سيدة الحشمة والوقار!
بدت ملامحه معروفة لي أكثر منها .. هو مذيع مشهور، أما هي فقد كنت أحاول جاهدة التعرف على ملامحها .. أخذت أتأملهما وقد استغرقا في الحوار .. بدا مبهوراً معجباً بصراحتها الجميلة ! كنت أتأملهما أمام شاشة التلفاز .. شدني الفضول لمعرفة من تكون ؟! لكنني لم أستطع ، هي واحدة من المغنيات اللاتي ظهرن حديثاً واللاتي أصبحن يتكاثرن بمعدل الساعة، تتشابه أصواتهن وحركاتهن وغنجهن المفتعل وإصرارهن على التركيز على أجسادهن لا أصواتهن.
لم تكن تهمني كثيراً لكنها لحظات سرقتها من زمني الجاد كي أرى ما خلف هذه الأصوات .. تحدثت منتقدة من يجرين عمليات التجميل بكثرة ثم أضافت أنها أجرت عمليات تجميل لكنها لم تفعل ذلك إطلاقاً بشكل مزاجي وإنما كان هناك مبرراً موضوعياً .. سألها: أين ؟!
أجابت : أنفي وشفتيَ ومنطقة أخرى لن أفصح عنها (ما قصَرت المرأة) وتقول ليس مزاجاً !!
ثم انتقل الحديث عن الفيديو كليب أيضاً لم يسلم من نقدها فهي ترى في ذاتها نموذجاً جيداً للحشمة، قالت إن الكثيرات بالغن بصورة فجة في الظهور خلاله شبه عاريات إلى درجة سمجة .. في نهاية الحديث وقفت وتقدمت وليتها لم تقف يبدو أنها تعبت كثيراً في الاهتمام بنفسها حتى بدت رشيقة، لكن أدهشني ما كانت ترتديه .. القطعة العليا (البلوزة) بدا منتصف الظهر منها بشكل واضح ثم بدت المنطقة الوسطى أيضاً بشكل سافر .. أما (البنطال) فقد بدا ملتصقاً حتى أصبح جزءاً من جسدها .. المدهش في هذا أنها تعتبر نفسها محتشمة وتنتقد أولئك اللاتي يظهرن شبه عاريات .. !
هذه المشاهد وأولئك المغنيات أصبحن كالسيل المتدفق عبر الفضائيات صور وأصوات متشابهة .. لم يعد هذا الأمر خافياً ولا مستغرباً لكنني أتأمل هذا المشهد من جانب آخر، أفكر بتأثير مثل أولئك المغنين والمغنيات في أبنائنا وبناتنا الصغار والمراهقين على وجه الخصوص .. أصبحت التربية في زمننا هذا المفتوح على الفضاء أمراً ليس بالسهل يحتاج إلى كثير من الصبر والمجاهدة والمجالدة .. هناك الإنترنت والفضائيات وهواتف الجوال (البلوتوث)، كل هذه الوسائل أصبحت جاذبة للمراهقين والمراهقات .. أصبح عبء التربية أكبر .. ولعل أفضل وسيلة للتربية حالياً في ظل هذا الانفتاح هي الاقتراب كثيراً من الأبناء والبنات واحتواؤهم وبناء علاقة ودية حميمة معهم لحمايتهم من هذا السيل الجارف من الانفتاح الذي قد يجرهم إلى ما لا تحمد عقباه في ظل غياب التوجيه .. فهل يعي ذلك الآباء والأمهات أم يتركون الحبل على الغارب .. مثل أولئك المفرطين لا ينبغي لهم الشكوى أو التساؤل حين يرون مظاهر غريبة على أبنائهم فالسبب معروف مسبقاً !!