاز مهام العمل.
غير أن من الأمور الغريبة ألا يشعر أصحاب تلك الأعمال المضنية بأنهم مستغلون، بل يحسون بالتعظيم. ويحب بعضهم التحدي الفكري، ونشوة إنجاز أمور كبرى، بينما يطمح آخرون إلى نيل المكافآت الكبرى التي يحصلون عليها نتائج طول ساعات العمل.
وتعمل تلك المهام المضنية على تغذية ارتفاع الأدرينالين لدى بعض العمال، كما أنها تضخم قوى المنافسة لدى أمم بأكملها. وينتشر هذا النوع من المهام في موضوعات عديدة تشمل طيفاً واسعاً من شركات الخدمات المالية، الاستشارات، الخدمات الطبية، القانونية، والتصنيع.
ومع ذلك، ترى الباحثتان هيوليت، ولوس، إشارات إلى مخاطر قائمة تتعلق بالجوانب الصحية، والمشاكل العائلية الخاصة بموظفي المهام الشاقة، إضافة إلى أنها تؤدي إلى تآكل الإنتاجية على مستوى الشركة، حين يعاني أصحابها تلك النتائج الضارة لها.
ومن المحتمل أن تؤدي المهام الشاقة إلى إثراء شركتك على المدى القصير، ولكن هل تستطيع الصمود أمام التكاليف على المدى الطويل؟
ما درجة مشقة الأعمال في شركتك؟
تتصف معظم الأعمال المضنية، إضافة إلى عمل لمدة 60 ساعة أسبوعيا، ومواعيد إنجاز دقيقة وضاغطة، وتكليفات عمل لا يمكن توقعها، بعدد من الخصائص المشتركة:
حجم من المسؤولية غير متناسب مع القدرات.
أحداث متعلقة بالعمل خارج ساعات العمل المعتادة.
المسؤولية عن الأرباح والخسائر.
المسؤولية عن التدريب والتوظيف.
أسفار كثيرة.
أعداد كبيرة من المرؤوسين المباشرين.
وجود فعلي في مكان العمل يزيد على عشر ساعات يومياً.
لماذا تزداد الأعمال المضنية؟
أدى تداخل قطاعات العمل إلى زيادة كبيرة في الأعمال المضنية، من حيث:
الضغوط التنافسية: في ظل تراجع عدد الوظائف الإدارية العليا بسبب موجة الاندماجات بين الشركات، وتدفق المواهب الناجمة عن جهود التنويع، تكثفت المنافسة على وظائف الدرجات الرفيعة. ويجتهد الناس في العمل بصورة أفضل من نظرائهم لكي يحلوا محلهم.
المزاج الشعبي العام المتطرف: يميل كثير من الناس إلى الأعمال المتطرفة في نظر المجتمع، بحيث تصيبهم نشوة ممارسة الألعاب الرياضية الخطرة، وتستهويهم عروض البرامج التلفزيونية المثيرة. ودخلت تلك الأمزجة الشعبية عالم النشاطات العملية، بحيث أظهرت الأعمال المضنية بصورة مرغوبة وعظيمة.
تقنيات المعلومات: شجعت التقنية حدوث تحول في توقعات الناس وسلوكهم. وبدلاً من وضع حدود لعملهم اليومي، فإنهم يظلون دائمي الاتصال من خلال هواتفهم الجوالة، أو أجهزة الموسيقى الخاصة بهم.
اعتبار العمل مركزاً اجتماعياً: يسعد بعض الناس بالعمل لساعات متأخرة حين يكون أصدقاؤهم وأحباؤهم في مكان العمل. وهم يضحون بذلك بأسرهم وحياتهم الخاصة. ويصبح العمل، وليس المنزل، هو المكان الذي يحصلون فيه على الإعجاب والاحترام.
الأعمال القائمة على المزيد من المعرفة: تمتلئ الشركات في أيامنا هذه بالأشخاص الذين يستخدمون أدمغتهم بأكثر مما يستخدمون أيديهم. وهم يتمتعون بتبادل الأفكار مع الأقران، ويجدون أن ساعات العمل الطويلة تعمل على تحفيزهم، دون أن تسبب لهم الألم.
العولمة: مع توسع مجالات العمل على الصعيد الدولي، تتوسع الحاجة إلى مراقبة سير العمل في مناطق مختلفة التوقيت، مما يزيد من متطلبات سفر المسؤولين عن الشركات.
هل هناك جانب مظلم في ذلك؟
تظهر الإحصاءات الموثوقة الحقائق التالية:
36 في المائة من الذين يعملون ساعات مضنية، وتراوح أعمارهم بين 25 – 34 سنة، يقولون إن من المحتمل تركهم العمل خلال سنة.
69 في المائة ممن استجابوا إلى أسئلة الاستبيان يعتقدون أنهم سوف يصبحون في صحة أفضل لو عملوا ساعات أقل.
58 في المائة منهم يعتقدون أن متطلبات عمل الساعات الطويلة تقف حائلاً دون علاقات أوثق مع أطفالهم.
65 في المائة منهم يقولون إنهم سوف يضحون بأي ترقية تتطلب منهم المزيد من الجهد.