مصانع جدة تحتضر .. وقد تبتلع الأحياء السكنية !
مصانع جدة تحتضر .. وقد تبتلع الأحياء السكنية !
بينما ينتشر أكثر من 450 مصنعا في مدينة جدة داخل الأحياء السكنية ينتظر أكثر من 500 مستثمر هناك وضع حد للجدل الدائر بين وزارة المالية و التجارة والصناعة وبين الهيئة السعودية للمدن الصناعية ومناطق التقنية حول جهة المسؤولية عن المدن الصناعية وما إذا كانت من مهام الهيئة، وذلك للشروع في تنفيذ مصانع جديدة.
المشكلة تكمن في توسع المدينة وعدم توافر أراض لإقامة مصانع بديلة لتلك التي امتدت إليها الأحياء السكنية وذلك بالاستفادة من ثلاث مدن صناعية جديدة ( موجودة على الورق وتعذر تنفيذها على أرض الواقع ) ويتوقع أن تسهم _ بإذن الله _ في حل المشاكل التي يواجهها المستثمرون وذلك وسط قلق متزايد من السكان والدفاع المدني والغرفة التجارية إضافة إلى مخاوف أخرى من البعض بشأن تحول هذه الاستثمارات إلى مناطق بعيدة أو بعض دول الجوار ضمن مسلسل هجرة رؤوس أموال الصناعيين السعوديين إلى الخارج.
" الاقتصادية " كانت لها هذه الجولة لمتابعة أطراف القضية وحاولت أن تستوضح الصورة.
مازالت جدة تعاني من ندرة الأراضي المخصصة لإقامة مشاريع صناعية جديدة حيث يواجه المستثمرون مشاكل متكررة أدت إلى عزوف عدد كبير منهم عن إقامة مشاريع جديدة أو توسيع مصانعهم القائمة فيما يعلق كثيرون منهم آمالا كبيرة على " هيئة المدن " في التغلب على الوضع الراهن وتحقيق التكامل في الخدمات الضرورية لقيام نهضة صناعية تسهم في تطوير القوى البشرية وتصب في مصلحة البلاد.
لا ماء .. لا كهرباء .. ولا غاز
يقول المهندس سمير محمد مراد رئيس اللجنة الصناعية في الغرفة التجارية الصناعية في جدة " إن سبب ذلك يعود إلى بطْء إجراءات تخصيص مساحات من الأراضي الصناعية التي يمكن أن تلبي الطلب المتزايد على الاستثمار لإقامة مصانع جديدة والذي ارتفع ليصل إلى ما يزيد على ألف طلب مشيرا إلى أن عدم توافر الغاز وشح المياه وتكرار انقطاع التيار الكهربائي كلها عثرات مؤثرة في طريق بناء مدن صناعية متطورة وأن مما يزيد من المشكلة وجود 450 مصنعا في مواقع غير مناسبة ( داخل الأحياء ) !!
مصانع .. للتهرب من الرسوم
" حصة العون" مستشارة في الشؤون الصناعية وصفت وضع المدينة الصناعية في جدة بأنها "هلامية" موضحة أنها تفتقر إلى أبسط عوامل نجاح الصناعة كونها تعاني من عوائق كثيرة تتمثل في عدم توافر البنية التحتية والخدمات الأساسية التي تحتاج إليها المصانع إذ لا توجد في المدينة محطة تحلية أو أي نوع من مشاريع التخلص من مياه الصرف الصحي, مشيرة إلى أن نسبة كبيرة من المصانع في الأصل لا تعمل وإنما وضعها المستثمرون بحجة أن لديهم مصانع ليتم إعفاؤهم من الرسوم على دخول المواد الخام " بالإضافة إلى عدم توافر الرقابة الدقيقة على تلك المشاريع من قبل " هيئة المدن". وهذه العوامل أدت إلى أن تعيش المدينة وضعا سيئا, وأصبح المستثمر يبحث عن مناطق أخرى، واستبعدت العون نجاح مشروع إنشاء المدن الصناعية في جدة الذي يتطرق إليه بعض رجال الأعمال مستشهدة بفشل مشروع إنشاء المدينة الصناعية النسائية الذي واجه رفضا قويا على حد – قولها – من والمسؤولين في " هيئة المدن " ووزارة العمل، كما طالبت بالتركيز على تسهيل الإجراءات وذلك من منطلق تشجيع المستثمرين والتسريع في منح التراخيص في أقل مدة زمنية ممكنة.
بيئة غير جاذبة صناعيا !
صناعيون أكدوا أن ندرة الأراضي الصناعية المؤهلة تعتبر من أهم العقبات أمام الصناعات الجديدة في جدة وكذلك بقية مدن المملكة، وتقلص فرص المشاريع الجديدة، وبينوا أن البعض منهم قد لجأ إلى نقل مشاريعه إلى مدينتي الجبيل وينبع الصناعيتين، لتوافر الأراضي المؤهلة هناك، رغم أن منتجهم النهائي يتم سوف يتم تسويقه في مديتني الرياض وجدة.
وزادوا " إن ذلك قد أثر بشكل واضح في الاستثمارات الصناعية في مدينة جدة، وأنه في حال استمرار الوضع على ما هو عليه فإن ذلك سيحد من جاذبية جدة كقاعدة صناعية مهمة في المملكة ".
الدفاع المدني : الوضع خطر !
من جانبه حذر العقيد محمد الغامدي مدير إدارة الدافع المدني في جدة من خطورة وجود المصانع داخل الأحياء السكنية مهما بلغت درجات توفير شروط السلامة فيها مطالبا بضرورة نقل المصانع إلى مدن صناعية يتم من خلالها تطبيق شروط السلامة التي يحرص عليها الدفاع المدني لحماية الأرواح والممتلكات، مؤكدا أن المصانع الحالية والواقعة داخل الأحياء السكنية قد تكونت نتيجة التطور الكبير خلال العقديين الماضيين اللذين شهدا توسعا في الحركة العمرانية ما أدى إلى وصول المساكن إلى مناطق المصانع في العديد من المواقع.
حلول من غرفة جدة
من جانبه رأى رئيس اللجنة الصناعية في الغرفة التجارية الصناعية بجدة المهندس سمير محمد مراد أن ما يعرف بـقرار " دعم الصناعة " سيقضي على المشكلات الأساسية التي يواجهها المستثمرون في المدن الصناعية وعلى وجه الخصوص في مدينة " جدة " مشيرا إلى أن توفير مدن صناعية متكاملة الخدمات سيساعد في القضاء على المشكلة وذلك بالانتقال إليها وسط جهد كبيرة تبذلها لجنته لتذليل العقبات والخلافات التي تواجه المستثمرين ومن أهمها مشكلة عدم تطوير المدن الصناعية الجديدة بشكل متكامل في جدة.
تنسيق للجهود وتجاوب من الأمانة
وبين مراد أن اللجنة تعمل على ذلك من خلال التنسيق مع أمانة مدينة جدة و" هيئة المدن الصناعية " مشيرا إلى أن المدينة الصناعية الحالية لم تعد تتسع لمصانع جديدة مطلقا وهذا بدوره يؤثر في المستثمرين الجدد الذين ربما اضطروا إلى التوجه بصناعتهم إلى مدن أخرى في المملكة،
وقال " إن اللجنة وجدت تجاوبا من داخل الغرفة والأمانة وسط اتفاق بين الجميع على أهمية تطوير المدن الصناعية الذي يصب في تطوير " اقتصاديات البلد " والتقليل من البطالة وذلك بالإسراع في إنشاء المدن الصناعية الجديدة في رابغ وبحرة والخمرة بجنوب جدة ودعم العوامل التي تساعد على نجاح هذا القطاع خاصة في مجال تحسين خدمات المدن الصناعية والبنية التحتية لها وإعادة توزيع الأراضي غير المستغلة صناعياً والتخطيط الإستراتيجي المستقبلي لتدريب وتنمية القدرات السعودية الشابة وذلك لبناء القدرات التي تعمل صناعياً من الجنسين.
الصناعة في جدة أرقام وحقائق
أصبحت المدينة الصناعية في جدة جاهزة لاستقبال الصناعات في نهاية الستينيات وكانت مساحتها نصف مليون متر مربع، وفي أوائل السبعينيات بني أول مصنع في منطقة جدة وصادف بناؤه بدء تنفيذ خطة التنمية الخمسية الأولى.. وفي عام 1975م كان قد بني على أرض المدينة الصناعية ثلاثون مصنعاً في جدة.
وعلى الرغم من إضافة مليون متر مربع إلى مساحة المدينة فإن تلك الزيادة لم تكن كافية وسط تزايد الإقبال على الاستثمار الصناعي مما دفع وزارة الصناعة والكهرباء إلى إضافة, ثلاثة ملايين متر مربع إلى المساحة المخصصة للمدينة بحيث أصبحت خمسة ملايين متر مربع في نهاية السبعينيات. كما أصبحت مساحة المرحلة الرابعة التي نفذتها الوزارة أربعة ملايين متر مربع ومن ثم الخامسة ومساحتها مليونا متر مربع وبدأ تطوير المنطقة الصناعية الجديدة ومساحتها ثلاثة ملايين متر مربع وتبعد عن المدينة الحالية ما يقارب 50 كيلومترا.
وحسب آخر إحصائية للإدارة الصناعية فقد بلغت المساحة الإجمالية للمدينة الصناعية 12مليون متر مربع والمساحة المجهزة بالخدمات تسعة ملايين متر مربع. وبلغت أطوال الطرق والشوارع والمسطحات الخضراء للمدينة الصناعية 72 كيلومترا.
وتشير الإحصائية إلى إن عدد المصانع المنتجة 520 مصنعا والعاملون بالمصانع بها أكثر 16الف عامل يستهلكون أكثر من 80 ألف ساعة عمل يومياً فيما ينتظر 80 مصنعا تحديد مواقعهم.