انخفاض في عدد الوظائف وزيادة في معدلات الإنتاجية الأمريكية

انخفاض في عدد الوظائف وزيادة في معدلات الإنتاجية الأمريكية

[email protected]

أظهرت بيانات التوظف والبطالة في الولايات المتحدة انخفاضا في عدد الوظائف التي أضافها الاقتصاد خلال شهر نيسان (أبريل) حيث بلغت 88 ألف فرصة عمل، في مقابل 177 ألف فرصة عمل تمت إضافتها خلال شهر آذار (مارس) الماضي. وعلى أثر ذلك ارتفع معدل البطالة من 4.4 في المائة إلى 4.5 في المائة. ويشير ذلك إلى أن الاقتصاد بدأ بالتباطؤ بعد حالة التوسع التي شهدها في الأشهر الماضية التي أدت إلى ارتفاع في معدلات الأسعار مما يعطي إشارة إلى أن الاقتصاد يعدل أوضاعه الحالية للتلاؤم مع ظروف الواقع. وهذا يزيد من فرص تخفيض أسعار الفائدة الأمريكية أواخر السنة الحالية، وذلك بالنظر إلى إمكانية تراجع معدلات التضخم بشكل أسرع كنتيجة لانخفاض القوة الشرائية لدى المستهلك الأمريكي. ويؤكد على ذلك ارتفاع أسعار السندات التي ترتبط أسعارها بشكل عكسي مع أسعار الفائدة، كما انخفض العائد على سندات الخزانة التي تستحق خلال عشر سنوات إلى 4.64 في المائة منخفضاً من 4.67 في المائة. وأتى الانخفاض في عدد الوظائف بشكل أساسي من تخفيض التوظف في قطاعي مبيعات التجزئة والمقاولات، حيث انخفض عدد الوظائف في قطاع التجزئة بـ 26 ألف فرصة عمل وبـ 11 ألف فرصة عمل في قطاع المقاولات. كما تباطأ على أثر ذلك معدل الزيادة في الأجور، حيث ارتفع معدل أجر الساعة بمعدل 0.2 في المائة خلال شهر نيسان (أبريل) في مقابل 0.3 في المائة خلال شهر آذار (مارس) الماضي.
وبشكل متفق مع تقرير التوظف والبطالة بدأت تظهر علامات تراجع في معدلات إنفاق المستهلكين حيث أشار تقرير حكومي هذا الأسبوع إلى أن الزيادة في معدلات الإنفاق الخاص في شهر آذار (مارس) الماضي كانت أقل من توقعات المحللين، ويؤكد على ذلك لجوء متاجر وول مارت إلى تخفيض عدد الوظائف بـ 1200 وظيفة مما يعطي إشارة إلى انخفاض إنفاق المستهلكين في هذه المتاجر، والتي تعد المقصد الأول للكثير من المتسوقين الأمريكيين من أصحاب الدخول المتوسطة.
من ناحية أخرى أشار تقرير إدارة العمل بشأن الإنتاجية إلى ارتفاعها خلال ربع السنة الأول حيث ارتفعت بمعدل 1.7 في المائة كما أن تكلفة العمالة انخفضت مما يعطي منحى إيجابياً انعكس على مشاعر المحللين الاقتصاديين وتفاؤلهم بتحسن معدل النمو الاقتصاد خلال الفترة المقبلة. وقد تكون الزيادة في الإنتاجية نتيجة طبيعية لتخفيض عدد فرص العمل ومحاولة إعطاء مسؤوليات أكثر للعاملين الحاليين مما ينعكس بشكل إيجابي على الإنتاجية. وجاء هذا التقرير قبل يوم من صدور تقرير التوظف والبطالة الذي أشرت إليه مما يعطي تفسيراً للتباطؤ الاقتصادي الذي يشهده الاقتصاد الأمريكي.
وفيما يتعلق بقضية قروض الإسكان المتعثرة التي تعد السبب الرئيس في تباطؤ قطاعات الاقتصاد الأمريكي، خصوصاً قطاع الإسكان الذي يعد أحد أعمدة الاقتصاد، سيبدأ الكونجرس جلسة استماع مع مجلس الاحتياطي الأمريكي التي يتوقع أن يصب فيها الكونجرس لومه على مسؤولي "الاحتياطي الفيدرالي" بسبب فشلهم في عمل أي تدابير أو سن أي تشريعات للحد من التضخم الذي شهده قطاع قروض الإسكان خلال الفترة ما بين عامي 2004 و 2006 والتي ارتفعت فيها القروض الممنوحة بما قيمته 2.8 تريليون دولار من دون أن يعمد "الاحتياطي" إلى إجراء يخفف من حدة هذه الزيادة. ويشير أعضاء في لجنة المصارف في الكونجرس، إلى أن "الاحتياطي الفيدرالي" لم يمارس صلاحيته الممنوحة له من الكونجرس للحد من هذا التوسع المفرط والذي يجني الاقتصاد آثاره السلبية حالياً. وكانت القروض لأصحاب الملاءة الائتمانية المتدنية قد تضاعفت فيما بين عامي 2003، والتي بلغت فيه قيمة هذه القروض 332 مليار دولار، وعام 2006 الذي بلغت فيه قيمة القروض 640 مليار دولار.
من ناحية أخرى، أشار رئيس "الاحتياطي الفيدرالي" لمدينة سان فرانسيسكو، إلى أن الاقتصاد العالمي يمكنه تحمل التباطؤ الذي يشهده الاقتصاد الأمريكي والذي بلغ معدل نموه السنوي الشهر الماضي 1.3 في المائة. ويواجه الاقتصاد العالمي الذي شهد نمواً قوياً خلال السنوات الأخيرة خطر التباطؤ في معدلات النمو الأمريكية وخطراً آخر يتمثل في عجز الحساب الجاري الأمريكي الذي بلغ خلال العام الماضي 856.7 مليار دولار لتبلغ نسبته 6.5 في المائة من الناتج المحالي الإجمالي.
واستمراراً لمواصلة الضغط على الحكومة الصينية للسماح بمزيد من المرونة فيما يتعلق بقيمة اليوان وذلك لتخفيض عجز الميزان التجاري الأمريكي مع الصين، أشار وزير الخزانة الأمريكي بولسون إلى أن انخفاض معدلات الفائدة على مدخرات المواطنين الصينيين يعد أحد الأسباب الرئيسة لتدني الاستهلاك المحلي الصيني. ويحصل الصينيون على 2.5 في المائة من مدخرات تبلغ قيمتها تريليوني دولار، في الوقت الذي يتجاوز فيه معدل النمو الاقتصادي الـ 10 في المائة مما يؤدي إلى ضغط على دخول المواطنين ويقوض حجم إنفاقهم الاستهلاكي. ويحاول بولسون الضغط على الصين لأجل الاعتماد على الاستهلاك المحلي كمحرك أساسي للاقتصاد الصيني بدلاً من الاعتماد على الاستهلاك الأمريكي الذي يعمق العجز التجاري الأمريكي مع الصين. وتستفيد الصين من انخفاض أجور مواطنيها وارتفاع إنتاجيتهم في تحقيق فائض تجاري مع الولايات المتحدة. وإشارة بولسون إلى وجوب اعتماد الصين على استهلاكها المحلي له جانب إيجابي بالنسبة للولايات المتحدة حيث سينتج عن تبني هذه السياسة زيادة الطلب على المنتجات الأمريكية وتحويل موازين التجارة بين البلدين.

الأكثر قراءة