الجامعات الغربية تسعى لركوب موجة الصيرفة الإسلامية عبر تدريس التمويل الإسلامي

الجامعات الغربية تسعى لركوب موجة الصيرفة الإسلامية عبر تدريس التمويل الإسلامي

لا بد أن يكون لدى الطالب المتقدم للحصول على شهادة الماجستير في إدارة الأعمال حصيلة لغوية جيدة في الأمور المالية، بما في ذلك معدلات الفائدة، والإقراض. ولكن بعض الكليات الأمريكية والبريطانية المتخصصة بدأت في إضافة كورسات يتم فيها تعلم مفردات قطاع يزداد بروزاً في عالم التمويل يتمثل في البنوك الإسلامية التي تنجز نشاطاتها العملية وفقاً للشريعة.
وتعد كلية كاس Cass Business School, التابعة لجامعة City University اللندنية, احد الصروح التعليمية بالغرب التي أبدت اهتمامها بالصيرفة الإسلامية، حيث تبدأ برنامجاً دراسياً في الخريف المقبل لنيل شهادة الماجستير التنفيذية في إدارة الأعمال، إذ يشمل تخصصات في التمويل الإسلامي، والطاقة، والإدارة العامة، والمالية.
ولا يزال عدد الكليات التي تطرح برامج أكاديمية للتمويل الإسلامي قليلة نسبياً. غير أن الخبراء يقولون إنه لا بد من أن يعرف طلبة إدارة الأعمال، على الأقل، شيئاً عن هذه الصناعة المتوسعة. ويقول إبراهيم وردي، مؤلف الكتاب الذي ينتظر صدور نسخة منقحة منه بعنوان "التمويل الإسلامي والاقتصاد العالمي".
"إن أي أحد يبحث عن عمل في العالم الإسلامي يجب أن يكون مهتماً بهذا المجال، لأنه يشهد انتعاشاً واضحاً، كما أن فهم التمويل الإسلامي يعتبر ذا قيمة عالية في الأسواق المعنية بذلك".

مركز مستقبلي
هنالك في ظل هذا النمو عجز في العاملين المهرة في التمويل الإسلامي، كما يقول حسن حكيميان، عميد كلية كاس. وسيتضمن برنامج الماجستير التنفيذي لهذه الكلية, التي افتتحت فرعا لها في دبي, تعليماً من خلال شبكة الإنترنت تكمله إجازة نهاية أسبوع كل شهر في دبي. ويقول حكيميان "لن أفاجأ خلال السنوات المقبلة إذا أصبحت دبي مركزاً للتعليم المتعلق بالنشاطات العملية". وهو يتوقع استقبال ما يتراوح بين 30 إلى 40 طالباً في الدفعة الأولى.
هذا الاهتمام الغربي بالصيرفة الإسلامية لم يكن وليد الصدفة. ولاسيما عندما نعلم أن جامعة Rice University كانت من أوائل الجامعات الأمريكية التي أولت هذا التخصص الوليد اهتمامها، عندما أعلنت في 2004 أنه قد تم اختيار أستاذ الاقتصاد والإحصاء في الجامعة، محمود الجمال، ليعمل كأول أستاذ مقيم في مجال التمويل الإسلامي في وزارة الخزانة الأمريكية. ويعتبر الجمال من أبرز الخبراء العالميين في هذا الموضوع، حيث كان أستاذ كرسي في الاقتصاديات الإسلامية، والتمويل والإدارة في الجامعة.

اهتمام متزايد
وتتميز جامعة هارفارد عن الجامعات الأخرى بكونها الرائدة في مجال بحوث التمويل الإسلامي منذ فترة من الزمن، حيث أطلقت تلك الجامعة عام 1995 برنامج التمويل الإسلامي الذي يضم مجموعة من الباحثين تدرس وتحلل نمو التمويل الإسلامي. ويجمع البرنامج أعضاء في هيئة التدريس، وطلاباً من كليات الحقوق. ويستطيع الطلاب من ذوي مثل هذه الاهتمامات في كلية هارفارد للأعمال Harvard Business School الاستفادة من ندوات تعقد حول الموضوع فضلا عن مشاركتهم في اختيار أوراق العمل التي يتم نشرها بعد تقديمها من خلال مؤتمرات يعقدها برنامج التمويل الإسلامي بصورة منتظمة.
ويقول الأستاذ ناظم علي، مدير برنامج التمويل الإسلامي، إنه لاحظ زيادة في موجة الاستفسارات التي تخص موضوع المالية الإسلامية بين أعضاء هيئة التدريس والطلبة. وليس أدل من ذلك بتقديم طلاب الدراسات العليا 19 رسالة ماجستير، ومشروعات بحث خاصة بالتمويل الإسلامي.
ومع ذلك، فإن جامعة هارفارد لا تزال دون برنامج دراسي حقيقي للتمويل الإسلامي. غير أن بعض طلاب كلية هارفارد للأعمال، وكلية "جون كينيدي" يتوجهون إلى كلية" فليتشر للحقوق". ويدرس البرفسور وردي الذي يحاضر في كلية فليتشر، مادة "الصيرفة الإسلامية والتمويل"، حيث تطرح نظرة شاملة لتاريخ هذه الصناعة، وذلك الطيف من المنتجات المتوافرة حالياً، ومسائل سياسية، واحتمالات تمويل الإرهاب. فضلا عن تدريسه اللغة العربية، مع تركيز خاص على مفردات التمويل الإسلامي، والاتصال الشفوي والمكتوب.
وتصاعد اهتمام الطلبة بهذا البرنامج بصورة سريعة للغاية منذ أن بدأ البرفسور وردي تقديمه. وشارك عشرة طلاب في البرنامج حين انطلق للمرة الأولى قبل ثلاث سنوات. وأما اليوم، فهناك 40 طالباً مسجلين فيه. وسيستمر ظهور فرص العمل في عالم التمويل الإسلامي لسنوات قليلة مقبلة على الأقل، كما يقول بعض الأكاديميين. وعلى طلاب الماجستير في إدارة الأعمال أن يعلموا أنفسهم في الوقت الراهن فيما يتعلق بهذا المجال من خلال السفر خارجا، والتحرك خارج جدران كليات الأعمال التي ينتمون إليها من أجل البحث عن المعرفة الخاصة بالتمويل الإسلامي.

الأكثر قراءة