خلية الخالدية : اعترافات بمخططات لترويع الآمنين واستباحة البيت الحرام
"من جوار بيت الله الحرام .. جموع يتوجهون بسلام وطمأنينة للصلاة ويطلبون رحمة المولى، وفي المقابل هناك أشخاص آخرون في ظلام الليل يخططون للفتنة والفساد في الأرض" هذه الكلمات كانت بداية حلقة جديدة من حلقات اعترافات سبعة إرهابيين بثها التلفزيون السعودي البارحة وتناولت تفاصيل نشاطات خلية شقة الخالدية التي روعت حياة الآمنين في مكة المكرمة.
وكشفت اعترافات أفراد الخلية التي كانت تتكون من أربعة سعوديين واثنين تشاديين وواحد مصري وهم: عليان معيض الصبيحي، عامر الصاعدي، خالد الفراج، زياد سعيفان، خالد علي طاهر، علي عيسى عمر، ومحمد فتحي السيد. التقوا بأحمد الدخيل قائد إحدى المجموعات الإرهابية في شقة الخالدية في مكة المكرمة وكان يتكلم معهم عن تكفير الدولة ودعاهم إلى مهاجمة أهداف خارج مكة المكرمة وعلى رأسها ضرب الموقع الأمني لسجن الرويس في جدة.
من القصيم إلى "هدى الشام"
يقول عليان معيض الصبيحي إنه جاء من القصيم إلى مكة المكرمة وكان قد قابل شخصا يدعى محمد الوافي وطلب من الأخير إيجاد شقة في مكة المكرمة لاستضافة أشخاص جاءوا إليه إلى منطقة "هدى الشام" ممن يحملون الفكر نفسه، وقد تم الاتصال بشخص من قبله اسمه علي تراوري وذهبنا إلى شقة في حي الخالدية. ويواصل الصبيحي حديثه قائلا: "عندما وصلنا إلى الشقة كان الوضع مريبا جدا وكنت متجها إلى مكان لا أدري لماذا!!
دورات شرعية وصناعة أسلحة
ويلتقط عامر الصاعدي الحديث قائلا: عندما جاء بنا (التراوري) إلى شقة الخالدية قال لنا إنه سيذهب بنا إلى أحد المشايخ الذين أتوا من الرياض لتقديم دورة شرعية.
وقال: " بدأ هذا الشيخ يشرح لنا عن موضوع التكفير وتكفير الحكومة تحديدا ويذكر بعض الأدلة الشرعية على حد قوله، وكنا ننصت ولا نستطيع أن نجادل لأننا لم نكن على علم شرعي، فكان في كل مرة يردد "أنا أقول لكم قال الله وقال الرسول وأنتم تقولون كيف، وكيف، وكيف؟" وتابع الصاعدي حديثه: "لقد رأيت معهم أسلحة وقنابل مصنعة من الأكواع النحاسية والحديدية".
وزاد: لقد حاولت الخروج من الشقة وقد منعني أحدهم وعندما سألني عن سبب المغادرة قلت له أريد أن أسلم نفسي لقوات الأمن، وبعد أن نظر إليه بدأ يتلو الآية القرآنية: "أحسب الذين آمنوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون".
ثم يتحدث عليان الصبيحي: "بإن هذه الأدوات كانوا يحشونها بارودا أسود ويسوى لها فتيل ثم تفجر بها السيارة لتحترق".
الجهاد في العراق
وهنا يظهر خالد علي طاهر ـ تشادي ـ ليقول إن أعضاء خلية أقنعوه بفكرة الجهاد في العراق، وقد توجه إلى منزله وأخذ أغراضه وهويته الشخصية وذهب معهم إلى مقر شقة الخالدية، وعندما دخل الشقة وجد بعض الأشخاص يحملون أسلحة، وبعد أن صلى معهم العشاء داخل الشقة ذهبوا به إلى غرفة أخرى فإذا بمجموعة من الشباب السعوديين والتشاديين.
وفي السياق ذاته ذهب التشادي الآخر والذي يدعى علي عيسى عمر إلى شقة الخالدية في مكة المكرمة على أساس إرساله للجهاد في العراق بعد أن نسق مع خمسة آخرين من أصدقائه لمرافقته.
متزعم اللجنة الشرعية
ويعترف خالد الفراج ـ أحد أفراد الخلية ـ الذي لم يظهر على الشاشة سوى مرة واحدة ـ بأن أحمد الدخيل هو متزعم اللجنة الشرعية في خلية مكة المكرمة، وكان يرافقه دائما عبد الله تراوري وهو مالي الجنسية.
عريس وليس لديه أطفال
وفيما يتعلق بتفاصيل عملية استئجار شقة الخالدية، أدلى مالك العمارة التي تقع فيها الشقة المشؤومة وأحد أبنائه في حديث مقتضب بأن الشخص الذي استأجر الشقة قال لهم إنه لا يزال عريسا وليس لديه أطفال وقد حرر له عقد الإيجار والاتفاق على مبلغ الإيجار.
وقالا: "إن المستأجر جاء بعفشه وأدخله في الشقة .. لكننا لم نكن نعلم ماذا يحصل في الداخل لأن عدد المستأجرين كبير والشقق كثيرة والسكان في حالة خروج ودخول بشكل مستمر ولم نكن نشك في أحد منهم".
وأضاف مالك العمارة قائلا: كان خروجهم يقتصر على فترتين إما في الصباح الباكر وإما في أوقات متأخرة من الليل، وكان يقف بسيارته أمام محل للمواد الغذائية "بقالة" وبرفقته زوجته التي تبقى داخل السيارة.
ارتداء ملابس نسائية
ثم تنقل عدسة الكاميرا حديثا لأحد الجيران الذين كانوا يقطنون بجوار شقة الخالدية في مكة المكرمة ليقول: "إن بعض قاطني شقة الخالدية يدخلون وهم يرتدون ملابس نسائية". وجار آخر يقول: " لم أر أحدا منهم يصلي في المسجد، وهو ما أكده إمام المسجد في الحي بقوله: "إنني أعرف جميع المصلين في المسجد لأن بيننا تعارفا وترابطا، لكنني لم أر هؤلاء الشباب قد دخلوا المسجد قط".
يحملون على رؤسهم صحون الطعام
وعاد أحد الجيران ليؤكد أنه آخر مرة تم رؤيتهم فيها قبل حادثة مداهمتهم بوقت قصير عندما كان هناك مجموعة منهم يحملون صحونا كبيرة على رؤوسهم (تباسي) مغطاة بالقصدير وكأنهم يحملون الطعام إلى داخل الشقة، لكن يبدو أن هذه الصحون كانت تحتوي على أسلحة وذخيرة".
الاشتباك مع رجال الأمن
وهنا يبدأ محمد فتحي السيد ـ مصري ـ ليقدم اعترافاته مبينا أنه كان من ضمن مخططهم مهاجمة أهداف خارج مكة المكرمة مثل جدة.
ويواصل محمد السيد حديثه: "لم أكن أتوقع أنه في دقيقة واحدة يحدث اشتباك مع رجال الأمن في الشقة".
وتابع: بعد أن علمنا بالمداهمة الأمنية قام أحد الأفراد في توزيع السلاح على الحاضرين وكان عددهم يفوق الثلاثين شخصا توزعوا داخل الشقة التي كانت تضم أربعة غرف وصالة كبيرة، وكانوا في ربكة في الحركة.
أشخاص لأول مرة يستخدمون السلاح
وقال السيد إن أغلب الموجودين في الشقة كانوا لأول مرة يستعملون فيه سلاحا، لكنهم أخذوا للدفاع عن أنفسهم عند الضرورة. وبدأ تبادل إطلاق النار بين الفئة الضالة ورجال الأمن، ويقول عامر الصاعدي: "الجميع يطلق النار واستمر الإطلاق والصوت المزعج في الشقة أكثر، وقد كان (التراوري) أكثر الأشخاص تحمسا وأكثرهم تفاعلا وقد لقي حتفه في الشقة.
ويتحدث علي عيسى ـ التشادي ـ بأنه قبل وقع المداهمة تم أخذ جميع محافظ الموجودين ووضعها في كيس، وما هي لحظات إلا وقد وقع ثلاثة منهم قتلى اثنان سعوديان وأبو عبد الله التراوري.
وبين الصاعدي أنه خرج من الشقة وسلم نفسه لرجال الأمن بعدما قفز إلى المبنى المجاور للعمارة محل الشقة وخرج من باب العمارة المجاورة.
الخروج من العمارة
ويعود محمد فتحي السيد ليروي قصة خروجهم من داخل العمارة المحاصرة بأنه قام أحد الشباب بفك الباب الخارجي الموجود خلف المبنى والمؤدي إلى الجيران وتحركوا باتجاه المباني المجاورة وقفزوا عددا من الجدران إلى أن وصلوا إلى أرض فضاء "برحة".
أما خالد علي طاهر ـ تشادي ـ فهو يقول: جاءت قوات الأمن وقبضت علينا وأخذونا في سيارة الإسعاف، فيما قال أحد جيران الشقة إنه رأى بنفسه رجال الأمن الذين استشهدوا في الحادثة وهم الجندي فهد الوزنة والضابط ياسر المولد بعد أن اخترقت أجسادهم برصاص الإرهاب الغادر، وأضاف قائلا: "قد جاءني أحد الإرهابين يحمل سلاحا رشاشا وشدني من السيارة بعد أن ضربني على ظهري ورماني في الطريق وفر هاربا".
من خالدية مكة المكرمة إلى غضى القصيم
وبعد أيام قليلة وقعت نهاية شقة الخالدية وسقطت هذه الخلية لأنهم كانوا يحملون فكرا خطيرا جدا، وذلك بعدما تمت مداهمتهم في مزرعة غضى بالقرب من عيون الجوا في منطقة القصيم، لتكتب نهاية القادة الآثمة التي قادت وخططت لتنظيم شقة الخالدية.