سياحة الهواء البارد متى تنتهي؟!

[email protected]

في طريقي للعمل سمعت بالإذاعة المحلية إعلان على FM, اثنان يتحاوران عن أن درجة الطقس في الباحة والطائف وأبها لا تتجاوز 25 درجة كأقل درجة حرارة في المنطقة الجنوبية, ويتحدث الآخر عن أنه "جو بارد" وألا تشغل نفسك بالسفر للخارج وأن الجو "بارد", هذا الإعلان تدفع قيمته "هيئة السياحة لدينا" أي ترويج للمناطق السياحية لدينا بأن الهواء "بارد", ولا أعرف هل أن مشكلة السياحة لدينا هي جو "بارد" فقط؟! واضح أن هيئة السياحة لم تركز بعد إلى الآن على مغزى السياحة بمعناه الاحترافي والعالمي, ومَن يشاهد إعلاناتها في لصحف من دعوة للغوص أو السفر للمناطق المعتدلة جوا لدينا, يدرك أن "هيئة السياحة" بحاجة إلى تغيير خطابها السياحي والاعتقاد بأن السياحة طقس "بارد" لن يكلف كثيرا, فكل مستعد أن يجلس في منزله ويضاعف هواء التكييف ويدفع التعرفة مضاعفة وفي النهاية ستكون أرخص كثيرا من تكلفة السفر. السياحة ليست مسألة طقس "بارد" ولا غوص و لا رمال الصحراء, يجب أن نعترف بأننا لا نملك القدرة على تغيير قناعة الناس لدينا بالسياحة المحلية, لأنه لا توجد معطيات أساسية, فمن عدم وجود بنية أساسية للسياحة إلى هدم معالم أثرية في مكة والمدينة ووضع سياج حديدي على معالم أثرية إلى عدم وجود برامج سياحية حقيقية من مسارح ومواقع وفنادق ومنتجعات سياحية حقيقية, علاوة على وجود قيود اجتماعية وطبيعة اجتماعية صعبة. وقد كتبت مرات, من يملك القدرة المالية (ولا أعمم) سيذهب حتى إلى دبي الأشد حرارة, فهل إمكانات دبي كبنية أساسية ومجتمع موجودة لدينا؟ إننا لم نصبح بعد بلدا سياحيا, الأجنبي لا يمكن دخوله إلا في مجموعات, طبيعة بلادنا المقدسة تفرض قدوم الزائرين بالملايين, وكثيرون يفترشون الأرصفة والموانئ في جدة، كما تنشر الصحف، هل هذا مشجع؟ المواطنون ينفقون سنويا ما يقارب 50 مليار ريال للسياحة الخارجية, العائلات تقترض لتسافر للسياحة, الشباب يقترض للسياحة في الخارج, الكثير لا يرغب في بلادنا كوجهة سياحية, فكل ما لدينا مراكز تجارية، مطاعم، (وملاهي الصحن الدوار) ثم ماذا؟ لا يمكن للزوج أو رب العائلة أن يدخل مع عائلته؟! ينتظر فقط في الخارج مع السائقين. السياحة (الرياض) كمثال تذهب لمركز تجاري, تتفرج على الناس، تأخذ ذرة أو آيس كريم, وفي المساء تذهب لمطعم وهذا كل شيء, الإجازة أكثر من 60 يوما, وليس من المعقول أن تكون بهذا التكرار الممل؟ أما المهرجانات فبعد مهرجان "جدة غير" انطلقت المدن والهجر بالمهرجانات, تقوم على التبرعات، و"القطة" من رجال الأعمال, وكلها مهرجانات عادية لا بهجة فيها؟
حين تروج هيئة السياحة للطقس "البارد" فهذا فاقد للكثير من الأسس المعروفة ولا أفصل فيها, فالعبرة ليست بالطقس والجو "البارد", فكثير من المسافرين يذهبون إلى مناطق أشد حرارة مما لدينا, أتمنى أن تضع هيئة السياحة استبانة على موقعها, بسؤال واحد, لماذا تفضل السياحة في الخارج؟ من خلال الإجابات يمكن البدء في الإصلاح وتنفيذ خطوات للجذب السياحي.
نحن ليس لدينا ثقافة سياحية كمجتمع, لن نكون دولاً أوروبية ولا دول أمريكا الشمالية, ولكن التوازن والموضوعية فيما تدعو إليه هيئة السياحة, لدينا رمال الصحاري؟ البحر؟ الطقس البارد؟ فما الجديد؟ البحر في جدة لا سواحل له, كل شواطئ العالم تمارس فيها الرياضة وحمامات الشمس وغيرها, فنحن نجد الأبراج السكنية ملاصقة للبحر ويبعد الشاطئ عن الطريق العام عشرة أمتار في جدة مثلاً.
في النهاية هيئة السياحة رغم تطلعاتها لن تقنع الكثيرين بجدوى السياحة ما لم يوجد شيء على الأرض, وأتمنى عليها أن توفر أموالها للترويج لبناء الآثار التي هدمت أو المطارات التي تحتاج إلى صيانة وغيره الكثير.
آخر ما قرأت مناشدة مدير عام الجوازات المواطنين عدم التدافع لتجديد الجوازات في وقت واحد, وأن تكون مبكرة حتى تسهل خدمة الجميع, أبلغ تصويت لمستوى القناعة بجدوى السياحة محلياً هو الإدارة العامة للجوازات في الرياض وجدة، فهما وبمجرد انتهاء الامتحانات تجدهما في زحام كما لو كانتا في موسم حج آخر.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي