5 أسباب ترفع الطلب على الغاز الطبيعي والتأثيرات البيئية تتصدرها

5 أسباب ترفع الطلب على الغاز الطبيعي والتأثيرات البيئية تتصدرها

5 أسباب ترفع الطلب على الغاز الطبيعي والتأثيرات البيئية تتصدرها

تضاعف الطلب العالمي على الغاز الطبيعي في الفترة من 1980 إلى 2004. وكما ذكر سابقاً أن تنامي الطلب المستقبلي على الغاز يساوي ثلاثة أضعاف النمو في الطلب على النفط، وضعف تنامي الطلب على الفحم. ومن أهم أسباب هذا النمو الكبير على الغاز الطبيعي التالي:
* تصاعد أصوات وتأثير أصدقاء البيئة من أجل استخدام مصدر للطاقة نظيف بيئياً (ولا سيما بعد تفاقم مشكلة الاحتباس الحراري والتغيرات الأخيرة والملحوظة على المناخ العالمي).
* نمو الاقتصاد العالمي، ما يعني الحاجة إلى المزيد من الطاقة.
* زيادة عدد سكان العالم.
* التنافس الكبير في تقنيات وأسواق توليد الكهرباء.
* التقدم التقني في مجال تحويل الغاز إلى ديزل وجازولين عالي الجودة وخال من الكبريت.
وظهر حديثاً استخدام آخر للغاز بدأ أخيرا في النمو اللافت للنظر، ألا وهو تحويل الغاز إلى سوائل هيدروكربونية GTL تستخدم كوقود نظيف للسيارات سواء جازولين أو ديزل (رغم أن هذه التقنية ليست جديدة لكن استعمالها بمستويات كبيرة يعد حديثاً نوعاً ما بسبب وجود الغاز الطبيعي بكميات تجارية في أماكن بعيدة عن أماكن الاستهلاك).
ظهرت تقنيات وصناعة تحويل الغاز إلى سوائل كبيرة الكتلة GTL منذ أكثر من نصف قرن في جنوب إفريقيا، وتعد شركة ساسول الجنوب إفريقية رائدة هذه الصناعة في العالم. وقد بدأت هذه الصناعة تروج في جنوب إفريقيا بسبب الحظر النفطي العالمي على دولة جنوب إفريقيا العنصرية في ذلك الوقت، فاتجهت الحكومة للاستفادة من مخزون الفحم الهائل لديها بتحويله إلى غاز عن طريق تسخينه مع الأوكسجين لدرجة 2000 فهرنهايت، ومن ثم تحويل الغاز إلى وقود للسيارات بواسطة عمليات فيشر تربسو فتكون الوقود (ديزل وجازولين) للسيارات والشاحنات.
وتشكل هذه الصناعة مجالاً مهما للاستفادة من الغاز الطبيعي خاصة في الدول الصغيرة التي تمتلك احتياطات هائلة من الغاز الطبيعي لكن لا تملك الإمكانية سواء السكانية أو الصناعية للاستفادة من هذا الغاز، ومن هنا نشأت الحاجة إلى صناعة GTL، حيث من السهولة تصدير منتجات هذه الصناعة عبر المحيطات. وفي هذا النوع من الصناعة يتم تفاعل الغاز مع بخار الماء بوجود المواد الحفازة، ليتم إنتاج الهيدروجين وأول أكسيد الكربون كخطوة أولى ومن ثم يتم تحويلهما كخطوة ثانية بواسطة عمليات فيشر تربسو F-T إلى سوائل هيدروكربونية ذات كتلة أعلى من الغاز الأصلي.
ومن الجدير بالذكر أن التقنية المستعملة في الخطوة الأولى تشبه إلى حد كبير التقنية المستعملة في صناعة الميثانول والأمونيا. وكما هو معروف تقوم عمليات F-T بتحويل غازات الهيدروجين وأول أكسيد الكربون إلى سوائل عالية الكثافة مشبعة وشمعية الطبيعة (Parrafins). وكخطوة ثالثة تقوم مفاعلات التكسير الهيدروجيني بتحويل هذه المواد الشمعية إلى ديزل ونافثا يحتوي على نسب ضئيلة جداً من المواد الكبريتية، ويسهل استعمال هذا الوقود أو تصديره للخارج.
ومن المتوقع أن ينمو الطلب على الغاز لصناعة GTL من ثمانية مليارات متر مكعب عام 2004، إلى 29 مليار متر مكعب عام 2010، وإلى 75 مليار متر مكعب عام 2015، حيث من المتوقع تشغيل 25 مصنعاً جديداً هذا العام، وإلى نحو 200 مليار متر مكعب عام 2030.
وتعد قطر رائدة في هذه الصناعة (بحكم احتياطاتها الهائلة من الغاز الطبيعي وعدم الحاجة لتوليد كميات هائلة من الكهرباء لتواضع عدد سكانها)، وقد أنشأت مصنعا لإنتاج 34 ألف برميل يومياً من هذه السوائل، ومن المتوقع إنشاء مصنع آخر في نيجيريا بحلول عام 2009 لإنتاج 95 ألف برميل يومياً من سوائل الهيدروكربونات النظيفة التي من الممكن استخدامها كوقود لوسائل النقل.
وتبقى التكلفة العالية لإقامة صناعة (GTL) حقيقة ماثلة أمام المراقبين، حيث من المعلوم أن إنتاج الديزل من النفط أقل تكلفة من إنتاجه بواسطة GTL. وعليه فقد أعلنت كل من شركة بترول قطر و"إكسون موبيل" أخيرا إلغاء مشروعهما المشترك الذي كان من المقرر له أن ينتج 154 ألف برميل من السوائل يومياً. ويعود السبب الرئيس لهذا الإلغاء لارتفاع التكلفة لهذا المشروع، حيث كانت التقديرات المبدئية تشير إلى قيمة أولية تقارب سبعة مليارات دولار، إلا أن قيمة هذا المشروع ارتفعت لاحقاً 250 في المائة لتصل إلى 18 مليار دولار، الأمر الذي أفقد المشروع جاذبيته الاقتصادية.
نحن في المملكة لا نحتاج لمثل هذه المشاريع باهظة التكلفة، فالله الحمد الثروة النفطية هائلة، فالمملكة تملك أكبر احتياطي للنفط في العالم، واستخراج وقود الديزل من النفط أرخص بكثير من GTL. وعلى سبيل المثال إن المصفاتين المعلن عنهما في كل من الجبيل وينبع بالشراكة مع "كونوكو فيلبس" الأمريكية و"توتال" الفرنسية وبقدرة كلية تصل إلى 800 ألف برميل يوميا، قد تصل قيمتهما مجتمعتين إلى أقل من 18 مليار دولار.
يجب أن يركز استثمار صناعة النفط السعودي حالياً على إيجاد حلول جذرية ومقبولة لانتزاع الكبريت تحديداً، سواء من النفط الخام أو من مشتقاته مثل الديزل والجازولين وزيت الوقود، وذلك لأن أحد أهم مميزات الديزل المنتج من GTL هو خلوه تقريباً من الكبريت.
ويجب ألا ننسى أيضاً أن تحديد العالم المتقدم صناعياً نسب الكبريت المسموح بها في الديزل والجازولين بـ 5 إلى 10 جزء في المليون، يلقى المزيد من الضغوط على صناع تكرير النفط في العالم، وتحثهم على أن يبذلوا المزيد من الجهد والمال قبل أن يفكروا في تصدير مشتقاتهم النفطية للغرب.

[email protected]

الأكثر قراءة