صندوق النقد الدولي يرى تزايد الخطر في الأسواق المالية
صحيح أن الأسواق المالية العالمية تعيش إجمالا أوضاعا جيدة، لكن العاملين في الأسواق يستهينون مرارا بالمخاطر القائمة. وهذا قد ينقلب رأساً على عقب، إذا لم تف توقعات محددة للمستثمرين بالغرض المرجو منها. هذا التقدير توصل إليه صندوق النقد الدولي في تقريره الجديد حول استقرار النظام المالي العالمي. ومن بين ما يتناول خبراء السوق الرأسمالية تحت قيادة محافظ بنك الإصدار الإسباني السابق جيمي كاروانا في تقريرهم يتناولون سوق قروض الرهن العقاري في الولايات المتحدة ونظم التمويل للمستثمرين الدوليين. وفي حالة لم تستوف التوقعات الغرض المرجو منها، فقد يترتب على ذلك اضطرابات كبيرة في الأسعار ومن المحتمل أيضا وقوع عواقب سلبية للاقتصاد العالمي.
ويذكر خبراء اقتصاد صندوق النقد الدولي في مقدمة تقريرهم بأن الاستقرار المالي تدعمه تطلعات الانتعاش الاقتصادي الطيبة. بيد أن المخاطر في أسواق القروض والأسواق المالية ارتفعت منذ تاريخ إعلان التقرير الأخير في خريف عام 2006.
فالتقرير يذكر أن الوضع في السوق الأمريكية لقروض الرهن العقاري الممنوحة للمدينين الذين لا يتمتعون بأهلية ائتمانية قوية ازداد سوءا بصورة أسرع من المتوقع". ولغاية هذه اللحظة بقيت العواقب الناجمة عن عدم قدرة العديد من أصحاب القروض على الدفع في نطاق المعقول، ولكن الخطر من أن تمس هذه العواقب أجزاء أخرى من سوق الرهن العقاري محتمل. الشروط السلسة نوعا ما في عملية منح القروض، التي جلبت المشاكل لبعض البنوك المتخصصة فيما يسمى بقروض رهن الدرجة الثانية وهي قروض تمنح بفوائد أقل من الفوائد الأساسية قد تمس أيضا قروضا استهلاكية أخرى، على سبيل المثال فيما يتعلق ببطاقات الائتمان أو في عمليات تمويل السيارات.
ومخاطر أخرى قد تأتي من طرف أنشطة شركات القطاع الخاص المساهمة فحتى الآن كان لدى الشركات المستحوذة تدفق مالي كبير وديون قليلة. ولكن توجد هناك بالتأكيد دلائل تشير إلى أن هذا سيتغير. فإذا فشل الاستحواذ على الشركات التي عليها ديون عالية، فقد يؤدي هذا الفشل إلى خوف البنوك المشتركة من المخاطر. وحسبما ذكر في التقرير فإن من الظاهر أن العديد من المستثمرين يرون فرص المخاطر القليلة وقابلية التذبذب الضئيلة للأسعار على أنها ظاهرة مستديمة.
العدد الكبير من العاملين فيما يسمى بالمقايضات المنقولة، التي يأخذ فيها المستثمرون قروضا من عملات منخفضة الفائدة مثل الين الياباني ويستثمرون هذه الأموال في أماكن أخرى حيث الفوائد عالية، هذا العدد الكبير يشير أيضا إلى أن كثيرا من المستثمرين لم يحسبوا على المدى القصير حساب محيط سوقي متغير. ويحذر صندوق النقد الدولي في تقريره من أن "صدمة التلاشي يمكن أن تقوى من خلال القروض المأخوذة وجهل مدى تركيز المخاطر".
وحسب معلومات صندوق النقد الدولي ارتفع بسرعة تدفق رؤوس الأموال إلى العديد من الدول النامية. وهذا لا يعود إلى الظروف العامة الاقتصادية الجيدة فحسب، بل أيضا إلى جشع الكثير من المستثمرين نحو الأرباح العائدة من منطلق الفوائد المنخفضة في الدول الصناعية. ويقول الخبراء في التقرير "إذا تدفقت رؤوس الأموال، فهذا من شأنه أن يضع بعض هذه الدول، خاصة التي لديها عجز كبير في ميزان الإنتاج، أمام تحديات كبيرة".
ويوضح صندوق النقد الدولي، بأن لا حقل من حقول المخاطر بحد ذاته يهدد بصورة جدية استقرار النظام المالي العالمي. ولكن تراجعا في إحدى الأسواق المالية قد يؤدي إلى سلسلة تفاعل مترابطة. ففي الولايات المتحدة تم على سبيل المثال مطالبة هيئة الإشراف على البنوك بأن تنتبه إلى التمسك بالمعايير فيما يتعلق بمنح قروض الرهن العقاري. وكذلك يجب مراقبة أنشطة الشركات المساهمة. ولكن هذا من شأنه أن يطبق أيضا على الاقتصاد القومي للدول الأخرى المتقدمة.