شركات التصنيف الائتماني: البيئة القانونية تهدد بإجهاض أول عملية تمويل إسلامي مهيكل في الخليج
تباينت آراء ثلاثة من كبريات شركات التصنيف الائتماني العالمية حول أداة "التمويل المهيكل" الإسلامي عندما حاولت "الاقتصادية" معرفة آرائهم. حيث يبدو أن البيئة القانونية "الحديثة العهد مع هذه الأداة" ستكلف الصناعة المالية الإسلامية خسارة هذه الأداة التمويلية الفتية في وقت تسعى فيه البنوك والمؤسسات الاستثمارية إلى الحصول على مصادر تمويل محلية جديدة.
من دون شك أن التعامل بالتمويل الإسلامي في السوق الخليجية ينطوي على إمكانات كبيرة، خاصة حين تبدأ المؤسسات الاستثمارية بتنويع الموجودات التي يستند إليها التمويل المهيكل، وحين تأخذ السوق في التعود على الجوانب الفنية الدقيقة لأسلوب هذا النوع من التمويل.
البيئة القانونية
تقول وكالة التصنيف الائتماني موديز Moody's أن التحديات التي يواجهها التمويل المهيكل Islamic securitizations تكمن في"الطبيعة غير المجربة للبيئة القانونية التي لا تزال تتسم بعدم اليقين وضرورة تواجد رواد في هذه البلدان يرغبون بصدق في تنويع مصادر تمويلهم. أضف إلى ذلك عدم معرفة التكاليف المبدئية لتنفيذ أية عملية من هذا النوع".
وكالة التصنيف الأخرى فيتش رايتنجز Fitch آخذة منحى آخر حول التمويل المهيكل عندما قالت في أحد تقاريرها الحديثة إنه" قد تم إعاقة تصنيف الصكوك التي على شكل تمويل مهيكل حتى هذا التاريخ بسبب عدة عوامل. إذ إن الصكوك ارتبطت بشكل أساسي بالشكوكية القانونية، حيث ينبغي أن يمتلك حاملو الشهادات مطالب الأولوية غير المشكوك فيها إزاء الأصول المتضمنة في حالة العجز عن السداد. ورغم أن الصفقات العابرة للحدود تخضع نموذجياً للقانون الإنجليزي، والسلطة القضائية للمحاكم الإنجليزية، فإنه سيتوجب تصديق أي حكم من المحاكم التي توجد بها الأصول المتضمنة فضلا عن الجهة المصدرة التي تقيم فيه. وبعيداً عن حقيقة أن الشريعة الإسلامية مفتوحة أمام التفسيرات، إلا أن النظام القانوني في معظم البلدان الإسلامية يسمح للمحاكم بحرية تصرف أكثر، ولا يأخذ في الاعتبار أية سابقة قانونية تمت في محاكمه المحلية. وهذا ما انعكس بوضوح في الآراء القانونية التي تلقتها فيتش Fitch حتى هذا التاريخ.
إلى ذلك تتطرق زينب عدلان، مديرة شؤون الأسواق الناشئة للتمويل المهيكل في ستاندرد آند بورز, بتفاصيل أكثر حول البيئة القانونية بقولها "لا تزال تتسم بعدم اليقين، كما أنها لم تخضع لتجربة كافية، ولا تزال لدينا مخاوف من قضايا قانونية خاصة، وهناك تحد إضافي في هذه السوق يتمثل في عدم وجود سجل تاريخي". حيث إن لدينا قلقاً يدور حول عملية النقل القانونية لوثيقة السند وإغلاق الرهن، فقد تم إصدار العديد من القوانين في الفترة الماضية إلا أن محاكم تلك الدول لم تتخذ قرارات نهائية حيال تلك البنود باستثناء إمارة دبي.
وتتابع في تصريحها الخاص لـ "الاقتصادية" وكما هو الحال عموماً، فإنه يجب عزل تمويل الأصول المهيكل الإسلامي عن احتمالية تعرض الراعي (الكافل) لضائقة مالية ناتجة من دين ما. ولابد للبيئة القانونية, خلال تصنيف تمويل مهيكل إسلامي, أن تؤكد أن عزل الأصول سينجو من إفلاسية أطراف المعاملات التجارية مع دعم تركيبة المعاملة التجارية من أجل تبرير التصنيف الذي تسعى إليه الجهة المصدرة".
وتواجه الجهات المالية الخليجية بعض التحديات الأخرى التي تكمن في مقدرتها على تمويل السندات من أصولها "اوريجيناتورز" وإمكانية على المحافظة على توليد التدفق من الأصول ذات السندات التمويلية وحول قدرة الهيكلة على حماية الأصول بشكل كاف من أجل تحقيق المستوى الائتماني المرغوب مع الاحتمالية الممكنة للتدخل الحكومي، المباشر وغير المباشر, في عملية التمويل المهيكل.
نظرة داكنة
أكدت ستاندرد آند بورز لـ "الاقتصادية" عدم تسجيلها حتى الآن أي صفقة تمويل مهيكل إسلامي في الخليج. وهذا ما يشكل تراجعا واضحا في التوقعات الأولية للمؤسسة نفسها والتي ظهرت في منتصف 2006 وتمت الإشارة فيه إلى "أن سوقا جديدة بدأت تتشكل في دول الخليج تتعلق بالتمويل المهيكل التقليدي. وأن المنطقة تتهيأ لاستقبال أداة التمويل الأخرى الإسلامية".
وفي هذا الصدد، تقول زينب عدلان "ندرك الاهتمام المتزايد بالتمويل المهيكل سواء التقليدي منه أو الإسلامي في الشرق الأوسط. ورغم أننا قمنا بتصنيف أساليب تمويل عديدة لهذه الشركات، إلا أننا لم نشهد بعد ظهور أي صفقة تمويل مهيكل متطابق مع الشريعة بعد". وتتابع "ندرك أن الإطار القانوني للتمويل المهيكل يتحسن باستمرار، ونحن على استعداد لدراسة أي هيكلة إسلامية، ولكننا لم نشهد بعد مقترحات راسخة لعمليات تمتثل لأحكام الشريعة الإسلامية".
موديز هي الوحيدة المتفائلة حول وضع تلك الأداة في المنطقة, يقول خالد هولادار, نائب رئيس التمويل الإسلامي المهيكل في الشرق الأوسط, "نتوقع ظهور أول صفقة تمويل مهيكل إسلامي في غضون الثلاثة إلى الستة أشهر المقبلة. وسيكون ذلك حدثا استثنائيا للصناعة المالية الإسلامية في المنطقة".
وتراهن موديز أن تشهد منطقة الخليج ولاسيما الإمارات هذه السنة صفقات تمويل مهيكل تقليدي من نوع يستخدم لأول مرة وهو الأوراق المالية المدعومة بقروض عقارية سكنية RMBS و كذلك الأوراق المالية المضمونة بأصول ABS. وينضم إلى تصنيفات الأصول هذه, الأوراق المالية المضمونة بالرهن العقاري التجاري CMBS وعمليات التزامات الدين التجارية المكفولة CDO.
إلى هنا كشف المحلل الائتماني قاري كوتشوبكا, مدير أسواق التمويل المهيكل في أمريكا الشمالية, أن جميع الأصول الأربعة تتواءم مع تطبيقات التمويل المهيكل الإسلامي. حيث يقول "إن ما يشاع استخدامه هو ABS وهو الأقل تعقيدا. وأن الجانب الذي يجب مراعاته هو كيفية حصول المستثمرين على دفعات العوائد قبل مواعيدها واسترداد قيمة الصكوك".
من جانبه، أوضح خالد هولادار أن التمويل المهيكل الإسلامي لا يشترط لصحته أن يقوم به مصرف إسلامي. حيث يقول"في الوقت الحالي تستخدم العديد من الشركات والمصارف الغربية الصكوك. وبالرغم من ذلك فهم يستطيعون اقتراض المال والسعي وراء استثمار بالطريقة الإسلامية".
تقليص تكاليف التمويل
وإلى حين ظهور هذه الأداة الإسلامية الناشئة, وبصرف النظر عن البلد الذي تصدر فيه, فإنه يتوجب على المؤسسات المالية أن تدرك أنه باستعانتها بعملية التمويل المهيكل الإسلامي، فإنها ستزيد مقدار رأس المال المتوافر وتقلص تكاليف التمويل بالنسبة للجهات المصدرة "أوريجيناتورز". كما أنها تستطيع توريد الأموال بصورة مستمرة إلى موارد التمويل للمؤسسات وتعطي المستثمرين منتجات مفصلة على حسب رغباتهم للوفاء بمتطلبات محافظهم الاستثمارية، بما في ذلك التنويع وتقليص المخاطر.