مركز المواهب الوطنية.. الابتكار يبدأ بالألعاب

مركز المواهب الوطنية.. الابتكار يبدأ بالألعاب

دخل الزائر الجديد القادم من الرياض مركز المواهب الوطنية في المنطقة الشرقية فعلت وجهه الدهشة.. انتحى بمرافقه جانبًا وهو يسأله: هل هذا المركز الذي يساعد الأطفال على الإبداع والاختراع؟.. أم ناد ترفيهي للعب والتسلية؟.
دهشة الزائر وأسئلته الحائرة لها ما يبررها فتعليم الابتكار داخل المركز الذي أنشأه المهندس سعيد عاطف عام 2003 في الدمام يتبنى أسلوب اللعب في تطويره للعقول الذكية بدلاً من البرامج الجامدة والكئيبة كونها لا تناسب الموهوبين وتصيبهم بالملل. أما كيف بدأ المركز.. فتلك قصة أخرى.

بطولة آلية
عام 2000 شارك المهندس سعيد عاطف الموظف في شركة أرامكو السعودية في البطولة العالمية لمسابقة «الرو بوكوب» في مدينة ملبورن في أستراليا عندما كان طالبًا في جامعة كورنل وبمساعدة 25 طالبًا آخرين، صمم وأنشأ رجالاً آليين للمشاركة في المسابقة وحصلوا بالفعل على المركز الأول. وعندما عاد إلى المملكة عام 2003 نفذ الفكرة عمليًا وأنشأ مركز المواهب الوطنية ليكون بوابة انطلاق الموهوبين إلى الإبداع والابتكار.
والمركز الذي يعد الأول من نوعه في المملكة هو مكان آمن وممتع ويوفر بيئة ابتكارية يستطيع الأبناء فيها أن يتعلموا أساسيات الكمبيوتر والمهارات الفنية وأن يستكشفوا مدى قدرتهم على التخيل من خلال التقنية.
كما أن بيئة المركز تغذي فكرة البناء والتعليم الخاص في المجتمع، من خلال العمل بروح الفريق والتعليم المستند إلى التجارب العملية، إضافة إلى أن استخدام اللغة الإنجليزية في جميع أنشطة المركز يوفر الفرصة لغير الناطقين بها لتحسين مهاراتهم في التحدث بهذه اللغة.
ويساعد مركز المهارات تنمية العادات الحسنة والمهارات والثقة بالنفس وهي الجوانب التي يحتاج إليها أبناؤنا كي يصبحوا قادة القرن الحادي والعشرين.
بدأ نشاط المركز بتدريب الطلاب من عمر السادسة إلى الرابعة عشرة. ثم أضاف نشاطات أخرى لينشر ثقافة حب التكنولوجيا والعلوم في وقت أسرع. ويعد الآن عدد من النشاطات جزءًا أساسيًا من نشاطات المركز وتتمثل في: إعطاء دورات تدريبية للمعلمين أو المعلمات تخص مجالات الابتكار والإبداع، مساعدة المدارس على إدخال مثل هذه الدورات التي تخص الرجل الآلي على وجه الخصوص بإنشاء معامل وتزويدهم بكل ما يلزم لضمان نجاح البرنامج، إعطاء دورات تدريبية للطلاب تخص تصنيع الرجل الآلي، لمساعدة الطلاب الذين لا يوجد في مدارسهم مختبر للرجل الآلي، تقديم خدمات لمراكز العلوم و التكنولوجيا بحيث يصبح المركز مسؤولا عن تصميم وإعداد وتصنيع المواد اللازمة لتكون المراكز متجددة طوال الوقت، تنسيق شامل للمسابقات المحلية في مجالات العلوم والهندسة والابتكارات: مثل دوري الفيرست ليجو، مسابقة الروبوكب، المسابقة الوطنية لابتكارات العلوم والهندسة.
ويسعى مركز المواهب إلى دعم التعليم القائم للطلاب من خلال تزويدهم بالتجارب العملية التي تعمل على ترسيخ المفاهيم النظرية التي يفترض أن يتعلموها خلال مرحلة التعليم الأساسي. أي أن الطلاب سيتعرضون لمفهوم الاحتكاك وليس لقانون نيوتن على سبيل المثال. كما يتيح مركز المواهب للطلاب فرصة نادرة لاستكشاف ومعرفة التخصصات المختلفة بشكل جيد في مرحلة الدراسة الأساسية.
وتمثل الفصول الدراسية التالية جزءاً من البرنامج: الهندسة الكهربائية، هندسة الحاسب الآلي، هندسة الميكانيكا، واستشعار الروبوت.
ويتوزع الأطفال داخل المركز على ثلاثة «معامل» مصغرة، الأول لهندسة الكهرباء حيث يتعلم الطفل أن حواسه الخمس تقابل الاستشعار لدى الروبوت الذي يجب أن يرى ويلمس ويعرف كمية الضوء وعدد لفات العجلات التي يسير عليها، ويتعلم الأطفال تطبيق الدوائر الكهربائية التي يحتاجون إليها لتصميم الروبوت. ونجح المركز في تعليم مجموعة من الأطفال بعضهم لم يتعد التاسعة من العمر أن يصنعوا الدائرة الكهربائية للآلة الحاسبة.
على أرض معمل الميكانيك ينهمك الأطفال في تركيب مجسم الروبوت من خلال قطع «الليغو» الملونة التي تنتشر في أنحاء المكان.
المرحلة الثالثة من العمل في المركز هي «عقل الروبوت أو الذكاء الاصطناعي» وذلك من خلال برمجته عبر استخدام برامج مخصصة للأطفال لا تستخدم فيها لغة معينة بل إيقونات عبارة عن رموز ترشد الطفل لما يريد إدخاله في عقل الروبوت، وبمجرد إدخال البرنامج على القطعة المخصصة له في الروبوت يصبح الرجل الآلي جاهزًا للعمل.
أما آخر مرحلة فهي تصنيع رجل آلي متكامل يلعب كرة القدم، ويكون الهدف منه المشاركة في مسابقة الروبوكوب جونيور الدولية التي تقام سنويًا.
ويشارك فيها طلاب من المراحل الدراسية كافة حتى المراحل الجامعية. وقد بدأت عام 1992 وتتألف من ثلاث فئات: مسابقة كرة القدم، مسابقة الإنقاذ لطلاب الجامعات، ومسابقة كرة القدم للناشئين، وأبطال اللعبة هم رجال آليون يؤدون اللعبة ذاتيًا. يؤدي الرجل الآلي في هذه المسابقة الحركة بنفسه اعتمادًا على البيانات الواردة باستخدام أجهزة تحسس متنوعة. أما البرامج التي تسير حركة وعمل الرجل الآلي فيعمل على تصميمها الطلاب المشاركون في المنافسة، فيبنون ويصممون الرجل الآلي ليلعب كرة القدم من دون أي تحكم خارجي أي من دون تدخل بشري، بمعنى آخر يلعب الرجل الآلي المباراة بناءً على الذكاء الاصطناعي.

الأكثر قراءة