انخفاض مبيعات التجزئة ومؤشر أسعار المنتجين الأمريكي يقلل من احتمالات رفع سعر الفائدة
تقريران حكوميان صدرا الأسبوع الماضي يشيران إلى ضعف احتمالات رفع سعر الفائدة الأمريكية مما كان له انعكاس إيجابي على أسواق الأسهم بعد أن انخفضت بشكل شديد يوم الخميس الماضي. التقرير الأول صدر من إدارة التجارة في واشنطن ويشير إلى انخفاض مبيعات التجزئة لكبرى المتاجر الأمريكية بمعدل 0.2 في المائة خلال نيسان (أبريل) الماضي مما كان له أثر سلبي في أداء الأسواق الأمريكية، حيث صرح الكثير من كبار متاجر التجزئة بذلك قبل صدور تقرير التجارة، وانخفاض مؤشر مبيعات التجزئة يزيد من احتمال خفض الأفراد استهلاكهم الذي يمثل ثلثي الناتج المحلي الإجمالي مما يزيد من احتمالات التباطؤ الاقتصادي. لكن التقرير الثاني الذي صدر من إدارة العمل في واشنطن أشار إلى انخفاض أسعار المنتجين وهو أحد المؤشرات التي تعكس أداء معدل التضخم في الولايات المتحدة مما يقلل من احتمالات رفع سعر الفائدة بل يزيد من احتمالات تخفيضها كان له أثر إيجابي في الأسواق الأمريكية، حيث عوضت الكثير من الخسائر التي شهدها يوم الخميس والتي كانت الأسوأ خلال الشهرين الأخيرين. وكانت التوقعات قد أشارت إلى احتمال أن ترتفع مبيعات التجزئة هذا الشهر بمعدل 0.4 في المائة بعد أن ارتفعت بمعدل 0.7 في المائة خلال الشهر الماضي، الأمر الذي خالفت معه بيانات إدارة التجارة كل التوقعات مما زاد من حدة تأثيرها في نفسيات المتعاملين في الأسواق المالية.
من ناحية أخرى أشارت تقارير إلى احتمال أن تؤدي عملية المراجعة للبيانات الأولية لمعدل نمو الناتج المحلي إلى الإجمالي، إلى تخفيضه من المعدل المعلن 1.3 في المائة إلى معدل قد يصل إلى 0.5 في المائة. ويُعزى ذلك إلى بيانات عن عجز الميزان التجاري وانخفاض في بيانات المخزون السلعي، حيث ارتفع عجز الميزان التجاري إلى 10 في المائة خلال آذار (مارس) الماضي ليبلغ 63.9 مليار دولار أمريكي، وهو المعدل الأعلى من أيلول (سبتمبر) 2006 ، بينما انخفضت المخزونات السلعية بشكل غير متوقع إلى أقل معدلاتها من عام 2005.
وكان اجتماع لجنة سياسات السوق المفتوحة في "الاحتياطي الفيدرالي" يوم الأربعاء الماضي، قد أشار إلى الإبقاء على سعر الفائدة عند معدلها الحالي البالغ 5.25 في المائة. إضافة إلى ذلك أبقى "الاحتياطي الفيدرالي" على سياسته المتعلقة باستهداف التضخم، واعتبار أنه يمثل الخطر الاقتصادي الأكبر خلال هذه الفترة. ويبرر رئيس "الاحتياطي الفيدرالي" الأمريكي بيرنانكي ذلك، بأن تأكيد اللجنة على ذلك يزيد من رسوخ هذا المفهوم – خطر التضخم – في أذهان المستثمرين مما قد يجعل عملية التكيف إلى معدلات تضخم معتدلة عملية تلقائية ولا تحتاج إلى إجراءات عملية من قبل "الاحتياطي الفيدرالي" كرفع سعر الفائدة والتي قد تؤدي إلى مزيد من التباطؤ الاقتصادي. وكانت عبارة ذكرتها اللجنة في اجتماعها السابق، قد أدت إلى سوء فهم لدى المستثمرين أن "الاحتياطي" يتجه إلى تخفيض سعر الفائدة مما استدعى من بيرنانكي توضيح ذلك خلال جلسة الاستماع أمام الكونجرس ليؤكد أن "الاحتياطي الفيدرالي" لم يحد عن سياسته المتعلقة بالتضخم.
في الجانب الآخر صرح الرئيس السابق لـ "الاحتياطي الفيدرالي" آلان جرينسبان بأنه يرى أن الاحتمالات بتجنب الركود الاقتصادي هي 2 في مقابل 1. مما يعني أنه أكثر إيجابية فيما يتعلق بالوضع الاقتصادي الأمريكي حالياً مما كان عليه في شباط (فبراير) الماضي عندما توقع أنه من المحتمل أن يتباطأ نمو الاقتصاد الأمريكي بينما عدل هذه التوقعات في آذار (مارس) الماضي عندما ذكر أن هناك احتمال 30 في المائة للركود الاقتصادي. وأشار جرينسبان في واشنطن يوم الجمعة إلى أنه ما من هناك شك في أن الاقتصاد الأمريكي يواجه حالة من التباطؤ ومشكلات اقتصادية في قطاع الإسكان وسوق رأس المال، إضافة إلى احتمالات تراجع الاستهلاك المحلي الذي يعد المحرك الأكبر للاقتصاد. وفيما يتعلق فيما إذا كانت دول آسيا ستتأثر بشكل كبير من تراجع الاستهلاك الأمريكي، يتفق جرينسبان مع مسؤولي البنك الآسيوي للتنمية والذي أشار إلى أن دول آسيا يمكنها تحمل هذا التراجع بالنظر إلى النمو الكبير الذي يشهده كل من الهند والصين والصين والذي يمكن أن يعوض جزءاً من الانخفاض في الطلب الأمريكي.
في بريطانيا أشار محافظ بنك إنجلترا إلى أن الظروف الاقتصادية الحالية قد تستدعي زيادة أخرى لسعر الفائدة بعد الزيادة التي أعلن عنها البنك الأسبوع الماضي والتي بلغت 0.25 في المائة ليبلغ سعر الفائدة 5.5 في المائة. ويزيد الارتفاع في أسعار المساكن ومؤشر ثقة المستهلكين والتوسع في الخدمات المالية من القلق بشأن معدل التضخم والذي بلغ خلال آذار (مارس) الماضي 3.1 في المائة وهو المعدل الأعلى من المعدل الذي يستهدفه بنك إنجلترا وهو 2 في المائة.
في الصين ارتفع فائض الميزان التجاري بمعدل 63 في المائة خلال نيسان (أبريل) من سنة ليبلغ 16.9 بليون دولار متجاوزاً توقعات المحللين ومضيفاً إلى التوتر بشأن تزايد هذا الفائض خصوصاً مع الولايات المتحدة. وقد ارتفعت الصادرات بشكل أسرع من الواردات حيث ارتفعت الصادرات بمعدل 26.8 في المائة، والواردات بمعدل 21.3 في المائة. وينتظر أن تبدأ محادثات بين الجانبين الصيني والأمريكي بشأن تزايد العجز في الميزان التجاري بين الدولتين لصالح الصين، وذلك لتفادي أي تدابير قد يتخذها الكونجرس الأمريكي ضد الصين والتي تماطل بشأن إعطاء المزيد من الحرية لعملتها للارتفاع حسب معطيات السوق، وذلك تفادياً للتأثير في جاذبية الصادرات الصينية سواء في أمريكا أو أوروبا.