كيف تتحكم سوق الرهن العقاري في أسعار صرف العملات؟
إن القلق المتزايد من إمكانية حدوث شرخ في الانتعاش الاقتصادي الأمريكي ترك أثره أيضا في بنية أسعار الصرف الأجنبي، حيث إن المخاوف من اتساع الأزمة التي تمر بها بعض أجزاء السوق العقارية الأمريكية والتي يمكن في أسوأ الحالات أن تقود أكبر اقتصاد في العالم إلى حالة من الكساد قد أثرت في الدولار أيضا. وفي الوقت الراهن يجري تبادل اليورو بسعر 1.33 دولار وبالتالي فهو في وضع قوي لم يتحقق له مثله خلال الأشهر الثلاثة الماضية. أما الين فقد تطور سعر صرفه من 121 ينا للدولار في شباط (فبراير) إلى 117.80 ين في هذه الأثناء. ووفقا لتقديرات العديد من خبراء العملات الاستراتيجيين فإن الاتجاه العام للدولار سيميل إلى مزيد من الضعف.
يقول روبيرتو مياليش من بنك يونيكريديت الإيطالي في معرض توضيحه ما يحدث في أسواق العملات الصعبة إن استقرار سعر صرف اليورو عند 1.32 دولار رغم بعض البيانات المبشرة حول الاقتصاد الأمريكي لهو دليل واضح على أن أسواق الأسهم ومشاعر القلق من حالة سوق الرهن العقاري هي التي تحكم تغيرات أسعار الصرف. أما البيانات الأساسية المتعلقة بالدورة الاقتصادية فلا تلعب سوى دور ثانوي في الوقت الحالي. وهو يرى أن اليورو يتجه حاليا بالتعاملات نحو سعر صرف 1.3370 دولار لليورو الواحد، وهو سعر الصرف الذي كان سائدا في كانون الأول (ديسمبر) الماضي. ومن المعروف أن ضعف الدولار لا يقتصر على علاقته باليورو وإنما أيضا بسلسلة من العملات الأخرى، كما يظهر بوضوح في أسعار الصرف المرجحة.
وكذلك يتوقع كارل فاينبيرج، كبير الاقتصاديين في مؤسسة هاي فريكونسي إكونوميكس المستقلة للتحليلات الاقتصادية، استمرار الضغوط على الدولار، في الأجل القصير، على أقل تقدير. كما أن ثمة قناعة متزايدة في الأسواق بأن بنك الاحتياط الفيدرالي سيبدأ خلال بضعة أشهر في تخفيض أسعار الفائدة ويتوقع فاينبيرج نفسه أن يصل سعر الفائدة الأساس في نهاية السنة إلى 3.75 في المائة بالمقارنة بنسبة 5.25 في المائة المعمول بها حاليا. ولكن ليس من المتوقع أن يؤثر ضعف الدولار في الين، لأن فارق سعر الفائدة الكبير بين البلدين من شأنه أن يدعم الدولار. ويقول فاينبيرج : "إذا لم يحدث هروب واسع النطاق من تجارة فرق أسعار الفائدة - وهو أمر مستبعد - فإن الين سوف يتعرض إلى تخفيض قيمته بالنسبة للدولار". ومن المعروف أن الصفقات التي توصف بأنها اتجار في فرق أسعار الفائدة تشير إلى قيام المستثمرين باستغلال الفرق الكبير في أسعار الفائدة المعمول بها في المناطق النقدية المختلفة لتحقيق الربح: فهم يقترضون بعملات تكون الفائدة عليها منخفضة، ليستثمروها في مناطق أخرى مقابل أسعار فائدة أعلى.
ويقول فاينبيرج: لا تلوح في الأفق نهاية قريبة لتجارة فروق أسعار الفائدة ذلك لأنها تجارة فيها كثير من المنطق.
إن الين بالطبع هو إحدى العملات التي تصلح لمثل هذا النوع الخاص من المبادلات، والعملة الأخرى هي الفرنك السويسري، ذلك لأن مستوى أسعار الفائدة هناك أيضا منخفض نسبيا. ومن الجدير بالذكر أن الفرنك السويسري فقد الكثير من قيمته خلال الفترة الواقعة بين شهري أيار (مايو) من العام الماضي و شباط (فبراير) من العام الحالي، فبعد أن كان المرء بحاجة إلى دفع 1.55 فرنك للحصول على يورو واحد، أصبح مضطرا إلى دفع 1.63 فرنك قبل بضعة أسابيع.
إن الطلب على القروض بالفرنك لتمويل الاستثمارات كان مصدره، وفقا لبيانات بنك الاتحاد السويسري UBS: النمسا وأوروبا الشرقية ومنطقة بحر البلطيق بشكل خاص، غير أن تراجع الفرنك توقف منذ بضعة أسابيع، بل إنه تحسن قليلا مقابل الدولار و اليورو. ومن المعروف بالطبع أن مجموعة من تجار فروق أسعار الفائدة ليسوا مؤمنين ضد مخاطر ارتفاع قيمة الفرنك، ولهذا فإن عليهم أن يقلصوا من ديونهم إذا ما لاحت بوادر ارتفاع في سعر صرف الفرنك.