"من لا يتقدم يتقادم!"

"من لا يتقدم يتقادم!"

"من لا يتقدم يتقادم!"

يعرف التدريب بأنه عملية مخططة ومستمرة تقوم بها المنظمات بغرض رفع مستوى الأداء الوظيفي لموظفيها، فمن خلاله يتم تزويدهم بالمعارف وتطوير قدراتهم، وتغيير اتجاهاتهم السلوكية بما يساعدهم على أداء مهامهم بكفاءة تخصصية عالية. ولذلك تولي المنظمات الحديثة اهتماماً بالغاً بالتدريب وترصد له المخصصات المالية، لقناعتها بأنه أداة فاعلة في تنمية أهم عنصر من عناصر الإنتاج, وهو رأس المال البشري .
من جهة أخرى, لو نظرنا إلى درجة الاهتمام بالتدريب من بعض القيادات الإدارية الرجالية والنسوية في مجتمعنا نجدها جداً متواضعة، ولا تواكب الاتجاهات الحديثة في تنمية الموارد البشرية. فعلى سبيل المثال تلجأ بعض القيادات عند تسلم بعض النشرات الإعلانية من مختلف الجهات التدريبية الحكومية والخاصة إلى حجب هذه النشرات عن المرؤوسين, ومبرراتهم على ذلك كثرة العمل وتعطله أثناء تدريب الموظفين، قلة الإمكانات المادية، عدم استفادة الموظفين الذين التحقوا بنشاطات تدريبية في السابق، وعدم حاجة الموظفين إلى التدريب لكفاءتهم في العمل، وعدم جدوى التدريب مع ذوي الأداء المتدني.
ومن المؤسف أن بعض الموظفين يتفقون مع وجهة نظر هذه القيادات من حيث درجة الاهتمام بالتدريب، فنجد أن الفرد منهم عندما تتاح له فرص التدريب داخل عمله وخارجه نجده يبرر عزوفه عن هذه الفرص بأسباب عديدة مثل: الاكتفاء بالمعارف والمعلومات الحالية المتوافرة لديه، عدم توافر الحوافز المادية والمعنوية، عدم ربط الترقية بالتدريب، عدم الحاجة إلى التدريب بسبب طول مدة الخدمة، وعدم الرغبة في بذل جهد إضافي في التعلم والتدريب غير ذلك المطلوب لأداء العمل. وتضيف الموظفات إلى هذه الأسباب مبرراً آخر وهو عدم توافر وسائل المواصلات والظروف الأسرية. هذه الأسباب والمبررات تنم عن نظرة سلبية تجاه التدريب ووجود مفاهيم خاطئة عن التدريب لدى القيادات والمرؤوسين على حد سواء، الأمر الذي يتطلب بذل الجهود للتوعية بأهمية التدريب .
لعلنا نتفق أن التدريب من أكثر الاستراتيجيات المعترف بها في مجال تنمية الموارد البشرية، ويحقق لكل من الموظف والمنظمة العديد من المزايا والفوائد على المديين القريب والبعيد. فهو يساعد الموظف على اكتساب المعارف والمهارات، بما يؤدي إلى اختصار الوقت اللازم للتعلّم، كما يتيح له فرصة تطوير كفاياته في التعامل مع الضغوط والصراعات، والإحباط في العمل، وكل ذلك له دور في تطوير اتجاهات إيجابية كالولاء للعمل، والتعاون وتعميق الإحساس بالرضا الوظيفي، والإنجاز وزيادة درجة الأمان الوظيفي، والحماية من التعرض لنتائج الشعور المحبط بالتقادم.
أما بالنسبة إلى المنظمة فالتدريب يقدم لها عددا من الفوائد المهمة، إذ يساعدها على التمّيز على المنافسين من خلال إيجاد معايير عالية للأداء تظهر بوضوح في السلوك المهني للموظفين الذين يعملون بجد لتطبيق خبراتهم المعرفية التي اكتسبوها من التدريب أثناء أداء مهامهم وواجباتهم الوظيفية. كما يساعد التدريب المنظمة على الاحتفاظ بالكوادر البشرية المؤهلة وتقليل فرصة تسربها إلى جهات أخرى منافسة، إذ تشير نتائج الدراسات إلى أن الموظفين الذين يتدربون في المنظمة يبقون فيها مدة أطول من غيرهم، ويسهم أيضاً التدريب في إشاعة المناخ المؤسسي المفتوح، الذي يساعد على الابتكار وتطبيق الأفكار والمبادرات الجديدة في العمل وتقوية أواصر العلاقات الإنسانية، وآخر المزايا هي مساهمة التدريب في الاستعداد للمستقبل باكتساب الموظفين المعارف والمهارات الفكرية والفنية والحركية التي ستحتاج إليها المنظمة في المستقبل ولتحل محل تلك المتقادمة.
كلمة أخيرة: من دون التدريب لن تستطيع المؤسسة البقاء متجددة متطورة، فهو إذن ضرورة لحماية الفرد والمنظمة من التقادم، فمن لا يتقدم يتقادم، ومن يتقادم سيجد نفسه خارج الميدان وخارج نطاق السوق والمنافسة، فهيا بنا إلى حلبة التدريب.

أستاذة متعاونة في الجامعة العربية المفتوحة
hendmerza@gmail .com

الأكثر قراءة