واشنطن لبكين: الفائض التجاري يؤجج العداء والصبر ينفد
واشنطن لبكين: الفائض التجاري يؤجج العداء والصبر ينفد
أكد هنري بولسون وزير الخزانة الأمريكي أن الأمريكيين "نفد صبرهم" لرؤية الصين وهي تزيد فائضها التجاري الضخم الذي يؤجج مشاعر العداء للصين في الولايات المتحدة.
تأتي تحذيرات المسؤول الأمريكي في افتتاح القمة الاقتصادية الأمريكية الصينية في واشنطن حيث تسعى الولايات المتحدة إلى تهدئة التوترات التجارية وحث الصين على زيادة وارداتها من أمريكا.
وقال بولسون في الجلسة الافتتاحية إن "خلافاتنا السياسية ليست بشأن اتجاه التغيير ولكن بشأن وتيرة التغيير، والأمريكيون لديهم كثير من الفضائل لكنهم أيضا غير صبورين".
كما عقد الجانبان أمس الأول محادثات حول الطاقة والبيئة وهي قضية شائكة حيث تتوقع الإدارة الأمريكية أن استخدام الطاقة في الصين، أسرع اقتصادات العالم نموا، سيفوق استخدام الولايات المتحدة لها خلال 15عاما.
ولم يتم الإعلان عن أي مبادرة جديدة إلا أن الشركات الأمريكية ترى أن الصين تعد بمثابة سوق واسعة لتوليد الطاقة والتكنولوجيا البيئية.
وقال مسؤولون أمريكيون إنه بحضور 16 مسؤولا حكوميا صينيا، تناولت المناقشات الفحم والطاقة النووية وطاقة الرياح والطاقة الشمسية وأنواع الوقود الحيوي. وقال صامويل بودمان وزير الطاقة الأمريكي:" نحن معا في هذا الأمر.. نحن نبحث كيفية استبدال أنواع الوقود الحفري".
وتعد الطاقة مسألة للتعاون الأمريكي الصيني. ولكن تتزايد الضغوط بشدة في الكونجرس الأمريكي لمعاقبة الصين في الوقت الذي بدأ فيه بولسون ونائب رئيس الوزراء الصيني وو يي مفاوضات تستمر لمدة يومين.
وقال بولسون لشبكة تليفزيون (سي.إن.إن) الأمريكية إن فتح السوق الصينية أمام المنتجات والخدمات الأمريكية "سيستحوذ على اهتمام كبير في محادثاتنا".
ويرى كثير من أعضاء الكونجرس الأمريكي الصين باعتبارها شريكا تجاريا غير عادل يبقي أسعار صرف عملته بشكل مصطنع عند سعر متدن من أجل تعزيز صادراته ويقضي على مئات الآلاف من الوظائف في المصانع الأمريكية.
وقال بولسون إن "هناك شكوكا متنامية في كلا الدولتين بشأن نوايا الآخرين، لكنه لسوء الحظ تظهر هذه الشكوك في أمريكا كمشاعر معادية للصين بعد أن أصبحت رمزا من المظاهر المضرة الحقيقية والمتصورة للمنافسة العالمية".
وتضررت أيضا صورة الصين أخيرا في الولايات المتحدة بعد أن أسفر فساد أغذية للحيوانات بها مواد مستوردة من الصين عن مقتل عدد غير محدد من القطط والكلاب.
وفي خطوة تشير إلى إبداء المرونة قبيل مفاوضات أمس الأول الثلاثاء، زادت الحكومة الصينية يوم الجمعة الماضي مقدار ما يمكن أن ترتفع به عملتها أمام الدولار ورفعت أسعار الفائدة للمرة الرابعة خلال 11 شهرا.
لكن جهود بولسون لحث الصين على إحداث تغيير تدريجي تمثل مهمة صعبة في الوقت الذي يهدد فيه الكونجرس بتمرير قانون ضد الصين بهدف حماية الوظائف الأمريكية فيما تشتعل حملة الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2008.
والولايات المتحدة هي أكبر سوق خارجية للمنتجات الصينية، فيما زاد تلهف الأمريكيين إلى المنتجات الصينية رخيصة الثمن من العجز التجاري الأمريكي مع الصين ليسجل مستوى قياسيا عند 233 مليار دولار في العام الماضي.
وكانت العملة الصينية اليوان قد ارتفعت بنحو 7 في المائة منذ تموز (يوليو) 2005 لكن منتقدين للصين يقولون إنها لا تزال عند سعر متدن بشكل مصطنع. ومن أجل الحد من الصادرات الصينية، تضغط الولايات المتحدة أيضا على الصين لرفع أسعار الفائدة.
وكانت الولايات المتحدة قد تقدمت بشكويين ضد الصين أمام منظمة التجارة العالمية في نيسان (أبريل) الماضي بسبب عمليات القرصنة لحقوق النسخ والقيود الصينية على الكتب والأفلام والموسيقى الأمريكية.
وفي آذار(مارس) الماضي، أسقطت الولايات المتحدة أكثر من عقدين من سياستها التجارية مع الصين وفرضت رسوم استيراد على منتجاتها للمرة الأولى بعد مزاعم بأن المنتجات الصينية تحصل على دعم.
وفي سياق ذي صلة، وقعت بنوك التصدير والاستيراد في كل من الصين والولايات المتحدة اتفاقات من شأنها تصعيد وتسريع تمويل المعاملات الهادفة لزيادة الوظائف الأمريكية من ناحية ودفع التنمية الصينية المستدامة من ناحية أخرى.
وتنطوى مذكرة تفاهم وقعها الجانبان على اتفاق ائتمان طويل الأجل يوفر التمويل لمعظم صفقات التصدير الأمريكية للصين التي تزيد قيمتها عن 20 مليون دولار.
وقد بدأ تطبيق النظام على صفقة بيع معدات أمريكية ثقيلة لصيانة خطوط السكك الحديدية بالصين بقيمة قدرت بـ 164 مليون دولار.
ويأتي ذلك في إطار مساعي الصين لتقليص حجم فائض الميزان التجاري المطرد الزيادة مع الولايات المتحدة التي تشكو من أنه يضر بالاقتصاد الأمريكي من خلال منافسة غير عادلة لشركاتها وزيادة معدل البطالة.
يذكر أن الصين اتخذت من ناحية أخرى إجراءات كان من شأنها رفع قيمة عملتها الوطنية مقابل الدولار تدريجيا خلال العام الأخير للقضاء على شكوى واشنطن من رخص المنتجات الصينية التي تغزو الأسواق الأمريكية.