ظهور صناديق استثمار مناخية ومنتجات أخرى ذات صلة بالبيئة

ظهور صناديق استثمار مناخية ومنتجات أخرى ذات صلة بالبيئة

إن النقاش الحاد حول التغيرات المناخية يحفز على الإبداع في البنوك ولدى الصناديق الاستثمارية، التي بدأت في الفترة الأخيرة في طرح المزيد والمزيد من المنتجات في السوق تحت عناوين مثل: الطقس والبيئة. هذه العناوين وللأسف الشديد لا تشي بالكثير عن مضامينها. ولهذا فإن على المستثمرين الذين لا يرومون فقط زيادة أموالهم, وإنما يرغبون أيضا في عمل شيء ما يولد لديهم إحساسا جيدا, أن يستقوا المعلومات الكاملة عن محتويات هذه المنتجات.
إن الخيارات على هذا الصعيد متنوعة بكثرة: فهناك في المنطقة الناطقة باللغة الألمانية وحدها ( ألمانيا والنمسا وسويسرا) 137 من الصناديق التي تعمل في السوق تحت عناوين البيئة والطاقة والسلوك والنمو المستدام، وقد بلغ إجمالي رؤوس أموال هذه الصناديق في نهاية العام أكثر من 18 مليار يورو وهو ما يساوي ضعف رؤوس أموالها في نهاية عام 2005. وبالمقارنة مع 230 مليار يورو مستثمرة في الأسهم في السوق الألمانية تظل أهمية الصناديق البيئية محدودة نوعا ما.
إن التسميات لا تعني الكثير فيما يتعلق بما إذا كانت هذه الصناديق تشمل حقا الشركات التي يتوقعها المستثمرون, فمن المعروف أن الصناديق الاستثمارية ومصدري السندات أحرار في إطلاق التسميات التي يشاءون, ولهذا فإن بعض المستثمرين يصابون بالذهول عندما يجدون أن لشركات مثل لوفتهانزا و آر دبليو إي RWE, و بي إم دبليو BMW، أو سيمنز منتجات مالية بيئية, في الوقت الذي تتعرض فيه شركات خطوط الطيران ومنتجو السيارات والشركات ذات العلاقة بالطاقة الذرية للانتقاد من قبل حماة المناخ.
ثمة مقاربتان مختلفتان جذريا في بناء المنتجات. الأولى تركز على موضوعات مثل الطاقة المتجددة, أو الماء, أو تقليص انبعاث ثاني أكسيد الكربون والثانية هي ما يدعوه الخبراء " بأحسن ما في صنفه ", حيث يجري البحث في كل قطاع عن أكثر الشركات استدامة من الناحية الاقتصادية. وعلى هذه الخلفية لا يعود من المستغرب اختيار شركات مثل بي إم دبليو و لوفتهانزا أو آر دبليو إي كشركات رائدة في مجالاتها.
والمشكلة هي أن كل شخص يفهم بطريقته الخاصة مدلول الاقتصادات المستدامة. وطبعا يستطيع كل صندوق من الصناديق الاستثمارية أن يحدد المعايير لذلك. ولكن في الغالب تسترشد الشركات بالمؤشرات ذات الصلة أو تقوم بتكليف محللين خارجيين باختيار المعايير الأنسب. إن مؤسسة أويكوم ريسيرتش هي من كبرى وكالات التصنيف في السوق. وهي تعتبر أن معايير مثل ضمانة أماكن العمل, والممارسات التجارية العادلة, وكفاءة استغلال الطاقة, واستهلاك المياه يمكن أن تساعد على إعطاء الشركة درجة تراوح ما بين إيه زائد (A+) وهو ما يعني مستوى رفيعا من الاستدامة و دي ناقص ( D- ) وهو ما يعني الافتقار الكامل للاستدامة.
إن تقدير إيه A)) لشركة ما لا يتساوى بالضرورة مع تقدير إيه لشركة أخرى, إذ إن بوسع كل شركة أن تعطي للمعايير أوزانا ترجيحية مختلفة . يضاف إلى ذلك أن من الممكن تعريف المعايير التي يجري استبعادها. فمثلا يمكن الانطلاق بأن الاستدامة كمعيار تستبعد عمل الأطفال أو تجارة البشر أو تجارة السلاح. ويمكن التوسع في عمليات الإقصاء لتشمل مثلا إنتاج الطائرات, وصناعة السيارات, أو تشغيل المحطات الذرية لتوليد الطاقة. وكلما جرى التوسع في عمليات إقصاء كلما اقترب الصندوق من الموضوعات البيئية التقليدية.
إن الموضوعات التي تتبناها الصناديق الاستثمارية تشير إلى حدوث تطور قيمي مناسب واهتمام متزايد خلال السنوات السابقة من قبل المستثمرين. إن واحدا من أكبر الصناديق الاستثمارية من نوعه هو صندوق نيو إنيرجي فند New Energy Fund التابع لميريل لينتش في بلاك روك الذي يدير ثروة تقدر بثلاثة مليارات دولار. وقد أخذ هذا الصندوق على عاتقه الاستثمار في مجال (الشركات التي تبذل جهودا ملحوظة في مجالات تطوير الطاقة البديلة والتكنولوجيا الملائمة). ومن المعروف أن أهم هذه الجهود هي تلك المبذولة من قبل شركات توليد الطاقة من الرياح في الدنمارك, جاميسا في إسبانيا, سوزلون في الهند, وسولار وورلد الألمانية لاستغلال الطاقة الشمسية. وقد قدر أن هذا النوع من الصناديق الاستثمارية سيحقق فائضا قدره 3 في المائة في مدى عام واحد, و83 في المائة في مدى ثلاثة أعوام.
ولعل صندوق بيكتيت فند ووتر - Pictet Fund Water هو الصندوق الاستثماري الوحيد ذو الحجم المماثل البالغ تقريبا ثلاثة مليارات يورو. وهو يتبنى موضوعات مستقبلية كموضوع المياه ويستثمر بالتالي في مشاريع إنتاج مياه الشرب, ومشاريع تنقية المياه, ومشاريع تحلية المياه. ويتوقع لهذا الصندوق أن يحقق فائضا قدره 14 في المائة في مدى سنة واحدة و73 في المائة في مدى ثلاث سنوات. وهناك أيضا صندوق إيكو تيك فند - Eco Tech Fonds الذي يعمل منذ 17 سنة بينما تضاعفت قيمته أكثر من مرة خلال السنوات الثلاث الماضية.
وليس أمام المستثمر في هذه المنتجات الجديدة سوى الاعتماد على سمعة الجهة المصدرة لهذه المنتجات, فمثلا يوجد منذ نهاية شهر شباط (فبراير) صندوق DWS للتغيرات المناخية, كما أطلقت شركة سويس كانتو – Swisscanto صندوقا مناخيا للاستثمار, وفي كانون أول (ديسمبر) الماضي أصدرت شركة أوبنهايم أربعة سندات مالية تحت أسماء حماية البيئة, ومصادر الطاقة المتجددة, والمياه النقية, والمواد الجديدة.ويمكن الاطلاع على الصناديق والمؤشرات الواردة في هذا التقرير من موقع الإنترنت التالي:
www.nachhaltiges-investment.de

الأكثر قراءة