ملتقى الخطة الزراعي .. ثروة بشرية وسياحة زراعية وأفكار رائدة
في مكان وادع وواعد، تربعت تلك المدينة الصغيرة، شمالي حائل، محتضنة الرمال والجبال والزرع، أجمل مكان رأيته، ليس في المنازل ولا في الشوارع، فأهل هذه المدينة لا ينظرون إلى مثل ذلك كما ينظر أهل المدن.
جمال طبيعي وهبة الخالق عز وجل لمدينة الخطة، لتقف كفتاة عذراء، تتوارى من الخجل، وكان من توفيق ربي علي أن أحظى بزيارتها لحضور ملتقى الخطة الثالث، الذي ضم بين جنباته محاور ونقاشات ألهبت الصمت في مدينة الخطة الهادئة، وربما الأجمل في نظري أن معظم الحضور من خارج المنطقة برمتها.
لن أتحدث عما تحدث فيه المشاركون والمحاضرون، ولا عن توصيات الملتقى، لأن الأبرز في نظري أن الملتقى خالف ما كان اعتاد المنظمون على إقامته، في أن يكون في المدن الكبيرة، وهذا ما كنت أرفضه، فالمناسبة زراعية، ولهذا فالأولى أن تتم داخل المروج الخضراء، ليكون الحدث متوافقا مع المكان.
كان البعد الإنساني في الملتقى طاغيا، ظهرت بساطة الناس وكرمهم، ويكفي أن ترى شباب الخطة المتطوعين في المواقع بكل همة ونشاط.
يحسب لهذا الملتقى أنه أدخل ثقافة جديدة لقطاع عريض من المزارعين الذي كان يتعذر عليهم حضور الندوات والمحاضرات والمؤتمرات الزراعية، ويكفي الملتقى أيضا أن أظهر وجوها شابة على شاكلة: خالد الباتع، عايد الجنوبي، سرحان الشمري، أحمد العواد، وسليمان الرويلي وبقية زملائهم الذين كانوا شعلة من النشاط والحيوية.
النقطة الأخرى التي أود التركيز عليها، هي ضرورة تحول الخطة إلى السياحة الزراعية، إذ إن الأماكن التي زرتها ترشحها بقوة لهذا الأمر، خاصة في ظل الدعم الذي تبديه هيئة السياحة. وفي هذا الإطار سعدنا بورقة عمل رائعة من الهيئة قدمها المهندس أسامة الخلاوي. ولابد للمنطقة أيضا أن تستثمر قدرات أمثال مبارك فريح السلامة الذي يتحدث عن الخطة بحماس منقطع النظير.
وللحق يجب أن نقول شكرا لعلي الجميعة، هذا الرجل الذي صنع هذا الملتقى بفكرة نيرة، إذ تحمل التكاليف والترتيبات كافة. ولمن لم يزر الملتقى أو الخطة فإني أبين أن التجهيزات كانت على أحدث طراز. لك أن تتخيل مزرعة على ضفاف النفود تضم مجمعات سكنية راقية، وأماكن محاضرات وبنية تحتية على أحدث النظم.
ويكفي علي الجمعية أيضا أنه صاحب المبادرة في جمع أرباب الفكر والثقافة والقرار مع المزارع في حقله. إذ تبدو الرسالة واضحة. أنت أيها المزارع الحلقة الأهم في القضية وها نحن نحضر إليك.
لكن هل يستمر الوضع كما هو في الدورات المقبلة. كمراقب أحضر للمرة الأولى أرى أنه من غير المناسب أن يتواصل الملتقى بالطريقة ذاتها خلال السنوات الماضية، خاصة عندما حقق النجاح المأمول. أما وقد حقق كل ذلك فإن من شأن الشركات والقطاع الخاص المشاركة من خلال الرعاية والتنظيم، ذلك أنه من حق الزراعة على هؤلاء تحمل جزء من المسؤولية. إنه ليس من السهل أن تنظم مؤتمرا أو ملتقى كالذي حدث في الخطة، لكن من الأهمية بمكان أن تتوسع الفكرة بحيث يتحمل الجميع كشركاء المهمة ومواصلة الرسالة.
الآن وقد تحولت الخطة بالفعل إلى ملتقى لمزارعي السعودية، فإن الشكر يجب أن يوجه لصاحب الفكرة الذي صارع الأمواج وخاض تجربة فريدة ومميزة يسجلها التاريخ بمداد من ذهب. لكن المهمة المقبلة التي يفرضها نجاح الملتقى هو تطويره بحيث تبدو المشاركات قوية من خلال الشركات الرائدة التي سيعطي حضورها الملتقى بعدا آخر يتمثل في خلق شراكة بين القطاعين العام والخاص على غرار ما حدث في رالي حائل.
ترى هل نشاهد العام المقبل، شركات سابك، أرامكو السعودية، الاتصالات السعودية، المراعي، نادك والشركات الزراعية، وموبايلي وغيرها من الشركات العملاقة تدعم هذا الإنجاز الذي يسجل لمنطقة حائل؟