سكان بغداد يلجأون إلى زوارق دجلة تفاديا للازدحام الخانق
بدأ سكان بغداد باللجوء إلى الزوارق للتنقل بين ضفتي نهر دجلة بعد تفجير جسر الصرافية الحديدي وتفاقم مشكلة الازدحام الخانق الذي يعوق التواصل بين أطراف العاصمة.
وتعمل عشرات الزوارق على نقل الركاب فيما ينتظر الناس دورهم على ضفاف دجلة الذي يفصل بين جانبي بغداد، الكرخ، والرصافة. وقال أحمد مجيد (37 عاما) وهو عاطل عن العمل بينما كان وسط زورق مشابه لحافلة ركاب مزدحمة "لا نجد غير الزورق للعبور إلى جانب الكرخ (غرب دجلة)، حيث أحاول البحث عن عمل هناك من خلال أصدقائي".
وأضاف أن "الجسور والشوارع في حي الأعظمية (شمال) لا تخلو من المخاطر والانفجارات، خصوصا بعد تفجير جسر الصرافية". وأدى انفجار شاحنة مفخخة فوق جسر الصرافية الأسبوع الماضي إلى مقتل وإصابة العشرات وسقوط جزء كبير من الجسر الحديدي، أقدم جسور بغداد الذي يربط بين منطقتي العطيفية والوزيرية (شمال).
من جهتها، قالت أم محمد (47 عاما) التي أرغمتها الظروف الأمنية على استخدام الزوارق لنقل أثاث نجلها الذي سيتزوج قريبا إن "الزوارق تساعدنا على حياتنا وخصوصا لتجاوز الازدحام ومخاطر أعمال العنف التي قد تحدث في أي وقت وأي مكان".
وأضافت بينما كانت في طريق عودتها من الكرخ إلى منطقة الصليخ في جانب الرصافة (شرق دجلة) أن "الزورق وسيلة للعبور الآمن بين الكرخ والرصافة بعيدا من نقاط التفتيش والسيارات المفخخة". وينتشر فوق دجلة 13 جسرا تربط بين جانبي المدينة أُغلق عدد منها لأسباب أمنية، أو لتعرضها للدمار فيما يغلق بعضها في شكل مفاجئ ما يرغم الآلاف على التوجه نحو الجسور الأخرى، علما أن عبور أحدها يستغرق نحو ساعة أحيانا.
من جانبه، قال ياسر عبد الله (28 عاما) صاحب أحد الزوارق الذي ورث المهنة من والده إن "العمل هذه الأيام شاق جدا رغم ما نكسبه من أموال. فمنذ سقوط جسر الصرافية يندفع الكثيرون لاستخدام الزوارق لعبور دجلة". وأضاف "انقل يوميا العشرات وكثيرا من المرضى وأحيانا نساء على وشك الوضع (الولادة) من مناطق قريبة لإيصالهم إلى مستشفى الكاظمية (شمال)".
وفضلا عن الجسور المغلقة، هناك نقاط التفتيش وحواجز من الأسمنت المسلح أيضا. يذكر أن منطقتي الأعظمية (شرق دجلة) والكاظمية (غرب دجلة) هما من أقدم مناطق بغداد وأعرقها تجاريا، الأمر الذي يدفع سكانها إلى البحث عن بدائل للوصول إلى أماكن عملهم والحصول على متطلباتهم اليومية.
وقال عباس خضير (45 عاما) المدرس الذي يعبر دجلة يوميا للوصول إلى مدرسته "نعبر النهر إلى الكاظمية يوميا للذهاب إلى عملنا بواسطة الزورق، حتى مرضانا ننقلهم بالزورق لنضمن الوصول بسرعة". وأكد سعد محمد، وهو جندي عراقي في نقطة تفتيش قرب مرسى للزوارق في الكرخ، أن "مهمتنا تقضي بتفتيش وحماية المواطنين الذين يستقلون الزوارق".
وأضاف أن "عائلات بأكملها وطلاب جامعات يستقلون الزوارق يوميا للعبور من جانب إلى آخر". بدورها، قالت إيناس حسن (20 عاما) الطالبة الجامعية إنها "محرجة كثيرا" لاستخدام الزورق وسيلة لعبور دجلة بين الكاظمية والأعظمية مع زميلات لها يوميا متجهة إلى كلية التربية. وقرر محمد عبود (48 عاما) صاحب أحد الزوارق تغيير مهنته التي مارسها طوال عشرين عاما، وهي صيد السمك، لينقل الركاب بين ضفتي دجلة، "فهناك مال كثير نحققه هذه الأيام لأنني انقل مئات الأشخاص يوميا". ويبلغ بدل النقل للشخص الواحد في الزورق الذي يتسع عادة لأكثر من عشرة أشخاص، 250 دينارا عراقيا (20 سنتا).