رضا الزبائن الطريق إلى النجاح في الأسواق
إذا كنت تسعى إلى تحقيق رضا الزبائن، فإن من أفضل المجالات لممارسة ذلك، خدمة الزبائن. ومن سوء الحظ أن ذلك المشهد يشهد على الدوام معاناة الأهداف بعيدة المدى من أعباء الضغوط المالية قصيرة الأجل. وتحاول الشركات تلبية الطلبات الفورية في وول ستريت بتقليص التكاليف من خلال زيادة استخدام الآلات بدلاً من العمال في إنجاز الأعمال، وكذلك عبر اللجوء إلى نقل العمليات الإنتاجية إلى جهات أخرى، على الرغم من تزايد الأبحاث التي تثبت أن المستهلكين ملّوا من الخدمات السيئة، وأن لزيادة الرضا آثاراً إيجابية في الإنفاق الاستهلاكي، والتدفق النقدي، وأداء النشاطات العملية.
وأظهر كلاس فورنيل أستاذ النشاطات العملية في جامعة ميتشيجن وزملاؤه في دراسة أحدثت دوياً هائلاً عام 2006، وجود علاقة ارتباط قوية للغاية بين رضا الزبائن والنجاح المالي، وذلك من خلال إنشاء محفظة تحوط يتم بموجبها شراء الأسهم، مع فترات احتفاظ مختلفة بها، ثم بيعها استجابة للتغيرات التي تظهر في مؤشر رضا المستهلكين الأمريكيين.
ويشير هذا المؤشر الذي تم تطويره من جانب مركز جامعة ميتشيجن القومي لبحوث الجودة إلى النجاح الاقتصادي الذي يعكس مستويات من رضا الزبائن عن البضائع والخدمات التي تقدمها 200 شركة في 40 صناعة مختلفة. ويستند ذلك على مقابلات مع أكثر من 65 ألف مستهلك أمريكي سنوياً.
واستطاعت تلك الشركات ذات الرضا العالي للمستهلكين التفوق في مؤشرات الإنجاز على معدل ما حققته 500 شركة مكونة لمؤشر ستاندرد آند بورز, خصوصاً خلال السنوات القليلة الماضية. ولم تكتف تلك الشركات في التفوق بعوائدها الخاصة بالأسهم، وإنما كانت قيم أسهمها، وتدفقاتها المالية، أقل عرضة للتذبذبات.
فكيف يمكن لهذه النتائج أن تتحقق في ظل نظرية تكافؤ الأسواق التي تقول إنه لا يمكنك التفوق على أداء السوق بصورة مستمرة؟ إن السبب في ذلك هو أن أساليب تقييم الأسهم الحالية تخفق في تقديم المعلومات التي تشكل قاعدة لعمليات التجارة بالأسهم في المحفظة الخاصة بمؤشر رضا المستهلكين. ولو كان الأمر كذلك لتبعت محفظة هذا المؤشر أداء شركات مؤشر ستاندرد آند بورز بمسافة قريبة.
وتتحسن توجهات المستهلكين أو تتراجع حين يلاحظ الناس فارقا مستمرا في الجودة. ولا تحدث التغيرات في مؤشرات رضا الزبائن عن الشركات بين ليلة وضحاها، حيث إنها تشق طريقها عبر سلاسل قيمة معقدة تؤثر في النهاية في أرباح ربع العام وأسعار الأسهم. ويفسر ذلك الفرق بين أداء محفظة مؤشر المستهلك الأمريكي ومحفظة مؤشر شركات ستاندرد آند بورز خلال السنوات الأولى من هذه الدراسة.
وتحسنت الظروف المالية لهذه الشركات بعد سنوات من تفوق أدائها على معدل أداء شركات مؤشر ستاندرد آند بورز. وأدى تراجع في أداء مؤشر رضا المستهلك الخاص بشركة ديبوت إلى بيع قسم الأسهم المسمى ( افعله بنفسك). وكان ذلك منسجماً مع ضعف الأداء المالي للشركة، والتصنيفات المتدنية من جانب محللي الأسهم، قبل أن يضيف التراجع الحالي في أسعار المنازل هماً جديداً إلى سلة هموم الشركة.
وتختلف مضامين هذه الدراسة بين شركة وأخرى، أو صناعة وأخرى. وعادة ما يستغرق ظهور آثار رضا مستهلكي الشركات ذات دورات البيع طويلة الأجل، مثل التأمين، والبضائع المستدامة، وقتاً طويلاً لكي يتضح في قوائم المبيعات، والقدرة على زيادة الأسعار، وغير ذلك. (فما عدد المرات التي تغير فيها غسالة الأطباق على سبيل المثال؟). وإذا زاد رضا المستهلكين عن الشركات كثيفة الخدمات، فإن أولئك المستهلكين سوف يطورون سلوكهم، ويخبرون غيرهم من المستهلكين الذين من المتوقع أن يتغير سلوكهم الشرائي خلال فترة وجيزة.
والأكثر من ذلك هو أنني وجدت من خلال دراسة لشركة كمبيوتر شخصية تستخدم معلومات تزودها بها شركة بلانيت فيدباك، إن المشكلات المتعلقة بالخدمات أعمق من تلك الخاصة بالمنتجات حول ميل المستهلكين إلى الثناء على علامة تجارية ما. وبما أن طلبات الخدمة تتطلب تفاعلاً مباشراً بين الشركات وزبائنها، وأن المستهلكين هم الذين يبادرون إلى الاتصال، فإن من شأن إبداء رغبة قوية بحل مشكلاتهم، جعل الأمور المتعلقة بالخدمات، تؤدي إلى المزيد من ردود الفعل الفورية، بالمقارنة مع تلك الردود الخاصة بالمنتجات.
وإذا ما تكشفت جوانب عدم كفاءة الأسواق، فإن على المسؤولين التنفيذيين في الشركات أن يشرعوا في المناقشة الجدية لمعايير اتخاذ القرارات التي تؤدي إلى زيادة العوائد في الأجل القصير، ولكن من شأنها إضعاف توجهات وعلاقات الزبائن. وإن المخاطر بهذا الصدد عالية. وسوف يكون قادة الشركات الذين لا يعملون بنشاط على زيادة رضا الزبائن, مسؤولين عن تدمير العوائد المستقبلية لشركاتهم، وإلحاق الأذى بقيمة الأسهم.