تخوف من الكساد في الهند
لا يكاد التراجع الحاد في أسعار الأسهم في سوق الأسهم الهندية يشكل إلا نصف الضعف العام في البورصة الذي لوحظ منذ نهاية شباط (فبراير) الماضي.
وقد حدث هذا التراجع قبل ثلاثة أسابيع من اضطراب الأحوال في الأسواق الأخرى، ومع ذلك فلا يزال سؤال ما إذا كان ما حدث هو مجرد تصحيح أم كساد دوري، لم تتم الإجابة عنه حتى الآن. ولكن متابعة الانتقادات التي ترددت طوال شهور فيما يتعلق بتقييم الأسهم الهندية تقود للاعتقاد أن الحالة هي أقرب إلى الكساد.
يضاف إلى ذلك أن سوق الأسهم الهندية كان لفترة طويلة من الزمن المكان المفضل بشكل خاص للجهات الاستثمارية ذات الطابع المؤسسي. ولهذا تدفقت رؤوس أموال عالمية طائلة عبر هذه السوق إلى حد أن بورصة مومباي كانت تعتبر مزدحمة بشكل لا مثيل له في أية سوق من الأسواق الصاعدة، وذلك وفق تقديرات المحللين والخبراء الفنيين. إن هذا التزاحم لا يمكن أن يعني سوى أن الباعة هم الذين أصبحت لهم اليد العليا في السوق. ويذكر في هذا السياق أن سوق الأسهم الهندية قد شهدت تراجعا في شهر شباط ( فبراير ) بنسبة 8.7 في المائة وأغلق على أسوأ وضع بين الأسواق الصاعدة.
لقد سجل مؤشر سينسكس (Sensex) لبورصة مومباي يوم الثامن من شباط (فبراير) الماضي رقما قياسيا بلغ 14652 نقطة، لكي يعود يوم الخامس من آذار ( مارس ) للنكوص إلى 12415 نقطة. وكما في غالبية البورصات الأخرى كان الانهيار الذي وقع هناك مشابها للانحدار الحاد الذي حدث في شهري أيار (مايو) وحزيران ( يونيو ) 2006، حيث هبط مؤشر سينسكس من حوالي 12500 نقطة إلى 8930 نقطة خلال أربعة أسابيع فقط. وفي هذه السنة أيضا كانت أربعة أسابيع تفصل ما بين أعلى و أدنى مستوى بلغة المؤشر. وفي يوم الإثنين أغلق المؤشر على 12903 نقطة، ولكن لأن الخبراء بشكل خاص في أسواق الأسهم الأخرى، يتوقعون حدوث موجات أخرى من البيوعات في انتظار وصول الأسعار إلى أدنى مستوياتها، فمن الممكن الزعم أن مرحلة الضعف في الهند أيضا لم تبلغ نهاياتها بعد. هذا ويعتقد المحللون في الوقت نفسه أن حالة الانتعاش التي ابتدأت في ربيع عام 2003 عندما بلغ مؤشر سينسكس 2834 نقطة ليست معرضة للخطر بسبب الأحداث الأخيرة .
ومن الملاحظ أن هذا التقدير ينسجم تماما مع تقديرات الخبراء الاستراتيجيين المعنيين بالأساسيات. فهم يعتقدون أن سوق الأسهم الهندية توفر على المدى الطويل فرصا لا يتوفر مثلها في بورصات صاعدة أخرى. وإن كانت الأمور تسير بصورة أبطأ بالمقارنة مع الصين على سبيل المثال، إلا أن المعروف عن الهند أنها ديمقراطية راسخة وليست اقتصاد مغاوير. إن الإجراءات البرلمانية التي ينجم عنها على الأجل الطويل قرارات تتعلق بالسياسات الاقتصادية، تسير بصورة بطيئة نوعا ما بسبب المصالح المختلفة للأحزاب المتآلفة داخل الحكومة، وهذا من شأنه أن يمس، من بين أمور أخرى، القرارات المتعلقة بإلغاء التدخلات الحكومية التي تعيق تطور السوق الهندية لرؤوس الأموال بشكل خاص. غير أن الدينامية التي أطلقتها القوى الاقتصادية بالرغم من ضغوطات المنافسة الدولية المتزايدة، تبعث على التفاؤل.
هذا ويستفاد من بيانات المكتب الإحصائي أن الاقتصاد الهندي قد نما في السنة المالية 2006 بنسبة 9،2 في المائة ، وهو ما يزيد على توقعات الحكومة في نيودلهي التي كانت تتوقع نموا في حدود 8،1 في المائة . ومن الممكن الزعم أن القوى المحركة لهذا النمو هو القطاع الإنتاجي و القطاع الخدمي ، كما لوحظ أيضا استمرار النمو الكبير في الطلب الاستهلاكي الذي وجد تعبيرا له في معدل تضخمي تجاوز نسبة 6 في المائة ، وهو ما يحاول البنك المركزي الهندي محاربته عن طريق انتهاج سياسة نقدية متشددة . وتستكمل الصورة بشيوع خبر مفاده أن الطلب على القروض ينمو بوتائر لم تشهد العقود الثلاثة الماضية لها مثيلا.
إن الموضوع الأبرز بالنسبة للاستثمار طويل الأجل لرؤوس الأموال في الهند والذي تجمع عليه الآراء هو تطوير وتحديث البنية التحتية . هذا وينصح الخبراء إضافة للاستثمار في الأسهم الواعدة بالانتباه أيضا للأوراق المالية من الدرجة الثانية المطروحة في الأسواق الهندية بكميات كبيرة . أما التمييز بين ما يستحق و ما لا يستحق من الأوراق المالية فهو أمر ليس من السهل البت فيه من قبل المستثمرين الأجانب حتى أولئك الذين يتوفر لديهم ما يكفي من المعلومات . . ولهذا تتكرر النصيحة لأغراض الاستثمار بضرورة الاستعانة، بخدمات أحد الصناديق الاستثمارية المتخصصة في الهند ذي سجل من النجاحات المتحققة.