اقتصاديون: سيطرة القطاع المصرفي تحد من تأثير مكاتب الاستشارات المالية في الطروحات الأولية
توقع اقتصاديون ومحللون ماليون أن يكون تأثير شركات الخدمات المالية ومكاتب الاستشارات المالية محدودا في الفترة القصيرة المقبلة في عمليات التقييم المالي للشركات والاكتتابات الأولية مقارنة بسيطرة القطاع المصرفي على الحصة الأكبر لهذا النشاط.
وقال محمد العمران عضو جمعية الاقتصاد السعودي "سيكون تأثيرها محدوداً في القطاع البنكي في المدى القصير ولكن على مدى خمس سنوات سيكون لها تأثير أقوى في شركات الاستثمار والوساطة المملوكة للبنوك، حيث سيتم فصلها منتصف العام الحالي لتكون شركات استثمارية مستقلة عن النشاط المصرفي لهذه البنوك.
و بين العمران أن المنافسة بين شركات الوساطة المرخص لها من قبل هيئة سوق المال والتي بلغت نحو 50 شركة هي قابلة للزيادة في المستقبل القريب، إلى جانب المنافسة الموجودة بين الشركات، وتوقع عضو جمعية الاقتصاد السعودي أن نخفض عددها إلى نحو 40 شركة فاعلة وعاملة في السوق إلى جانب شركات الوساطة الخاصة بالبنوك."
وأضاف العمران أن دور شركات الوساطة والمكاتب الاستشارية في تقييم الشركات ماليا تغير بعد الطريقة التي طبقتها هيئة سوق المال أخيرا في اكتتاب شركة الأنابيب الفخارية والتي تسمى بعملية بناء السجلات والتي لا تسمح للمستشار المالي بتقييم الورقة المالية للشركة كما هو معمول به في السابق، ولكن تتم عملية تحديد السعر من خلال المزايدة من قبل المؤسسات المالية مثل صناديق الاستثمار والتي تتم بعد عقد مفاوضات بين المستشار المالي وصناديق الاستثمار.
وأشار العمران إلى أن عملية اكتتاب شركة الأنابيب الفخارية تمت عبر قيام المستشار المالي والشركة بوضع سعر محدد يرونه عادلا لقيمة السهم ويتم تحديد نطاق سعري بالاتفاق مع صناديق الاستثمار الراغبة في الاستثمار في أسهم الشركة ثم يتم إعداد مزاد على السعر العادل متضمنا سعر علاوة الإصدار والذي تم تحديده بسعر 45 ريالاً بعد انتهاء المزاد حيث تم تحديد نسبة تملك الصناديق الاستثمارية بـ 70 في المائة، ولكن إذا زاد عدد المكتتبين على 1.3 مليون مكتتب سيتم تخصيص 50 في المائة للأفراد وتنخفض نسبة الصناديق الاستثمارية لتصل 50 في المائة.
وحول تطبيق الطريقة من قبل هيئة السوق المالية في الاكتتابات المستقبلية، أشار العمران إلى أنه يفضل أن تطبق على الاكتتابات ذات رأس المال الكبير والذي يحتوي على عدد أسهم أكبر. مبينا أن هذه الطريقة مطبقة في سوق لندن للأوراق المالية بالإضافة إلى بورصة دبي للأوراق المالية بحيث تقوم الشركات الاستثمارية بالمزايدة على سعر السهم ملتزمة بشراء الكميات المحددة بالأسعار، ثم العمل على توزيع وتخصيص الأسهم لعملائها الأفراد.
من جانبه، أكد الدكتور عبد الرحمن السلطان خبير اقتصادي أن الشركات والمكاتب الاستشارية كانت قائمة وتعمل في السوق قبل أن ترخص هيئة سوق المال لبعضها الآن، وطالب السلطان هذه الشركات بأن تقوم بدورها بشفافية وعدم تضليل المكتتبين فيما يخص عمليات التقييم المالي والطروحات الأولية كما هو مشاهد في عدد من هذه الطروحات التي أعدت في السابق، حيث لوحظ عليها تضخيم علاوات الإصدار وأنها بالغت في تقييمها المالي".
وأضاف "أن بعض المكاتب الاستشارية التي لعبت دوراً في تقديم تقديرات مالية للشركات وعلاوات الإصدار بحيث بالغت في ذلك وبالتالي أسهمت في إفقاد الثقة بالسوق والطروحات والاكتتابات الأولية التي لم يكن دورها بناء أو إيجابياً بالنسبة للسوق حيث إن مثل هذه التجاوزات لم تتم محاسبتهم عليها".
وقال السلطان "نتمنى من المكاتب الاستشارية المرخص لها حديثا وكذلك شركات الوساطة المالية ألاَّ يكون التنافس على أيهم أقدر على تضخيم علاوة الإصدار بقدر التقييم المالي العادل، حيث كشفت نشرات الإصدار الأولية لعدد من الشركات في السابق مبالغة كبيرة في هذه التقييمات وتضخيم لأدائها المالي".
و طالب السلطان باتخاذ خطوات إجرائية للحد من هذه الممارسات التي تتم عند تقييم دراسات الطرح الأولي للشركات، معلقا أنه يجب على هيئة سوق المال أن تعمل على مراقبة المكاتب والشركات الاستشارية.
وذكرت مصادر اقتصادية أن وجود شركات متخصصة ومؤهلة في الاستشارات المالية يعد فرصة مناسبة لعدد كبير من أصحاب الشركات الخاصة والشركات العائلية للتفكير في الحصول على المشورة للتحول إلى شركات مساهمة، إذ تقدر المصادر نفسها أن يزيد عدد الشركات العائلية والخاصة المؤهلة في الوقت الراهن ليصل إلى نحو 100 شركة.
وتوقعت المصادر ذاتها أن يكون مستقبل أسواق المال في المنطقة والظروف الاقتصادية المواتية تتطلب إجراء مزيد من الاكتتابات الكبرى، وطرح أسهم الشركات في إصدارات عامة تُرجع الثقة للمستثمرين، وتعيد الاستقرار لأسواق المال، وتتيح المجال أمام شرائح أوسع للمساهمة في قطاعات الأعمال المختلفة في جميع اقتصادات المنطقة.
وأشاروا إلى أن ذلك سيؤدي بدوره إلى زيادة حجم المنافسة بين الشركات والبنوك الأجنبية للمكاتب السعودية المرخصة وشركات الاستثمار الخاصة بالبنوك في مزاولة أعمال الترتيب والاستشارات، في ظل امتلاك هذه الشركات العالمية الخبرة الواسعة في هذا المجال.
يذكر أن عدد شركات ومكاتب الوساطة المرخص لها من قبل هيئة سوق المال السعودية بلغ نحو 50 شركة تقدم خدماتها لمزاولة نشاط التعامل، الإدارة، الحفظ، الترتيب، والاستشارة. وبلغ عدد شركات الوساطة التي رخص لها بمزاولة نشاط التعامل بالأوراق المالية 26 شركة، فيما بلغ عدد تراخيص إدارة الأوراق المالية 21 شركة، وبلغ عدد الشركات المرخص لها لمزاولة نشاط الحفظ 20 شركة. وقد زاد عدد الشركات المقدمة لنشاط الترتيب ليصل إلى 37 شركة فيما بلغ عدد الشركات المقدمة للاستشارات في الأوراق المالية 40 شركة.