حقوق ضائعة وأنظمة "غير نظامية" للسعوديات العاملات في مدارس البنات الأهلية
حقوق ضائعة وأنظمة "غير نظامية" للسعوديات العاملات في مدارس البنات الأهلية
رغم ارتفاع نسبة السعودة في مدارس البنات الأهلية في المنطقة الشرقية بحسب الإحصائيات الرسمية، والتي بلغت أخيرا 92 في المائة، إلا أن معاناة موظفات هذا القطاع مازلت مستمرة سواء فيما يخص تدني الرواتب أو الفصل التعسفي أو العمل دون أجر خلال فترة التجربة، إلى جانب غياب برامج التدريب والتطوير والأمن الوظيفي.
وتؤكد لـ"المرأة العاملة" وفاء المري مديرة إدارة التعليم الأهلي والأجنبي في إدارة التربية والتعليم في المنطقة الشرقية، أن إحجام الموظفات السعوديات في مدارس القطاع الأهلي عن المطالبة بهذه الحقوق يعوق الجهات المسؤولة عن اتخاذ الإجراءات اللازمة لانتزاع تلك الحقوق. مشددة على ضرورة أن تتمسك الموظفة السعودية بالحقوق التي كفلها لها النظام.
وهنا قال محمد الحمدان، المدير العام المكلف في مكتب العمل في المنطقة الشرقية، والذي أكد أن نسبة السعودة في هذا القطاع ممتازة، "لا توجد لدينا إحصائيات محددة تكشف نسبة تسرب العاملات السعوديات أو حالات الفصل التعسفي في المدارس الأهلية, لأنه من النادر أن يتلقى مكتب العمل في الشرقية شكاوى من هذا النوع".
وأضاف" هناك حالات فردية تتقدم بشكاوى حول بعض الحقوق الوظيفية في المدارس الأهلية، موضحا أن لمكتب العمل النسوي دورا كبيرا في وأد أي خلاف في مهده، وتقديم النصح والإرشاد لهم بما يكفل حقوق الطرفين".
وفيما يخص تحديد مستوى أجور العاملات السعوديات في هذا القطاع بين الحمدان أن وزارة العمل توصي أصحاب الأعمال في هذا القطاع أن تكون الرواتب مجزية, وفق ما هو متعارف عليه في الأوساط التعليمية، مشيرا إلى أن العقود لا تخرج عما جاء في نظام العمل، وأي شرط يخالف النظام لا يعتد به في القضايا العمالية.
وكشف الحمدان أن جهات الاختصاص يعدون حاليا أفكارا لإعداد برامج لتأهيل السعوديات العاملات في المدارس الأهلية النسائية, بغية تحقيق أعلى مستويات التناغم بين العاملة ورب العمل.
"المرأة العاملة" استطلعت آراء بعض العاملات في قطاع المدارس الأهلية في المنطقة الشرقية، إلى جانب رأي مسؤولين في الجهات المعنية، بغرض تحديد نوع المشكلات القائمة، والسبل المطروحة لحلها، فإلى التفاصيل:
تقول إحدى الموظفات السابقات في هذا القطاع "عملت وشقيقتي في إحدى المدارس الأهلية لمدة ثلاثة أشهر بلا أجر، حيث عملنا فصلا دراسيا كاملا دون أن نحصل على رواتب، أو إمضاء عقود عمل، على أمل وعود تلقيناها من مديرة ومالك المدرسة من خلال اتفاق شفهي أن تصرف رواتبنا بعد فترة التجربة".
وتضيف" بعد فترة لم تستطع شقيقتي المواصلة لعدم وجود محفزات ولغياب الحقوق المالية، ما دعاها لترك العمل بعد شهر ونصف، بينما واصلت أنا العمل على مضض متأملة الخير في وعود مديرة المدرسة، وبعد قرب نهاية الفصل الدراسي الأول، وبعد إلحاح مني على استلام رواتبي، صرف لي 1500ريال فقط، عن شهرين، سألت عن راتب الشهر الآخر والعقد، فكان جواب المديرة، إنه لا راتب آخر، وإن المدة التي عملتها كانت فترة تدريب وتجربة، ما أحبطني، فقررت ترك العمل على الفور".
وفي هذا الإطار أوضح مدير مكتب العمل في الشرقية، أن تشغيل بعض المدارس للسعوديات لأشهر دون توقيع عقود بحجة تجربتهن، ومن دون صرف رواتب لهن، فيه مخالفة صريحة لنظام العمل، والذي ينص على أنه لا عمل دون أجر، إلا أن توقيع العقود قد يتأخر باتفاق بين الطرفين، على ألا يزيد عن المدة المحددة.
أسباب فصل مجهولة
من جانب آخر تقول نوف المهنا خريجة عام 1418هـ: "بحثت عن عمل في المدارس الأهلية بعد فشلي في الحصول على عمل حكومي، وتركت أوراقي لدى أربع مدارس، وبعد أشهر، اتصلت بي إحدى المدارس وحددت موعدا للمقابلة الشخصية، وأثناء المقابلة حذرتني مديرة المدرسة من عدة أمور من بينها أنه يحق لها فصلي بمجرد أن أغير في شكل حواجبي وتعني بذلك حف الحواجب أو تشقيرها، مؤكدة لي أنها فصلت عددا من موظفاتها بعد الإجازة مباشرة دون سابق إنذار بسبب قيامهن بتشقير وحف حواجبهن!!".
وتزيد" اشترطت المديرة عليّ أن أعمل لديهم ثلاثة أسابيع دون راتب، على أن يتم توقيع عقد عملي، بعد إثبات كفاءتي, وبدأت العمل وطالت فترة عملي بلا راتب لأكثر من شهرين، تفاجأت بعدها أن المدرسة استغنت عن خدماتي، دون سبب واضح".
استغلال مدروس
تشير موظفة مازالت على رأس العمل ـ فضلت عدم ذكر اسمها، إلى أن المدرسة الأهلية التي تعمل فيها حاليا، استغلت توظيف ثلاث فتيات دون راتب أو عقد عمل، متعللين بفترة التجربة والتي يقولون إنها لن تتجاوز أسبوعين، فيعملن في فترات الذروة أثناء الاختبارات أو بداية العام الدراسي، وبعد عودتهن من إجازة نصف العام تعتذر لهن المديرة وتستغني عن خدماتهن دون حتى منحهن عائدا ماديا أو شهادة خبرة، أو سبب مقنع.
وتقول موظفة سابقة "التحقت بالعمل في مدرسة أهلية براتب لا يتجاوز 1200 ريال، وكنت أعمل مرشدة ومعلمة رياض أطفال، وبعد قضاء فترة عمل دامت لفصل دارسي، سنحت لي فرصة عمل في مكان آخر وبراتب أفضل، وعندما تقدمت للمدرسة برغبتي في ترك العمل، رفضوا ذلك مؤكدين لي أنهم سيرفعون راتبي إلى 1800 ريال، وأنني سأستمر معهم للفترة التي أريدها، ولكن بعد انتهاء العام الدراسي، جاءني اتصال ليس من المديرة ولا مشرفة المدارس بل من مالكة المدرسة، تخبرني بالاستغناء عن خدماتي, ولم نأخذ إخلاء الطرف، ولم نسلم بطاقات التأمين أو أرقامها، وخسرت الفرصة السابقة".
من جانبها تقول معلمة تفاجأت بفصلها من العمل في نهاية العام ودون سبب: "كنت أدرس الصف الثالث ثانوي براتب 1900ريال، ورغم أن فرحتي بهذا الراتب لم تدم طويلا، إذ سرعان ما كلفت بتدريس مادة إضافية ومرحلة أخرى، حيث طلبت مني إدارة المدرسة تدريس المرحلة المتوسطة، ما شكل عامل ضغط متواصل طوال العام، ثم فوجئت بالفصل".
المطالبة بالحقوق
وهنا تعود وفاء المري لتؤكد أنه لا يمكن عمل إحصائية دقيقة تكشف تعسف المدارس الأهلية في عملية الفصل، بسبب عدم تقدم أغلب من يقع عليهن الظلم بشكوى للجهات الرسمية، مشيرة إلى أن فصل الموظفة في هذا القطاع دون سابق إنذار أمر مرفوض ولا يمكن أن يتم إلا عن طريق إدارة التعليم لمعرفة الدوافع والأسباب.
وأضافت: "إن الفصل في مثل هذه القضايا هو من اختصاص مكاتب العمل، كما أن الوزارة تمنع تمكين أي موظفة من العمل في المدارس الأهلية دون موافقة الإدارة، وهذا يتطلب الإطلاع على شروط التعيين وتوقيع عقد عمل، وإذا كان هناك فترة تجربة فيجب أن تكون مدفوعة الراتب، وهناك تعليمات صريحة للمدارس الأهلية بعدم الاستفادة من الموظفات دون منحهن أجور".
وأوضحت مديرة إدارة التعليم الأهلي والأجنبي في إدارة التربية والتعليم في المنطقة الشرقية، أن الحد الأدنى للرواتب لم يطبق بعد بالطريقة السليمة، حيث دعت إلى ضرورة إخضاعه للمزيد من الدراسة، وقد تم تشكيل لجنة من قبل الوزارات المعنية لأجل ذلك, مؤكدة أن هناك تعاونا بين إدارة التربية والتعليم وبرنامج الأمير محمد بن فهد لتأهيل الشباب ويتمثل هذا التعاون بالسماح لعدد من خريجات هذا البرنامج بالتدريب الميداني في بعض المدارس الحكومية لتأهيلهن للعمل في المدارس الأهلية.