ارتفاع أسعار النيكل قد يتسبب في تقليص استهلاكه صناعيا

ارتفاع أسعار النيكل قد يتسبب في تقليص استهلاكه صناعيا

يبدو أن انتعاش سوق النيكل قد تجاوز حده, ومع ذلك فإن الكلمة النهائية لم تقل بعد, حيث إن هذا المعدن كان كثيرا ما يخدع من كانوا يعتقدون أن أسعار هذا المعدن لن تتجاوز المستوى المرتفع الذي وصلت إليه. ومن المعروف عن سوق النيكل أنها يسهل التلاعب فيها. ومما لا خلاف عليه أنه سوق ضيق إلى حد أن إدخال كمية ضئيلة من رأس المال إليه لأغراض تجارية أو للمضاربة يمكن أن يؤدي إلى حدوث تقلبات كبيرة في الأسعار.
إن انتعاش النيكل في لندن قد بلغ نهايته ولو بشكل مؤقت في 16 آذار( مارس) عندما سجل سعره رقما قياسيا عند 48300 دولار للطن, ويذكر أن السعر النقدي قد بلغ في تلك الآونة نحو 50300 دولار, أي بزيادة قدرها نحو ثلاثة آلاف دولار على سعر العقود الآجلة. ومن المعروف أن اللجوء للشراء الآجل إنما هو تعبير عن نقص في العرض. ومنذ ذلك الحين تراجع سعر طن النيكل في العقود الآجلة لثلاثة أشهر بنسبة تزيد على 10 في المائة. وقد أصبح سعر طن النيكل الآن 43400 دولار في العقود الآجلة لثلاثة أشهر، وبسعر 54050 دولارا في العقود الفورية. وعلى الرغم من النكسة الأخيرة فإن حالة الانتعاش لم تنكسر بعد. ومن الجدير بالذكر أن المرحلة الحالية كانت قد ابتدأت في خريف عام 2005 بسعر 12 ألف دولار للطن. ومنذ ذلك الحين تكررت حركات التصحيح التي كان بعضها بمثل قسوة الحركة الحالية التي قد تكون مقدمة لمرحلة من الكساد.
ومبدئيا لا يستطيع أحد أن يجرؤ على التنبؤ بدرجة معقولة من الدقة بما سيؤول عليه الحال مستقبلا, كما أن الخبراء ليسوا على اتفاق بالنسبة لمسألة ندرة معدن النيكل. إن الكميات المحدودة من النيكل المخزون لدى المستودعات المرخصة من قبل بورصة لندن للمعادن يمكن أن تكون مؤشرا على هذه الندرة. ومن المعروف أن من السهل التلاعب في هذه الكميات, مثلا, عن طريق سحب جزء من هذه الكميات دون أن تـؤخذ إحصائيا بعين الاعتبار. والعكس أيضا صحيح بمعنى أن كميات يمكن أن تضاف للمخزون دون أن تؤخذ إحصائيا بعين الاعتبار.
إن الإحصائيات المتاحة من المصادر المختلفة لا توفر معلومات يمكن أن يركن إليها بالنسبة لتزويد السوق بما تحتاج إليه من النيكل. بل يبدو أن هذه الإحصائيات تعود لعدة شهور سالفة. يضاف إلى ذلك أنها ليست كاملة بحيث تعكس حركات التصحيح المتكررة. ولكن مما لا ريب فيه أن سوق النيكل كانت تعاني من عجز في الإنتاج منذ عام 2006.، وكان لا بد من تغطية هذا العجز من المخزون المتاح. وقد بلغ هذا العجز في العام الماضي, وعند مستوى إنتاج سنوي قدره 1.35 مليون طن, نحو 50 ألف طن. ويتوقع معهد النيكل, الذي يمثل مصالح المنتجين, أن العجز سيستمر حتى عام 2010 على الرغم من الزيادة الواضحة في الإنتاج.
ومما لا شك فيه أيضا أن قوة الدفع تكمن في الطلب على المعدن النفيس, ومن المعروف أن نحو ثلثي المعروض من هذا المعدن تستخدم في إنتاجه. وقد تمت أخيرا زيادة الطاقات الإنتاجية بشكل خاص في كل من الصين وكوريا الجنوبية. وفي ضوء استخراج المعدن من المناجم وإنتاجه بعد تكريره، يعتقد الخبراء أن الارتفاع الكبير في الأسعار قد أدى, على الأرجح, إلى زيادة المعروض من النيكل بشكل لم يكن متوقعا من قبل. وقبل فترة وجيزة من الزمن نقل عن خبير صيني قوله إن الارتفاع الجنوني في الأسعار أدى لاستثمارات غير عقلانية في مشروعات نيكل جديدة وزيادة كبيرة في العرض خلال سنوات قليلة.
لقد أدت أسعار النيكل الباهظة إلى تراجع في التصنيع وبالتالي في الاستهلاك, فقد جرت الاستعاضة عن النيكل بمعادن أخرى حيثما كان ذلك ممكنا. أما حيث لم يكن ذلك ممكنا دون أن يؤدي إلى التأثير سلبا على نوعية المنتج, فلم يكن البديل سوى تقليص الإنتاج خصوصا عندما لا يكون المستهلكون على استعداد لدفع الثمن المرتفع. ومن الجدير بالذكر أن هذه النتيجة لا تزال في بداياتها. وقد تؤدي إلى تراجع في الطلب مما يقلل مستقبلا من العجز في هذه المادة بأكثر مما هو متوقع الآن. وثمة احتمال أن يحدث فائض في العرض في المستقبل غير المنظور نتيجة لتراجع الطلب مما يؤدي في النهاية إلى هبوط في أسعار النيكل.

الأكثر قراءة