مشروع الملك عبد الله لتطوير التعليم .. ماهي الأولويات ؟

مشروع الملك عبد الله لتطوير التعليم .. ماهي الأولويات ؟

مشروع الملك عبد الله لتطوير التعليم .. ماهي الأولويات ؟

مر أكثر من شهر على موافقة مجلس الوزراء السعودي على أكبر مشروع إصلاحي للتعليم في الوطن العربي وقد جاء طرحه متزامنا مع وثيقة "مهمة" تم تطرحها حول الموضوع ذاته في القمة العربية التي عقدت أخيرا في الرياض ليبدو الأمر وكأنه محاولة لقدح زناد صناعة تعد العمود الفقري لحضارات الشعوب وتقدمها وهي "صناعة المعرفة".
ذلك المشروع الإصلاحي الذي يأتي تحت اسم "مشروع الملك عبد الله بن عبد العزيز لتطوير التعليم العام" بملياراته التسعة يفتح أبوابا متعددة للقطاع الخاص لأن يتطلع إلى شراكة تاريخية حقيقية مع " قطاع التعليم ". خصوصا أنه يأتي عقب تعاطي "التربية" مع الكثير من الآراء والطروحات حول إصلاح التعليم التي كان أهمها تلك التي طرحت عبر الحوار الوطني حول التعليم وسبل تطويره الذي أقيم في "الجوف" في شمالي السعودية، وقد تسلم وزير التربية والتعليم حينها وثيقة تضمنت مطالب المتحاورين من أجل إصلاح " التعليم العام ".
المشروع الذي يصفه قادة التربية في السعودية بأنه المظلة لجميع مشاريع التطوير القائمة المقبلة في قطاع التعليم في السعودية خلال السنوات القليلة المقبلة لا يزال العديد من جوانبه غير واضح للرأي العام بعد، كما أن خطة أو جدولا زمنيا لم يعلن عنه للمشروع حتى الآن، لذا فقد حرصنا في " الاقتصادية " أن نتساءل عن أولى المشروعات بالتطوير والرعاية؟ وعن دور القطاع الخاص في ذلك. سألنا رجال أعمال مسؤولين في قطاع التربية والتعليم عن ذلك كما توجهنا بالسؤال إلى المشرف العام على المشروع نائب وزير التربية والتعليم للبنات الدكتور المهندس خالد بن مشاري آل مقرن عن حظوظ القطاع الخاص.. وإليكم التفاصيل:

الشراكة مع القطاع الخاص
أكد زياد البسام، نائب رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية في جدة أهمية أن تأخذ شركات القطاع الخاص المتخصصة في الخدمات التعليمية بزمام المبادرة للاستثمار في قطاع التعليم، مشيرا إلى أن التجربة قد بدأت ولكن على مستوى التعليم العالي حيث بدأت شركات سعودية بالتنسيق مع الهيئة العامة للاستثمار للاستفادة مما يقارب من 58 طلبا لجامعات أجنبية تلقتها الهيئة العامة، ما يبشر بمستقبل زاهر للتعليم والابتعاث الداخلي وهو ما نتمنى أن يحدث في التعليم العام أيضا.

ولفت إلى دور القطاع الخاص في إيجاد مخرجات تعليمية متنوعة خصوصا أن الحكومة رصدت مبالغ مالية ضخمة لذلك وهو ما يشجع المواطنين على اقتحام المجالات التعليمية والاستثمار فيها، ما سيسهم في رفع مستوى التحصيل العلمي لأبناء المملكة بإذن الله.

أوضح أن هذا الاهتمام من قبل الدولة والحرص على الارتقاء بالمواطن يشكل حلقة مهمة ستعمل على تأمين الدعم لجميع الخطط والمشاريع التعليمية.

صناعة المعرفة .. هدف
وأضاف البسام أنن المتابع لما تقدمه الدولة من دعم يلاحظ اهتمامها بدعم صناعة المعرفة ومن ذلك دعم مجالات التقنية التي تعد جزءا من المنظومة المعرفية في هذا العصر، فتجد الدولة حاليا تدعم تقنيات مثل "النانو" وتقنية المعلومات والعلوم المعرفية المرتبطة بصناعة البتروكيماويات وهو ما يشير صراحة إلى توجه الدولة نحو الاهتمام بالعلوم الحديثة التي من الممكن أن تمتلك فيها المملكة ميزة نسبية عالية.

وأشار إلى أن هذه العلوم ستساهم بلا شك في تقدم المملكة وجعلها تحتل مركزا رياديا وتمكنها من تقليل الاعتماد على النفط ومعلوم أن النهوض بالصناعات المعرفية والتقنية وسيلة فعالة لذلك.

تلبية احتياج سوق العمل
من جهته، قال الدكتور غسان السليمان، إن مشاركة القطاع الخاص في عملية بناء نظام تعليمي حديث في المملكة أصبحت مسألة ملحة وضرورية في ظل تفاوت مخرجات التعليم الحالية مع متطلبات القطاع الخاص في السوق السعودية وهو القطاع الأقدر على معرفة احتياجاته ومطالباته من البرامج التعليمية ومن الواجب مشاركته منذ البداية في العملية التعليمية وسد الفجوة القائمة في هذا المضمار.

التخلص من المباني القديمة
وحول برنامج تحسين البيئة المدرسية المطروح عبر مشروع الملك عبد الله لتطوير التعليم العام أوضح مديرو مدارس أنهم يتطلعون إلى شراكة حقيقية بين التعليم والقطاع الخاص للتخلص من نقاط الضعف الموجودة في واقع البيئة المدرسية الحالية المتمثلة في المباني المستأجرة والقديمة التي يدرس فيها الطلاب، ويدعم نقاط القوة المتمثلة في المباني الحديثة التي بنتها وزارة التربية والتعليم حديثا وهي أحد أقوى محاور الشراكة بين التعليم والقطاع الخاص. يقول عبد الله بن عمر الضويان مدير مدرسة ابن رشد الابتدائية في الدمام إنه من الأفضل هدم مباني المدارس القديمة التي يزيد عمرها على 25 عاما وبناء مدارس أخرى جديدة تواكب العملية التعليمية الحالية، وتراعي جميع المواصفات الحديثة، مبررا ذلك بأن عملية الترميم تكلف تقريبا نصف التكلفة الإجمالية لمبنى جديد بينما يكون العمر الافتراضي للمبنى محدودا " وهو ما يؤكد ضرورة قيام شراكة حقيقية بين القطاعين في هذا البرنامج المهم من برامج المشروع تدوم لفترة زمنية طويلة. ويضيف الضويان " إن بيئة المدارس الجديدة غالبا ما تنعكس بشكل إيجابي على الطلاب من حيث التحصيل الدراسي لتوفير الإمكانيات الحديثة فيها، أما بالنسبة للقديمة فحتى لو رممت فستبقى قديمة ويصعب أن تواكب النهضة التعليمية الكبيرة التي تعيشها البلاد حاليا" لافتا إلى أنه من ضمن الأشياء المهمة التي يجب توفيرها في المباني الجديدة، الملاعب الرياضية، وصالات الألعاب، الفصول ذات السعة الكبيرة، الغرف الإدارية التي تكون في مدخل المدرسة، وجميع متعلقات الأنشطة غير الصفية، إضافة إلى المختبرات وقاعات الحاسب الآلي وقاعات الوسائل التعليمية المساعدة ".

الاستفادة من تجربة "أرامكو"
وحول إمكانية الاستفادة من تجربة شركة أرامكو في تشييد المباني المدرسية التي ينتشر عدد منها في المنطقة الشرقية من المملكة أوضح الضويان أن تجربة شركة أرامكو السعودية في بناء المدارس ليست مقياسا كون عدد من المدارس التي بنتها الشركة حديثا عليها بعض الملاحظات التصميمية، وتحتاج إلى صيانة دورية ومكلفة جدا، ولكن يمكن الاستفادة من تجربة الشركة السابقة في بناء المدارس النموذجية التي لم تكن تحتاج إلى صيانة مكلفة ودورية وهو ما يتوافر في مباني وزارة التربية الحديثة.

الاستمرار في محاصرة الأمية
إلى ذلك، أكد الدكتور محمد المهنا مدير عام تعليم الكبار في وزارة التربية والتعليم أن مشروع الملك عبد الله لتطوير التعليم سوف يتيح إمكانية استيعاب جميع من هم في سن التعليم للقضاء على منابع الأمية في البلاد.

وقال المهنا " لايزال المشروع في بداياته وسوف يتضمن كل ما يخص مجالات التعليم ومن ضمنها تعليم الكبار، فنحن ـ مثلا ـ لدينا مشروع لبرنامج مكثف لمحو الأمية وتعليم الكبار في المملكة، والعام المقبل سنبدأ ـ بإذن الله ـ في مرحلة التنفيذ ومدتها سنة دراسية، وتقوم خلالها كل إدارة تعليمية بتوزيع منطقتها الإدارية إلى عدة مواقع لحصر الأميين، ومن ثم تقوم بعملية تسجيلهم وتصنيفهم حسب فئاتهم العمرية ثم إلحاقهم بمراكز تعليم الكبار".

وأضاف المهنا أن المشروع " سيتيح استيعاب جميع من هم في سن التعليم العام وبالتالي سنقضي ـ بإذن الله ـ على جانب آخر من منابع الأمية وأحد أهم روافدها المتمثل فيمن لم يلتحقوا بالتعليم لأسباب شخصية أو أسباب تعليمية كعدم توافر المكان ونحوه".
وحول مدى إمكانية تنمية المشروعات والتجارب التعليمية السابقة والقائمة حاليا لخدمة مشروع الملك عبد الله قال المهنا "يفترض أن المشروع مظلة عامة لجميع برامج التعليم في المملكة".

آل مقرن: لا غنى عن القطاع الخاص
من جانبه أكد نائب وزير التربية والتعليم لشؤون البنات الأمير الدكتور خالد بن عبد الله بن مقرن آل سعود لـ"الاقتصادية" أن مشروع الملك عبد الله لتطوير التعليم لن يكون في غنى عن خدمات القطاع الخاص لتنفيذ بعض جوانب المشروع التطويري"، وذلك في جميع برامجه الرئيسة الأربعة وهي تطوير المناهج وإعادة تأهيل وتدريب المعلمين والمعلمات وتحسين البيئة التعليمية ودعم النشاط غير الصفي التي تمثل كامل مشروع الملك عبد الله لتطوير التعليم، وسيتم تنفيذها خلال ست سنوات بتكلفة إجمالية مقدارها تسعة مليارات ريال".
وبين نائب وزير التربية والتعليم لشؤون البنات أن المشروع " تطويري " لأركان العملية التعليمية ونأمل بعد نهايته أن يتحقق للتعليم ـ بإذن الله ـ "نقلة نوعية ".

الأكثر قراءة