الاقتصاديات الريفية في خطر !!

الاقتصاديات الريفية في خطر !!

الاقتصاديات الريفية في خطر !!

[email protected]

يشهد العالم تدهورا بيئيا يقوض الاقتصاديات الريفية في عدة أنحاء من العالم والتي أصبحت في خطر، حيث يوجد هناك مشكلات خطيرة لها تأثير مباشر وغير مباشر على حياة الأجيال الحالية والقادمة فتدهور الأراضي والتصحر وندرة المياه وفقدان التنوع الحيوي وتغيير المناخ هي أصعب المشكلات، إضافة إلى أن الأمن الغذائي وتحسين المستوى المعيشي للسكان يعتمد بشكل أساسي على الأمن البيئي الذي يترتب عليه حماية الغابات والأشجار وإداراتها على نحو مستدام.
تلعب الغابات دورا مهما في التنمية المستدامة فهي المصدر الرئيسي لإنتاج المنتجات الخشبية واستهلاكها والطلب يزيد على هذه المنتجات بنسبة 5 في المائة من كل عام. كما تلعب الغابات دورا مهما في حماية البيئة وتوفير الخدمات البيئية التي تعتبر أكثر أهمية من وظائفها الإنتاجية مثل كبح التصحر وحماية التنوع البيولوجي والحفاظ على نساقة المياه.
وتستخدم الغابات كمتنزهات وتشكل ركيزة أساسية في السياحة البيئية وتشكل حزاما أخضر في البلدان لتحسين ظروف الحياة في المدن المختلفة وعنصرا مهما للأمن الغذائي، ومع توسع المدن يزداد الوعي بالقيمة الجمالية في الأشجار وتزايد الاهتمام بالسياحة الايكولوجية في كثير من البلدان والاهتمام بالغابات الحضرية مع تزايد وتيرة توسع المدن. وللغابات أهمية اقتصادية فهي تستخدم لإنتاج الوقود وتحسين أوضاع الفقراء، إن 70 في المائة من مساحة الغابات في الشرق الأدني تستخدم في إنتاج الوقود.
كما أن نسبة مساهمة الغابات في الاقتصاد تنخفض لأن قيمة منتجات الغابات التي تستوردها بعض الدول أكثر بكثير من قيمة المنتجات التي تصدرها، وقد أدى ضعف هيكل المؤسسات ونقص عدد الحراجيين المهنيين في السعودية إلي تدهور مناطق الغابات وإذا استمرت الغابات على حالتها الحاضرة فإن كثيرا من الأقاليم في الجنوب الغربي من المملكة ستشهد مشكلات بيئية خطيرة بسبب تناقص الغطاء النباتي، فبسبب الظروف المناخية أصبحت منطقة عسير مقصدا سياحيا مهما في المملكة، ففي كل سنة يزور مدينة أبها بين اثنين وثلاثة ملايين شخص على اعتبار أنها من أكثر المناطق اجتذابا للسياح في تلك المنطقة، وهي منطقة تشتهر بأشجار العرعر، وقد شهدت هذه الأشجار تدهورا كبيرا خاصة أثناء الفصل السياحي، حيث يتدفق السائحون بأعداد ضخمة على المتنزهات الأمر الذي قد يهدد بتغيير خصائص هذه النباتات بفعل تكدس التربة أو قطع فروع الأشجار من قبل المتنزهين مثلا وهو عامل يؤدي إلى موت الأشجار.
والسؤال المهم هو كيف يمكننا النهوض بالدور الذي تقوم به الغابات؟ وكيف يمكن تحقيق الإدارة الفعالة للغابات والأشجار، لا شك أن ذلك يعتمد على إجراءات مشتركة ومتفق عليها تتخذها الدول بناء على فهم تام للاستراتيجيات والأولويات الملائمة لظروف كل دولة.
في هذا الإطار أطلقت منظمة الأغذية والزراعة الدراسة الاستشرافية للغابات في وسط وغرب آسيا وجنوب القوقاز باعتبارها أقل الأقاليم في العالم من حيث الغطاء الخارجي فهناك 17 بلدا من 23 بلدا ليس فيها غابات إلا على الأقل من 10في المائة من مساحة أراضيها ويمثل الإقليم نحو1.1 في المائة من مجموع مساحة غابات العالم ونحو 5.2 في المائة من أراضي الآجام الأخرى. هذا بالإضافة إلى أن الإقليم يعتمد بدرجة كبيرة على الواردات وتلبي معظم الاحتياجات من استهلاك الفرد للأخشاب والمنتجات الخشبية عن طريق الواردات، وفي عام 2005 وصلت واردات الإقليم إلى نحو 12.7 مليار دولار.
ويتمثل الهدف الرئيسي للدراسة الاستشرافية للغابات في تقييم التوجهات الحالية والتغييرات المستقبلية بشأن حالة الغابات، تقديم رؤية طويلة المدى لتنمية قطاع الغابات وتحسين القدرات القطرية في مجال التخطيط الاستراتيجي والعوامل التي تؤثر في هذا القطاع مع التركيز على ثلاثة سيناريوهات محددة تخرج بها الدراسة للنهوض بهذا القطاع، وتطور الأحداث المحتملة وتأثيرها في الرفاهة الاجتماعية من حيث وفرة السلع والخدمات والأولويات والاستراتيجيات التي قد يستلزم تحقيقها لتحسين الوضع.
وتهدف الدراسة أيضا إلى توفير المعلومات لمتخذي القرار لعمل خطة طويلة الأجل لتنمية القطاع الحرجي وتحسين الدراسات القطرية في هذا المجال، تسهيل تبادل المعلومات والتعاون الإقليمي.
وقد أشارت الدراسة إلى أنه خلال العشرين عاما المقبلة من المتوقع زيادة الطلب على قطاع الغابات وزيادة الطلب على استخدام الغابات الحضرية، وسيظل التدهور الحرجي مشكلة رئيسية يجب على بلدان كثيرة أن تواجهها سواء كان غطاؤها الحرجي مرتفعا أو منخفضا وفي البلدان التي يوجد بها قطاع حرجي كبير يمكن توقع زيادة في استغلال الأخشاب بصورة مشروعة وغير مشروعة، وبرغم أن بعض البلدان قد يستطيع زيادة القطاع الحرجي، فإن قدرة تلك البلدان على تنفيذ الإدارة الحرجية المستدامة ستظل محدودة.
نحن نشير هنا أيضا إلى أهمية التعاون الإقليمي في هذا المجال والاستفادة القصوى من إمكانات وفرص تبادل المعرفة وإشراك القطاع الخاص في إدارة الموارد ومنظمات المجتمع المدني في التأثير في سياسات القطاعين العام والخاص، واتخاذ أولويات واستراتيجيات مشتركة مثل توفير الخدمات البيئية الذي سيظل الهدف الأول نظرا للتدهور البيئي الشديد الذي تتعرض له مجتمعاتنا. وسيكون استخدام الغابات للترويج بفضل السياحة الايكولوجية مجالا جديدا من مجالات النمو الاقتصادي، والارتقاء بقواعد المعلومات ومتابعة الدراسات القيمة وتحديثها بشكل مستمر وبالطبع هناك مسؤولية كبيرة تقع على عاتق الحكومات والمؤسسات لتوفيق أوضاعها ومواءمة سياستها.
وربما تستطيع الحكومات والمؤسسات الاستفادة من "حملة البليون شجرة من أجل كوكبنا" التي أطلقها برنامج الأمم المتحدة للبيئة بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص والحكومي والأفراد والشباب والمدارس والمزارعين، وذلك عن طريق تسجيل التعهد على الموقع الإلكتروني للحملة بزراعة شجرة أو أكثر في كافة الأقاليم ويقدم "اليونيب" النصح والإرشاد من خلال الموقع.

الأكثر قراءة