الخلوف الصباحي... حقائق وأرقام
قد يعتقد الكثير أن مشكلة رائحة الفم الكريهة عند الصباح الباكر (أي بعد الاستيقاظ مباشرة من النوم)، أحياناً نسميه الخلوف الصباحي، أنه مشكلة لا يعاني منها الكثيرون، ولكن الحقيقة التي أعلنتها الدراسات الجديدة لجامعة كاليفورنيا تثبت أن 35 في المائة من الناس يعانون من رائحة مزمنة، وليس فقط من الخلوف الصباحي فحسب؛ بل وعلى مدار الساعه وهؤلاء دائماً ما ينتقلون من اختصاصي لآخر بحثاً عن الحل الشافي والكافي لهذه المعضلة والتي عادةً لا يتم حلها إلا بواسطة الاختصاصي في رائحة الفم وللأسف يعدون على الأصابع في العالم كله (مثل هذا التخصص).
وذكرت الدراسة نفسها أن الـ 35 في المائة الآخرين من الناس هم مانسميهم ما بين وبين؛ أي أنهم يعانون من الخلوف بشكل غير دائم، ولكنهم يمكن أن يصلوا إلى الحالة المزمنة اذا ماتناولوا أطعمة معينة وحلويات أو بعد أخذ بعض الأدوية كمضادات الحساسية، ومضادات الكآبة، وأدوية ضغط الدم، ولكنهم دائماً مايعانون من مشكلة الخلوف الصباحي.
أما الـ 30 في المائة الباقية من الناس فهم نادراً ما يعانون من رائحة الفم ولكن الحالة الوحيدة التي يمكن أن يصابوا بها هي بعد أكل البصل والثوم أو عند الاستيقاظ صباحاً.
فبعبارة أخرى إن هذه الدراسة تثبت أن الكل يعاني من الخلوف الصباحي بشكل أو آخر، والسبب في ذلك أننا عند النوم بالليل، فإن الغدد اللعابية التي تفرز اللعاب تبطئ كثيراً في إفراز اللعاب وفي بعض الحالات قد تتوقف تماماً عن إفراز اللعاب وباستمرار تدفق الهواء عبر سقف الفم، خاصةً من يشخرون أو يتنفسون من أفواههم فذلك يجعل الفم والبلعوم جافا جدا، ويخلق مناخاً مناسباً ليتحول الفم إلى مرتع للبكتيريا التي تعيش في غياب الأوكسجين، والتي تقوم بإفراز المركبات الكبريتية الطيارة، وهي المسؤولة عن رائحة الخلوف التي تشبة أحياناً رائحة البيض الفاسد.
وهنا لابد من التأكيد أن اللعاب يعد المدافع الأول للفم والبلعوم ضد هذه الجراثيم المسؤولة عن الخلوف، حيث أن اللعاب يحتوي على مواد مناعية تقتل هذه الجراثيم وكمية كبيرة من الأوكسجين تمنع نمو الجراثيم الإنيروبيك (التي تسميها الكتب الجراثيم اللاهوائية) وقد يتساءل البعض اذا كانت هذه الدراسة تثبت وبشكل قاطع أن 100 في المائة من الناس يعانون من الخلوف الصباحي وبدرجات متفاوتة، فلماذا نحاول أن نجد أية حلول لهذه المشكلة ولكن الدراسات النفسية الحديثة أثبتت، وبشكل قاطع، أن رائحة الفم الكريهة المزمنة وكذلك الخلوف الصباحي يمكن أن تكون مدمرة لمستقبل الإنسان العاطفي والاجتماعي، فهذه الصحف وتلك تشير الى زوجات أو أزواج يطالبون بالطلاق، بسبب رائحة الفم الكريهة، وكذلك كثير من العلاقات الجميلة التي يمكن أن تتحول إلى أسرة وأطفال يزهون بهذا المجتمع أو ذاك تدمرت قبل أن تبدأ بسبب هذه المشكلة المزمنة.
لذا، فإن كل الدراسات والبحوث تشير إلى أن مشكلة الخلوف الصباحي ورائحة الفم المزمنة هي مشكلة صحية ونفسية واجتماعية في الوقت نفسه، وبفضل التطور الكبير في علوم معالجة رائحة الفم خلال السنوات الخمس الأخيرة واكتشاف السبب الرئيسي لجرثومة رائحة الفم، فإن العلاج لهذه المشكلة أصبح في متناول يد الجميع من خلال التشخيص الدقيق لهذة الجرثومة وقتلها بواسطة العلاجات والمراهم الأوكسجينية المتوافرة.