ارتفاع العملات الأجنبية وزيادة الطلب وعدم توافر السائقين تضاعف تكلفة النقل البري
أكدت مصادر عاملة في سوق النقل البري في السعودية، أن الفترة الحالية تشهد ارتفاعا ملحوظا في أسعار النقل تقترب من 100 في المائة بين منطقة وأخرى. وقال لـ "الاقتصادية"عبد الرحمن العطيشان رئيس لجنة النقل البري في الغرفة التجارية الصناعية للمنطقة الشرقية، إن قطاع النقل في المملكة شهد خلال السنوات العشر الماضية حالة ركود كبيرة, حيث لم يشهد هذه القطاع أي تطور يُذكر، الأمر الذي دفع أصحاب شركات النقل للتوجه للاستثمار في مشاريع أخرى لها عوائد أفضل، منها سوق الأسهم الذي شهد طفرة كبيرة خلال السنوات الأخيرة, مشيرا إلى أنه وتحديدا خلال السنوات الثلاث الماضية شهدت البلاد مشاريع استثمارية كبيرة، الأمر الذي يتطلب توفير شاحنات ومعدات ثقيلة، في الوقت الذي لا تتوافر فيه الإمكانات المتاحة لشركات النقل وغيرها للقيام بذلك, ما تسبب في زيادة الأسعار بالشكل الحالي وبنسبة تفوق 100 في المائة، والتي أرجعها العطيشان إلى التغيرات في أسعار العملات الأجنبية, والذي أدى بدوره إلى ارتفاع أسعار الشاحنات 40 في المائة ومازالت في الارتفاع, بجانب عدم توافر سائقين سعوديين, حيث تسيطر العمالة الأجنبية على هذا القطاع, كما أثر قرار فرض نسبة السعودة 30 في المائة كثيرا على أصحاب الشركات لعدم وجود سعوديين يعملون في هذا المجال بكثرة, وأسهم في تمرد السائقين الأجانب وعدم التزامهم بالتعليمات والشروط التي يفرضها صاحب العمل، كونه يعمل تحت رحمتهم، وقد تسبب ذلك في عدم التزام الناقلين بتسليم ووصول البضائع في وقتها المحدد للعميل.
وأكد أن نسبة ارتفاع الطلب تقدر بنحو 10 في المائة شهريا منذ تشرين الأول (أكتوبر) 2006 وحتى أيار (مايو) الحالي.
وبيّن أن هناك طلباً تم رفعه من قبل مجلس الغرف السعودية واللجنة الوطنية للنقل إلى وزارة النقل لخفض نسبة السعودة إلى 5 في المائة بدلا من 30 في المائة, إلا أنه لم يصدر أي قرار بهذا الشأن، خاصة أن 30 في المائة من الشاحنات لا تعمل حاليا بسبب عدم توافر سائقين، الأمر الذي دفع شركات النقل لزيادة أسعارها لتغطية النقص الحاد في عدد شاحناتها التي لا تعمل, كما أن هناك أمراً آخر أضر كثيرا بالشركات، ألا وهو نقاط التفتيش في الطرق السريعة, حيث تتعرض الناقلات للوقوف ساعات طويلة، ويؤثر ذلك سلبا في الإرساليات ووصولها في الوقت المحدد، وكذلك المنافذ البرية الحدودية بين السعودية ودول الخليج وقد يتطلب توقف الشاحنات أكثر من يومين.
وأشار رئيس لجنة النقل البري في غرفة الشرقية إلى أن السعوديين يجدون صعوبة بالغة في العمل سائقين في هذا القطاع كون العمل شاقاً يتطلب غيابهم عن ذويهم عدة أيام.
وبيّن أن هناك مقترحاً لاندماج شركات النقل البري في الشرقية في شركة واحدة بهدف تنظيم نشاط قطاع النقل البري في المنطقة, بهدف إعطاء قوة اقتصادية كبيرة لهذا القطاع الذي يسهم مساهمة فاعلة في عملية التنمية التي تشهدها البلاد.
وأوضح أن الشركة الجديدة المقترح تأسيسها ستسهم كثيراً في التغلب على العقبات التي تواجه قطاع النقل البري الصغيرة داخل السعودية مع الدول الأخرى، وإن هدف الشركة يتمثل في مواجهه التحديات والتكتلات التي لا تستطيع الكيانات الصغيرة مواجهتها في ظل الانفتاح الذي تشهده المنطقة مستقبلا, لافتا النظر إلى أن اندماج ما يقارب 30 شركة نقل عاملة في الشرقية في شركة واحدة سيعمل على تخفيض الأعباء المالية على المستثمرين في هذا القطاع من خلال ما ستحققه من مكاسب كبيرة عند إجراء تعاقداتها لشراء قطع الغيار والإطارات والزيوت وكذلك عقود التأمين.
ودعا العطيشان إلى تأسيس هيئة للنقل في السعودية على غرار هيئتي المهندسين والأطباء وغيرهما من الهيئات الموجودة, على أن تقوم هذه الهيئة بخدمة قطاع النقل في البلاد والإسهام في حل مشكلات شركات النقل محليا ودوليا، حيث هناك الكثير من المشكلات التي يصعب حلها سواء مع شركات التأمين أو ما يتعلق بسرقة الشاحنات أو البضائع وغيرها من المشكلات التي يمكن أن تتعرض لها شركات النقل.
يُذكر أن هناك 2500 شركة نقل عاملة في مختلف مناطق السعودية، وتمتلك هذه الشركات ما يقارب 100 ألف شاحنة.
من جهته, أرجع عماد العمير مدير عام "العمير للشاحنات" أسباب الارتفاع، إلى زيادة الطلب على الشاحنات والمعدات الثقيلة في أوروبا والتي تنتج أغلب الماركات المشهورة من الشاحنات, مشيرا إلى أن الطفرة الاقتصادية التي يشهدها بعض الدول وروسيا واحدة منها أثرت في ذلك، حيث تتوافر فيها مشاريع عملاقة يجري العمل على تنفيذها حاليا هناك، وتم توجيه جزء كبير من الصادرات الأوروبية من المعدات والشاحنات إلى روسيا لاستغلالها في تلك المشاريع.
كما أسهم ارتفاع اليورو والجنيه الاسترليني في ارتفاع الأسعار، حيث لم يسبق أن ارتفعت تلك العملات بهذا الشكل من قبل، وأوضح زيادة الطلب على توريد طلبيات التصدير، حيث لم يسبق أن واجهتنا مشكلات في الاستيراد في السابق، أما الآن فنحتاج إلى أكثر من عشرة أشهر إلى عام تقريبا لتسلم الشاحنات من المورد رغم أنه في السابق لا تتجاوز المدة ثلاثة أشهر فقط.
أما على الصعيد المحلي، فإنه توجد أسباب أخرى منها النهضة الاقتصادية والعمرانية في البلاد ومنها زيادة الرقعة السكانية وأيضا إنشاء وإعادة تسوية الطرق، كل ذلك أسهم في زيادة الطلب وبشكل ملحوظ.
من جانب آخر قال عبد الله الغنام مدير عام الغنام لمواد البناء، إن الوضع الراهن لسوق النقل، أضرّ كثيرا بعملائنا من حيث الالتزام والدقة في المواعيد، حيث أسهم عدم توافر العدد الكافي من الشاحنات في إعادة جدولة مواعيد التسليم، ونحن نسعى بدورنا إلى توفيره جميع متطلبات الزبائن وإيصال طلبيات التوريد في حينها، مشيرا إلى أن هناك تكتلات من قبل بعض الناقلين سواء أفراد أو مؤسسات للعمل تحت مظلة شركات كبرى ملتزمة بدورها بعقود كبيرة لصالح مشاريع تنموية في البلاد دفعت الناقلين لإبرام عقود متوسطة الأجل تضمن حصولهم على مستحقاتهم المالية كافة وفق جدول زمني محدد. وطالب الغنام الجهات المختصة بالتدخل للحد من ارتفاع الأسعار، خاصة أن البلاد تشهد نموا ملحوظا فيما يتعلق بقطاع البناء والتشييد.