بنوك تخزين دم الحبل السري تستغل عاطفة الآباء
إلى جانب اختيار مقعد سيارة للرضع وتخصيص وديعة للدراسة الجامعية ينبغي لكلير راي أن تتخذ قرارا آخر قبل وصول طفلها الأول، ألا وهو ماذا ستفعل بدماء الحبل السري.
في السابق كان ينظر للحبل السري والمشيمة على أنهما من المخلفات الصحية، لكن في الوقت الحالي يسعى البعض للاحتفاظ بهما بسبب خلايا الدم التي يحتمل أن تنقذ حياة إنسان. ومثل الخلايا الجذعية الأخرى بوسعهما علاج بعض الأمراض، وهناك احتمال أن تساعد على الشفاء من عدد أكبر في المستقبل. ويمثل هذا التقدم تحديا للآباء في الولايات المتحدة إذا أرادوا تخزين الدم في بنوك خاصة لصالح أطفالهم أو التبرع به لبنوك عامة من أجل آخرين.
وتقول راي (29 سنة) التي تنتظر طفلها الشهر المقبل:" الأمر صعب جدا
حقا، تجيد البنوك الخاصة التسويق، وتمس شغاف قلبك في كل مرة".
ويمكن لدماء الحبل السري علاج أمراض مثل سرطان الدم وغيره من أمراض الدم حين يكون نقل نخاع العظام بديلا ضعيفا إلى جانب أمراض وراثية أخرى. وتحقن الخلايا في دم المريض مباشرة وحين تصل لنخاع العظام تنتج دما جديدا. ويقول الطبيب جوزيف انتين الذي يشرف على زراعة الخلايا الجذعية وبرنامج تبرع متصل بذلك في معهد دانا فاربر للسرطان في بوسطن "إنه أقرب ما يكون للمعجزة". ولكن اتخاذ قرار بشأن مصير دم الحبل السري يترك الآباء في صراع مع قضية معقدة لا تزال محل جدل بين العلماء والأطباء. واختارت اليسون بلوتاس التي ولدت ابنتها في تموز (يوليو) الماضي اللجوء لبنك خاص بعدما اطلعت على عدة كتيبات، وشجعها طبيبها على ذلك طالما يمكنها تحمل التكلفة.
وتقول بلوتاس (33 عاما) ولعائلتها تاريخ مع الإصابة بمرض سرطان الدم "إنه وسيلة تأمين جيدة، نأمل ألا نضطر لاستخدامها". وتعرض أكثر من 25 شركة خدمة التخزين الخاصة مثل فيا سل وفيا كورد وكورد بلد ريجستري وعدد من الشركات الأصغر.
ويجمع الطبيب الذي يشرف على عملية الولادة الدم في وعاء خاص ويرسل
للشركات، ولا يغطي التأمين الصحي مثل هذه العملية التي تتكلف بين 1700 و 2500 دولار تدفع مقدما إلى جانب مصروفات سنوية بين 115 و200 دولار. وعادة ما يحصل الأطباء على أجر مقابل جمع الدم. وأثارت الدعاية المكثفة قلق بعض الأطباء بشأن أخذ الآباء قرار بإنفاق آلاف الدولارات لأسباب عاطفية دون فهم لحدود فوائد دم الحبل السري.
ويقول الطبيب انتين:" تستغل البنوك المشترين من الطبقة المتوسطة بدرجة ما، لا يبلغونهم بأن فرص استخدامه ضئيلة". وفي وقت سابق من هذا العام ذكرت الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال أن التخزين ينبغي أن يقتصر على أسر لديها طفل أكبر مريض يمكنه الاستفادة من هذا الدم. ومن المثالب الأخرى احتمال أن تكون العينة صغيرة أو أن تفقد الخلايا فائدتها بعد سنوات من الولادة حين يصاب الطفل بأحد الأمراض الكثيرة التي يجري دراستها حاليا. ولم تقدم البنوك الخاصة ضمانا كافيا لراي لتختار بديلا أقل شيوعا وهو التبرع لبنوك عامة تستغل الدم في العلاج والأبحاث.
وتقول راي التي لم يسبق لأحد من أفراد أسرتها الإصابة بأمراض يحتمل أن
تشفيها خلايا الدم:" يبدو التبرع للأبحاث مقبولا نظريا وإلا فكيف يسعنا الإجابة عن تلك الأسئلة". ومثلما يحدث في عمليات التبرع بالدم المعتادة تفحص خلايا الحبل السري لاكتشاف أي أمراض وتصنف لتقدم لمريض أو تستخدم في الأبحاث.
وهناك أكثر من 50 ألف عينة عامة متوافرة ويسعى مسؤولون فيدراليون لتوفير 150 ألف عينة من خلال عملية تسجيل على مستوى البلاد. ويتفق معظم الخبراء على ضرورة توفير عدد أكبر من الوحدات وبصفة خاصة
بين الأقليات ويقولون إن أربعة ملايين طفل يولدون في الولايات المتحدة سنويا يقدمون ما يكفي للاحتياجات العامة والخاصة المحتملة. لكنهم أضافوا أنه حتى إن تبرع عدد أكبر فإن المنشآت الحالية لا تتحمل إقبالا كبيرا.
وقال مايكل بو من البرنامج الوطني للتبرع بنخاع العظام:" نسعى لتوازن اقتصادي دقيق للغاية هنا، لا نريد أن نغرق النظام".
وتخلت راي عن أملها في التبرع بعدما ابلغها الفريق المشرف على عملية الولادة أنه غير "مسموح" لها بالتبرع، وفي وقت لاحق أبلغوها أن عليها دفع 200 دولار مقابل جمع دم الحبل السري. وذكرت:" ينبغي أن تكون لديك رغبة حقيقية لأنهم لا يسهلون الأمور عليك." ورغم ذلك لا يريد عدد متزايد من الآباء والأمهات أمثال أليسون بلوتاس المخاطرة. ويقول ستيفن جرانت نائب الرئيس التنفيذي لكورد بلد ريجستري:" إن النشاط السنوي لشركته نما بنسبة 60 في المائة مع إقبال عدد أكبر على التخزين في شركات خاصة". وتابع:" لا تعرف أيضا ما يمكن أن يحدث، الكثير من الأمراض بل معظمها غير وراثي"، مشيرا إلى فقر الدم (الأنيميا) وإصابات المخ. وتقول بلوتاس:"إنها مثل وثيقة تأمين باهظة ولكن لا يمكن أن أقول الآن ما الهدف منها".