أوروبا تقود ثورة جديدة من أجل توفير الطاقة في المباني السكنية والتجارية
استُثمر في أوروبا العام الماضي ما يزيد على 240 مليار يورو في قطاع العقارات التجارية، واستثمر في المانيا وحدها 50 مليار يورو. وفي سياق الاستثمارات هذه اتسم قطاع العقارات باتجاهين كبيرين: العولمة والتوجه إلى السوق الرأسمالية. إلا أن اتجاها ثالثا بدأ يأخذ طابعا في هذا القطاع: درجة كفاءة الطاقة المستغلة للمدن والمباني - التي تسمى في الولايات المتحدة الأمريكية بـ "حركة المباني الخضراء" Green Building. في أوروبا سيطبق في العام المقبل ما يسمى جواز الطاقة للمباني الذي سيضفي على عالم العقارات طابعا مميزا، ولا سيما أن موضوع الطاقة يمارس ضغوطا للتعامل الحثيث في مثلث تأمين التزويد، وحماية البيئة والربحية العائدة - وبالأخص بسبب النهم الكبير للطاقة في الدول الصاعدة مثل الهند والصين.
أسعار الغاز والنفط المتصاعدة ستغير عالم العقارات، وبالأحرى ليس فقط العقارات السكنية، بل أيضا مباني المكاتب، والمراكز التجارية والثقافية والرياضية والمدارس والصالات والمنشآت الصناعية. 17 مليون مبنى سكني وستة ملايين مبنى إداري وتجاري تخلف أثرا بليغا في ميزانية الطاقة لألمانيا، ولا يمكن غض النظر عنها في سياق تعهد الحكومة الألمانية بتقليل انبعاث غازات الاحتباس الحراري.
ملايين الأمتار المربعة من المساحات المستغلة تجاريا تحتاج إلى كميتها الخاصة من الطاقة - وما ينبعث عنها يحمّل البيئة أعباء على نطاق لا يستهان به. نحن الآن في عام 2007؛ ولكن في كل عطلة نهاية أسبوع تعمل أجهزة التبريد في الصيف والتدفئة في الشتاء في كامل المباني العالية، وذلك لأن بعض الزملاء يجب أو يرغب في أن يعمل - فالتحكم الفردي في الطاقة غير موجود. وفي العاصمة الروسية موسكو، يتم لغاية الآن عبر نظام التحكم عن بعد بالطاقة، تدفئة ضواح كبيرة من تشرين الأول (أكتوبر) وحتى نيسان (أبريل)، والتحكم الفردي بالطاقة يتم من خلال فتح النوافذ. بهذه الطريقة لا يمكن أبدا الوصول إلى وسيلة لحماية البيئة. وهنا تساعد خطوات صغيرة في الوصول إلى الطريق الصحيح - مثل معيار "دين في 18599" DIN-Norm V 18599، الذي يقوم على أساس قانون العزل الحراري الجديد للعقارات التجارية الذي سيطبق في أول كانون الثاني (يناير) 2008. وتعتبر تنظيمات قانونية أخرى للطاقة مثل جواز الطاقة أمرا لا غنى عنه في قطاع العقارات التجارية. ولكنه يبعث على الشك فيما إذا كانت هذه التنظيمات ستكون كافية للتأثير في السلوك في أسواق العقارات.
ميزانية الطاقة للمدن - أي بعيدا كل البعد عن اقتصاد المباني - يجب السيطرة عليها بصورة أكثر عقلانية. لكننا بعيدون كل البعد عن هذه النقطة. فالآلية الضرورية لهذا التطبيق غير موجودة. والقوانين والتعليمات وكذلك الالتزام بها يجب أن يُعطى حركة أنشط بطريقة أخرى وإمكانات تحقيق ذلك موجودة، لأن زرع الإحساس يولد إدراك وفهم المشكلة.
إلى هذا السبيل يمكن أن تساهم المنافسة أيضا، مثل (كأس الطاقة الأوروبي) للعقارات التجارية الذي يدعمه الاتحاد الأوروبي، وجائزة (أفضل مبنى تجاري في ترشيد استهلاك الطاقة لهذا العام) التي تقدمها شركة الطاقة الألمانية (آر دبليو إي RWE. وهنا يجب ألا ننسى الحوافز المالية لاستهلاك الطاقة في أفضل صورة ممكنة في العقارات التجارية. فبمجرد مخاطبة العقل تسير القوانين المنطقية بخطى بطيئة إلى الأمام. العقل والقوانين يحتاجان إلى دعم من أنظمة تشجيع مسيطرة.
نظم تشجيع أخرى لدعم الترشيد في استهلاك الطاقة قد تظهر في المستقبل، فلماذا لا يمكن جعل موضوع الطاقة والعقارات كاتجاه كبير في القطاع - من خلال مشاريع جماعية مع البلديات والمؤسسات العمومية القانونية على شكل شراكة عامة خاصة ؟ صناديق دعم خاصة في نقطة تقاطع سوق رأس المال وسوق الطاقة وسوق العقارات أمر وارد. وهنا تتطلب المسألة من جميع المشاركين ميزة الإبداع.
نحن كشركة استشارات عقارية تعمل على مستوى العالم كله قمنا بتعريف موضوع الاستمرارية - أي التعامل الرشيد مع مصادر الطاقة - كهدف أولي للشركة. وسوف نقوم بنقل موقفنا هذا من خلال ظهورنا العالمي إلى جميع أنحاء العالم. من خلال الدراسة التي أجريناها حول التكاليف الجانبية (الكهرباء والماء) للمباني المستغلة تجاريا استطعنا منذ أعوام طويلة تطبيق الشفافية - وحتى في مسألة تكاليف الطاقة القائمة. ومن الممكن أيضا أن تساهم "هوليوود" كمولد لعملية لفت انتباه عالمية ولعل جائزة أوسكار التي حصل عليها هذا العام نائب الرئيس الأمريكي السابق آل جور لأفضل فيلم وثائقي حول كارثة المناخ المرتقبة تعتبر إشارة ذات معنى في هذا الاتجاه.