الإيثار في العبادات
الإيثار في العبادات أقسام, الأول: الإيثار بالواجب مثل رجل عنده ماء لا يكفي إلا لوضوء رجل واحد وهو يحتاج إلى وضوء وصاحبه يحتاج إلى وضوء, فهذا لا يجوز أن يؤثره بالماء من أجل أن يتيمم هو لأن استعمال الماء واجب عليه وهو قادر ولا يمكن أن يسقط عن نفسه الواجب من أجل أن يؤثر غيره به. الثاني: الإيثار بالمستحب مكروه كالإيثار بالمكان الفاضل في الصف الأول مثلا فهذا غايته أن نقول إنه مكروه أو خلاف الأولى.
الثالث: الإيثار بالمباح فهو محمود ومطلوب, ولهذا مدح الله الأنصار, رضي الله عنهم, بقوله سبحانه "يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة". والرابع: الإيثار بالمحرم كمن يؤثر على نفسه شرب المسكر أو المخدر لصاحب له, فهذا حرام عليهما. وإذا وضع رجل سجادته في الصف وخرج من المسجد فإن الصحيح من أقوال العلماء أن لغيره رفعه والصلاة مكانه لأن القاعدة الشرعية "ما كان وضعه بغير حق فرفعه حق" لكن لو خيفت المفسدة برفعه من عداوة أو بغضاء أو ما أشبه ذلك فدرء المفاسد أولى من جلب المصالح, وإذا علم الله من نيتك أنه لولا هذا المصلى المفروش لكنت في مكانه فإن الله قد يثيبك ثواب المتقدمين لأنك إنما تركت هذا المكان المتقدم من أجل العذر. قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى "وليس لأحد أن يفرش شيئا ويختص به مع غيبته ويمنع به غيره وهو غصب لتلك البقعة ومنع للمسلمين مما أمر الله تعالى به من الصلاة, والسنة أن يتقدم الرجل بنفسه وأما من يتقدم بسجادة فهو ظالم ينهى عن ظلمه ويجب رفع تلك السجاجيد ويمكن الناس من مكانها, وعلى الناس الإنكار على من يفعل ذلك والمنع منه, ولا سيما ولاة الأمر الذين لهم هناك ولاية على المسجد فإنه يتعين عليهم رفع تلك السجاجيد, ولو عوقب أصحابها بالصدقة بها لكان هذا مما يسوغ فيه الاجتهاد.
ومن قام من مكان في المسجد لعارض لحقه وحجز مكانه ثم عاد له فهو أحق به لقوله صلى الله عليه وسلم "من قام من مجلسه ثم رجع إليه قريبا فهو أحق به" رواه مسلم.