توقعات بانخفاض معدل الناتج المحلي الأمريكي في الربع الأول إلى 0.7 %
أنهت أسواق الأسهم الأمريكية تعاملاتها في الأسبوع الماضي على انخفاض طفيف وكان من المُمكن أن تُحقق بعض الارتفاع لولا صدور تقارير اقتصادية تتعلق بمبيعات المساكن وحجم الطلب على السلع المُعمرة، مما أدى إلى انحسار التفاؤل بأن يتم تخفيض الفائدة من قبل البنك المركزي خلال الفترة المقبلة، وهذا ما سيتضح معنا بالتفصيل في ثنايا التقرير، وقد فشل مؤشر S&P 500 من ملامسة أعلى مستوى له منذ شهر آذار (مارس) عام 2000 مع أنه اقترب منه قليلا وقد أنهى مؤشر S&P 500 أداءه منخفضاً بنسبة 0.46 في المائة وبقية المؤشرات انخفضت بنسبة لا تتجاوز 1 في المائة ويُعتبر انخفاض "ناسداك" هو للأسبوع الثالث على التوالي.
يأمل المُستثمرون في سوق الأسهم أن يتخذ البنك المركزي قراراً بتخفيض الفائدة، وهذه الآمال تزداد كلما لمس المُستثمرون انخفاضاً في مبيعات المساكن وتأكيد ركودها أو انخفاض في حجم الطلب على السلع المُعمرة، حيث يعتقدون أن هذه المؤشرات ستدفع البنك المركزي إلى تخفيض الفائدة لدفع الشركات والمؤسسات الصغيرة إلى الاقتراض ولتحقيق مشاريع وتحريك عجلة الاقتصاد وتحفيز المستهلكين، لكن هذه الآمال والتوقعات اهتزت مع صدور تقريرين الأول يُظهر ارتفاع مبيعات المساكن الجديدة لشهر نيسان (أبريل) إلى 981 ألف وحدة سكنية أي أكثر من المُتوقع وهو 860 ألف وحدة سكنية، ومثلها ارتفع الطلب على السلع المُعمرة في نيسان (أبريل) بنسبة 0.6 في المائة، لكن لا يُمكن بعد هذه المؤشرات الجزم بشيء، حيث اعتدنا أن تتغير نفسيات المُستثمرين وتتأرجح بين الخوف والطمع ويتغير مجرى الأمور.
على صعيد أخبار الشركات فلدينا أمران اثنان الأول هو نتائج أرباح الشركات الفصلية وأخبار الاستحواذ والاندماج التي يُعلن عنها، فقد أصبحت موضة تكتسح أسواق العالم، ونبدأ بأهم الشركات التي أعلنت عن نتائجها حيث توجه الاهتمام إلى شركات التجزئة التي أعلنت نتائج أفضل من المُتوقع مثل شركة Target وGap على عكس نتائج كل من Wall-Mart وHome Depot اللتين أعلنتا في الأسبوع قبل الماضي نتائج وتوقعات غير مرضية مما زاد الخوف على صحة قوى الاستهلاك التي هي بمثابة الرئة التي يتنفس بها الاقتصاد الأمريكي.
والشق الثاني من أخبار الشركات هو عمليات الاستحواذ والاندماج التي تعالى صوتها في الأسبوع قبل الماضي حيث استحوذت شركات على أخرى وكذلك صناديق ومُستثمرين كبار على شركات مُساهمة، فأُعلن يوم الإثنين الماضي عن استحواذ على شركة Alltel بقيمة 27.5 مليار دولار وكذلك استحواذ kirk kerkorian على شركة MGM Reesort بقيمة عشرة مليارات دولار وتقدم شركة "كوكا كولا" بعرض شراء Glaceau صانعة منتجات Vitaminwater بقيمة 4.1 مليار دولار، وعرض آخر من شركة ناسداك لشراء شركة Nordic مُشغلة سوق OMX بقيمة 3.1 مليار دولار، نسمع هذه الأرقام ولا نملك إلا التحديق فيها لضخامتها، والأهم هو ما وراء هذه الصفقات هو أن بعض الصناديق الاستثمارية الخاصة تتملك حصصا كبيرة في هذه الشركات لإعادة تأهيلها إن صح التعبير بتحويلها من مساهمة عامة إلى خاصة ثم طرحها من جديد، ومما لا شك فيه أن هناك حراكا قويا عنيفا على صعيد الاستحواذ والاندماج تشهده شركات التكنولوجيا فرضته الحاجة إلى ملاحقة التطور التقني واحتياجات السوق.
الأسبوع الحالي
ينتظر المُستثمرون هذا لأسبوع جدول مزدحم من البيانات والمؤشرات الاقتصادية ومما لا شك فيه أن هذا سيؤدي إلى تحريك السوق فلدينا بيانات ستصدر عن معدل الناتج المحلي GDP للربع الأول بعد المراجعة والذي قد يهبط إلى مستويات منخفضة لم يُسجلها منذ أربع سنوات وتصل إلى 0.7 في المائة بعد أن كانت 1.3 في المائة في آخر قراءة له في الشهر الماضي، بينما على الجهة الأخرى يتوقع ارتفاع مؤشر ISM وارتفاع عدد الوظائف الجديدة لشهر أيار (مايو) والذي سيُعلن نهاية الأسبوع ومطلع شهر حزيران (يونيو) يوم الجمعة المقبل الذي سيكون مزدحماً أكثر من غيره بالبيانات والمؤشرات الاقتصادية.
الحدث الأهم هو تقرير عدد الوظائف الجديدة الذي سيُعلن عنه يوم الجمعة حيث يُتوقع ارتفاع عدد الوظائف من 88 ألف وظيفة في نيسان (أبريل) الماضي على 140 ألف وظيفة في أيار (مايو) الحالي كما يُتوقع أن تكون نسبة البطالة عند مستوى 4.5 في المائة في أيار (مايو) ولا ننسى أنها ارتفعت من 4.4 في المائة في آذار (مارس) الماضي، ويأمل المُستثمرون أن يؤدي هذا إلى ارتفاع احتمالات خفض الفائدة وأن يستشعر البنك المركزي جدوى مكافحته للتضخم.
يأتي من بعده مؤشر ISM حيث يتوقع أن ينخفض من 54.7 في المائة التي حققها في نيسان (أبريل) إلى 54 في المائة في أيار (مايو) ويبقى أن هذا المستوى هو في المستويات المقبولة جداً كما قد نشهد ارتفاعاً في مبيعات السيارات من خمسة ملايين سيارة إلى 5.2 مليون سيارة وقد تنخفض مبيعات الشاحنات إلى 7.4 مليون شاحنة بعد أن كانت 7.5 مليون شاحنة في نيسان (أبريل) الماضي.
لا ننسى أنه سيتم الإعلان عن مؤشر الاستهلاك الشخصي الأساسي PCE وهو أحد أفضل المؤشرات التي يهتم بها البنك المركزي لقياس التضخم وقد يبقى عند مستواه السابق وهو 0.2 في المائة ويُفضل البنك المركزي أن يبقى هذا المؤشر بين 1 و2 في المائة، كما سيُصدر البنك المركزي غداً الثلاثاء مُلخصا عن الاجتماع السابق الذي عُقد في التاسع من شهر أيار (مايو) وهذا سيضع الاقتصاديين والمُستثمرين على قرب من مداولات أعضاء مجلس البنك المركزي الأمريكي.
التحليل الفني
بالنظر إلى الرسم البياني اليومي Daily Chart يتضح أن ناسداك خرج عن المسار الصاعد الذي بدأه منذ منتصف آذار (مارس) مُنطلقاً من مستوى 2350 نقطة حتى لامس 2600 نقطة، وهذا أشرت إليه في التقرير السابق بشيء من التفصيل وقلت إن جنيّ الأرباح سيبدأ، وإما أن يأخذ شكل الهبوط بعد كسره للمُتجه الصاعد أو يتحرك بشكل جانبي وهو أحد أنماط جنيّ الأرباح المعروفة الذي يجعل الاحتمال الثاني هو الأقوى الحركة الفنية التي يسير عليها مؤشرا "داو جونز" وS&P 500، علماً بأن مؤشر S&P 500 قد كسر المتجه الصاعد يوم الجمعة الماضي ولكن الأيام المقبلة ستُظهر التوجه الحقيقي للمؤشرات الرئيسية.
أكبر إشارة على وجود هبوط ألمحت إليها في التقرير السابق هي اقتراب متوسط عشرة أيام من قطع متوسط 20 يوما والهبوط تحته، وقد حدث وهبط السوق يوم الجمعة بالذات ولكن بعد إغلاق الجمعة أصبح المتوسطان متلاصقين ومن هنا يجب مراقبة مستويات الدعم وهي بين 2520 و2500 نقطة، حيث يوجد متوسط 50 يوما وهبوط "ناسداك" تظهر إشاراته واضحة على الرسم البياني الأسبوعي بالنظر إلى مؤشر "الماكد"، لكن يبدو أن مستوى 2500 نقطة أو المستوى الذي سيوجد عنده متوسط 50 يوما هو الدعم الذي سيحتضن "ناسداك" وتبقى هذه كلها احتمالات، ودور التحليل الفني هو إعطاء القارئ تصورا عن الطريق الذي يسير فيه المؤشر أو السهم ولا يجزم بشيء حيث إن التحليل الفني لا يبيع الوهم.