السعودية تركز على استقرار أسعار الصرف.. ولم تتعرض لضغوط بشأن الفوائض المالية
أكد الدكتور إبراهيم العساف وزير المالية أن الحكومة السعودية أعطت أولوية للإنفاق، لا سيما الموجه إلى تطوير البنية التحتية والخدمات الاجتماعية بهدف تعزيز أداء الاقتصاد وإيجاد فرص عمل جديدة للمواطنين.
وأبان في كلمته التي ألقاها أثناء اجتماع اللجنة النقدية والمالية الدولية التابعة لصندوق النقد الدولي، أن سياسة المملكة المتبعة تركز على الحفاظ على استقرار الأسعار وسعر الصرف، متوقعا أن يتعمق القطاع المالي بشكل أكبر بعد منح عدد من التراخيص الجديدة لبنوك ومؤسسات وساطة وخدمات مالية. وأضاف أن المملكة حققت تقدما في تحرير التجارة والاندماج الإقليمي مما سيسهم في تعزيز قدرة الاقتصاد التنافسية ويحسن آفاق النمو والتنمية.
وأوضح أن الاقتصاد السعودي واصل أداءه القوي الذي يتميز باتساع نطاقه، وتحقيق فائض في كل من الحساب الجاري والميزانية العامة في ظل انخفاض حجم الدين العام، وتحقيق القطاع الخاص معدلات نمو مرتفعة مما أسهم في تعزيز هذا الأداء القوي.
وفي معرض حديثه عن تطورات الاقتصاد العالمي، رحب بالأداء الجيد للاقتصاد العالمي خلال العام الماضي.
ولفت إلى أن ضبط أوضاع المالية العامة الجاري في الولايات المتحدة الأمريكية وقوة أداء النمو في منطقة اليورو واليابان والتدابير الجارية، المزمع اتخاذها في الصين لتعزيز دور الاستهلاك في توجيه النمو أسهمت في تقليل المخاطر التي قد يتعرض لها الاقتصاد العالمي بسبب الاختلالات العالمية في موازين الحسابات الجارية للدول الرئيسية، مشيرا إلى أن من التطورات وثيقة الصلة بتلك الاختلالات ظهور نزعة الحماية التجارية التي يمكن أن تشكل خطرا كبيرا على آفاق الاقتصاد العالمي، ما سيؤدي إلى فقدان بعض المكاسب التي حققها الانفتاح الاقتصادي العالمي المتزايد. وأشار إلى أن إعادة إطلاق جولة مفاوضات الدوحة من شأنها فتح آفاق جديدة للنمو في جميع الدول ومساعدة الدول منخفضة الدخل على تخفيف وحدة الفقر وإحراز تقدم في بلوغ أهداف التنمية الألفية الجديدة.
وفيما يتعلق بالتطورات في أسواق النفط، أوضح أنه على الرغم من توافر الإمدادات في الأسواق النفطية، إلا أن تقلب الأسعار يعود إلى الظروف الأمنية في بعض المناطق وإلى قصور الطاقة التكريرية. وأشار إلى أن السياسة التي تطبقها السعودية هي الحفاظ على طاقة إنتاجية مناسبة إسهاما منها في جهود استقرار السوق، وأضاف أن البرنامج الاستثماري الطموح لتطوير وتوسيع الطاقة الإنتاجية والتكريرية ينفذ حسب الجدول الزمني المحدد له.
من جانب آخر، استمعت اللجنة من مدير عام الصندوق لتقرير عن المشاورات المتعددة الأطراف التي شاركت فيها إلى جانب المملكة كل من الاتحاد الأوروبي، الصين، اليابان، والولايات المتحدة، ويشير التقرير إلى أن معالجة الاختلالات في موازين الحسابات التجارية في بعض الدول الرئيسة مسؤولية مشتركة وأن السياسات التي تتخذها الدول التي شاركت في المشاورات ستسهم بشكل كبير في معالجة هذه الاختلالات وأن نمط المشاورات المتعددة الأطراف يبدو مفيدا في مناقشة القضايا الاقتصادية ذات الطابع الدولي بين الدول المعنية.
وفي هذا السياق، أوضح الدكتور العساف أن المملكة لم تتعرض لضغوط من أي طرف سواء كان ذلك صندوق النقد الدولي أو الدول الأخرى المشاركة في المشاورات المتعددة الأطراف بشأن التعامل مع فوائضها المالية، وأن السياسة لتي تتبعها المملكة في التعامل مع هذه الفوائض التي تحققت خلال السنوات القليلة الماضية نابعة من حاجة المملكة وتستجيب لظروفها وتتسق مع جهودها لحفز النمو الاقتصادي وخططها التنموية، مضيفا أن سياسة حكومة خادم الحرمين الشريفين في استثمار تلك الفوائض في تعزيز البنية التحتية للاقتصاد السعودي وفي زيادة الإنفاق على التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية، إضافة إلى تخفيض الدين قد حظيت بتقدير المؤسسات الدولية.
من جهة أخرى، دعا صندوق النقد الدولي، إلى الانتهاء سريعا من مفاوضات جولة الدوحة في المنظمة العالمية للتجارة، وحث الدول الأعضاء الرئيسية على القيام بمبادرات سياسية في هذا الاتجاه.
وأعربت اللجنة النقدية والمالية الدولية الهيئة القيادية في الصندوق في بيان عقب اجتماعات صندوق النقد نصف السنوية في واشنطن، عن ارتياحها "لاستئناف المفاوضات" ودعت كافة الدول الأعضاء في المنظمة العالمية للتجارة إلى "العمل بعزيمة متجددة للتوصل بشكل عاجل إلى نهاية مثمرة" للمفاوضات.
واستمع أعضاء اللجنة التي يرأسها حاليا وزير المالية البريطاني غوردن براون إلى تقرير المدير العام للمنظمة العالمية للتجارة باسكال لامي حول وضع المفاوضات.
وأضاف البيان "إن اللجنة تتوقع بروز إرادة قوية لدى الدول التي تقوم بدور مركزي في المفاوضات لإتاحة حصول الاختراق الضروري".
وأضافت اللجنة "إن كل الدول الأعضاء (في صندوق النقد الدولي) ستستفيد من التوصل إلى نتيجة، في مفاوضات جولة الدوحة، من شأنها تحفيز النمو والتنمية الاقتصادية عبر خفض الحواجز التجارية وتعزيز النظام التجاري المتعدد الأطراف".
وتابع البيان أن "اللجنة تعتبر من المهم جدا التأكد من استفادة واسعة من مكاسب العولمة وأن تساعد على تقليص الفقر والفوراق في الدخل".
وكان وزراء مالية الدول السبع الأكثر تصنيعا في العالم (الولايات المتحدة، فرنسا، بريطانيا، ألمانيا، كندا، اليابان وإيطاليا) اعتبروا عقب اجتماعهم الجمعة في واشنطن أن إنهاء مفاوضات جولة الدوحة أضحى "ضرورة حتمية".
وجمدت مفاوضات جولة الدوحة في تموز(يوليو) الماضي، غير انه أعيد إطلاقها في كانون الثاني (يناير) 2007 بأمل التوصل مبدئيا إلى تسوية أولى نهاية حزيران (يونيو) ويبدو أنه تم تأجيل هذه المهلة إلى نهاية العام الحالي.
ويرى خبراء أن صندوق النقد الدولي الذي يتعرض لضغط واشنطن، تبنى دورا شبيها بشرطي أسعار الصرف، في مواجهة الدول التي تتلاعب بعملاتها، عقب اجتماعاته السبت مقاربة مختلفة بسبب تباينات داخلية إزاء هذه المسألة.
وكان الصندوق قد قرر العام الماضي توسيع دوره الرقابي إزاء هذه المشكلة الحساسة وأجرى في الأشهر الأخيرة مشاورات متعددة الأطراف شملت في مرحلة أولى الولايات المتحدة والصين ومنطقة اليورو واليابان والسعودية.
غير أن اللجنة النقدية والمالية الدولية الهيئة القيادية في الصندوق حرصت السبت لمناسبة الاجتماعات نصف السنوية للصندوق، على توضيح أنها ستتحرك بشكل حذر إزاء هذه المشكلة.
وقالت في بيان لها إن أعمال صندوق النقد الدولي يجب ألا تخرج بتوصيات "إلزامية. ويجب أن يظل الحوار والإقناع أبرز أعمدة المراقبة الناجعة" في هذا المجال.
وعلاوة على ذلك يجب أن يحكم صندوق النقد الدولي على مختلف الدول انطلاقا من الظرف الوطني الخاص وأن يعتمد في ذلك "الإنصاف".
وأعرب بذلك الصندوق عن رفضه لموقف الولايات المتحدة التي حثت الهيئة النقدية الدولية على الحزم في هذا المجال مهددة بشكل مبطن بأنه بخلاف ذلك ستتولى الولايات المتحدة بنفسها الأمر.
وقال وزير الخزانة الأمريكي هنري بولسون أمس الأول إن "على صندوق النقد الدولي أن يراجع بشكل عميق الطريقة التي يتولى بها مراقبة أسعار الصرف" في العالم وذلك من خلال مزيد من التركيز على "أسعار الصرف غير الحقيقة بشكل كبير". وهو يشير بذلك ضمنا إلى الصين التي تتهمها الولايات المتحدة بانتظام بإبقاء سعر عملتها (اليوان) متدنيا بشكل مقصود بهدف دعم الصادرات الصينية. وتعتبر واشنطن أن هذه السياسية تسهم في تفاقم العجز التجاري الأمريكي المتواصل مع الصين والتسبب في انتقال فرص العمل الصناعية.
وأضاف الوزير الأمريكي "في حال لم يتم الخوض في مسائل أسعار الصرف بشكل نقدي ومفتوح في صندوق النقد الدولي فإن مقاربات أخرى ستبرز بالضرورة".