متخصصون: بيئة العمل النسائية الأكثر تضررا بسبب عدم وجود رابطة للموظفات
متخصصون: بيئة العمل النسائية الأكثر تضررا بسبب عدم وجود رابطة للموظفات
تلعب "رابطة الموظفين" في الدول المتقدمة دورا كبيرا في حماية حقوق الموظفين والموظفات، ومراعاة الشفافية والمصداقية في القرارات التي تتخذها الشركة تجاههم سواء ترقيات أو علاوات أو تحديد مقدار الراتب الشهري لأي من الموظفين، وربما تمثل آخرها في فضيحة رئيس البنك الدولي, الذي كان يعطي ترقيات وحوافز دون أي سبب مقنع أو وجيه لإحدى الموظفات, وهو ما كشفت عنه رابطة الموظفين في الشركة.
ورغم موافقة مجلس الوزراء أخيرا على تشكيل لجان العمل، ورغم حاجة دوائر العمل في السعودية لهذا النوع من التجمعات، فإن 15 شركة فقط عاملة في القطاع الخاص، تمتلك رابطة موظفين، بحسب إحصائية حصلت "المرأة العاملة" على نسخة منها.
وهنا يرى مراقبون أن بيئة العمل النسائية هي الأكثر تضررا جراء غياب تلك الرابطات، وذلك يعود لكون الموظفات هن الأكثر بعدا عن أصحاب القرار في الإدارات، وبالتالي الأقل تأثيرا في مسار القرارات الإدارية ومدى التزامها الشفافية والمصداقية، التي غالبا ما تكون نتاج معرفة وعلاقات شخصية لا أكثر.
اختياري أم إلزامي
تؤكد سامية علي الإدريسي، عضو رابطة موظفي "أرامكو" أن إنشاء رابطة موظفين في أي شركة، وسيلة جيدة لحماية حقوق العاملين، إضافة إلى ما تلعبه من تكوين مجتمع داخلي في المنشاة يزيد من انتماء الموظفين إليها، مشيرة إلى أن رابطة الموظفين تشكل تحالفا جيدا يسمح للموظفين بمناقشة ورفض القرارات الصادرة من قبل الشركات المختلفة، كما أنها تسهم في منع أي قرار تعسفي تجاه أحد الموظفين.
وطالبت وزارة العمل بإلزام الشركات بتكوين رابطة من الموظفين تابعة لها، وأن يكون من مهام اللجنة التحقق من مصداقية القرارات، منوهة بأن العمل الجماعي دائما ما يعطي ثماره في منع الظلم والتعسف، وانفراد الشركة بقرارات لا تخدم مصالح العاملين فيها.
وزادت" الرابطة تخدم الموظفات بشكل أكبر خاصة أنهن دائما ما يكن غير أعضاء في مجالس الإدارة أو الإدارات العليا، وبالتالي وجود رابطة للموظفين تقلل من عدم قربهم من مراكز صنع القرار وبالتالي تقلل من القرارات المجحفة أحيانا، كالفصل التعسفي أو الحرمان من الإجازة وغيرها".
ونوهت الإدريسي إلى أن الرابطة ترسخ الشفافية وعدم التلاعب بقرارات الترقية والحوافز، الأمر الذي له أثر إيجابي في العمل في الشركة وهو ما يحدث في الشركات الكبرى، مؤكدة أنه أدعى للحدوث في الشركات الأخرى.
أسباب الغياب
يبين الدكتور محمد بن راشد اليمني، وكيل كلية إدارة الأعمال للشؤون الإدارية في جامعة الملك سعود، أن إنشاء رابطة للموظفين في الشركات هو علامة تقدم الدول، موضحا أن الشركات النسائية أو الإدارات النسائية، مازالت حديثة العهد بالعمل، وبالتالي من الصعب عليهم القيام بتكوين رابطة للموظفات.
وأكد اليمني أهمية مثل تلك الرابطات في زيادة المقدرة التنافسية للشركة، على أساس أن الشركة لن تنافس الجمهور الخارجي قبل أن تصل إلى راحة الجمهور الداخلي, الذين هم الموظفون، مشيرا إلى أن فائدة رابطة الموظفين تكمن في تقوية الموظفين وجعلهم يتكلمون بشكل منظم، إضافة إلى أنها تشعر الموظفين بالأمان الوظيفي وتحول دون عدم الشفافية أو اتخاذ قرارات من قبل الشركة لا أساس أو مصداقية لها.
وأرجع الإدريسي عدم انتشار رابطة الموظفين في الشركات السعودية إلى أنه قديما كان التوجه السياسي يمنع وجود روابط وتجمعات، أما الآن ومع تغير الوضع أصبح هناك مطالب بوجود تلك الروابط، مشيرا إلى أن تفعيل نظم منظمة التجارة العالمية سيجبر الشركات على تكوين رابطة واتحاد للموظفين, ولكن هذا يحتاج إلى وقت.
وزاد" الرابطة تقلل من الفساد الموجود في الشركات ومن تدخل العلاقات الشخصية في نوع القرارات كالحوافز والترقية مثلا، وأنا هنا أطالب وزارة العمل بإلزام الشركات بإنشاء رابطة للموظفين، والأهم ألا يتدخل رئيس الشركة في اختيار الأعضاء العاملين فيها".
الرابطة حاجة أم رفاهية
في المقابل يرى الدكتور نصر عباس، مدير إدارة الشؤون الأكاديمية في كلية اليمامة، أن إنشاء رابطة موظفين داخل الشركات تعد حاجة وليست رفاهية، كما يعتقد البعض، مشيرا إلى أن أي رابطة تتكون من عناصر تمثل الأقلية أو البعيدة عن المراكز العليا أو صنع القرار، يكون لها أثر إيجابي في حماية تلك الأقلية ومنع القرارات المجحفة في حقها.
وقال" الإدارات في العادة لا تستمع لآراء الموظف بشكل فردي، ولكن التصويت على القرارات وإبداء الرأي بشكل جماعي، له آثاره الإيجابية في الموظفات والمنشآت، وهذا ينطبق بصورة كبيرة على الموظفات السعوديات، اللاتي يعملن عادة في فروع بعيدة عن المركز الإداري الرئيسي، لذا فإن تكوين رابطة للموظفات حاجة ضرورية لزيادة الانتماء للمنشأة".
وأضاف "إن عدم شيوع رابطة الموظفين يعود في المقام الأول إلا أننا لم نصل بعد إلى المستوى المتقدم الذي يشعر فيه الموظفون والشركة بحاجتهم إلى تلك الرابطة".
شروط لجان العمل
وفق إحصائيات وزارة العمل، فإن عدد الشركات التي تملك رابطة للموظفين بلغ 15 شركة فقط، من أصل أكثر من 100 ألف شركة مسجلة في وزارة العمل، إذ توجد بعض الشروط الخاصة بتكوين لجان العمل منها، جواز تكوين لجنة عمل واحدة في كل منشأة، ويعتمد تكوين اللجنة بقرار من وزير العمل، وألا يقل عدد الأعضاء عن ثلاثة ولا يزيد على تسعة، ومدة العضوية ثلاث سنوات.
وتشترط اللائحة المنظمة للجان العمل شروطا أخرى، كأن يكون الموظف قد بلغ 25 عاما وله سنتان في المنشأة، ويكون ضمن العاملين السعوديين في المنشأة.
وحددت بيانات وزارة العمل عمل اللجنة في تحسين شروط العمل وظروفه، زيادة الإنتاج ونوعيته، تحسين المستوى الصحي، توفير وسائل السلامة المهنية، وتطوير برامج التدريب الإداري.
وتعد اللجنة تنظيما داخليا يحدد كيفية عقد اجتماعاتها واتخاذ ما يصدر بشأنها مع إيداع نسخة لدى الوزارة، ولا يجوز التدخل في شؤون اللجنة أو التأثير في أعضائها، وتكون الجلسات علنية ويعقد الاجتماع في المكان والزمان الذي يحدده الرئيس.
رأي الموظفات
وفي هذا السياق طالب عدد من الموظفات الجهات المعنية، بإلزام شركات القطاع الخاص تكوين رابطة خاصة بالعاملات، مؤكدات أنهن أكثر عرضة لانتهاك حقوقهن ومزاياهن الوظيفية، وبالتالي فإنهن أكثر حاجة إلى وجود رابطة تحميهم وتعبر عنهم، خاصة أنهن غالبا ما يكن بعيدات عن الإدارة العليا ومراكز صنع القرار.
تقول منال الدوسري موظفة في إحدى شركات الكمبيوتر إنها دائما ما تطلع على دور رابطة الموظفين في حماية الموظف من القرارات المتسرعة والظالمة لبعض الشركات، وزادت" دائما ما يكون التصرف الجماعي أكثر فائدة وإيجابية من التصرف الفردي".
وطالبت الدوسري بإلزام الشركات تكوين رابطة للموظفين حتى لو كانت ميزانيتها تمول من حسم مبلغ رمزي من كل موظفة، فالرابطة ستقلل من الفساد ومن تداخل المصالح الشخصية لبعض قرارات الترقية والحوافز، إلى جانب أنها سترسخ المصداقية والشفافية في أي قرار تتخذه الشركة.
ومن ناحيتها تعلق علا الأحمد موظفة "إن بعد السيدات عن مراكز صنع القرار وعن الإدارات العليا تجعل من الأهمية وجود رابطة موظفات لهن، إلا أن ترك الخيار للشركة لتكوين رابطة لا يخدم الموظفة العاملة"، متسائلة: لماذا تنشئ الشركة رابطة موظفات قد تجعل لزاما عليها الالتزام ببعض القوانين التي قد تؤثر سلبيا في مصالح الشركة نفسها؟