ضعف سوق العقارات ما زال سيد الموقف في أمريكا

ضعف سوق العقارات ما زال سيد الموقف في أمريكا

طالب بن بيرنانكيه محافظ بنك الاحتياط الفيدرالي الأمريكي بتشديد الرقابة على مؤسستي التمويل العقاري المدعومتين من قبل الدولة في الولايات المتحدة: فريدي ماك, وفاني مي. وقال: إن من المرغوب فيه, بل من الضروري, تقليص حقائب القروض للمؤسستين, لأن النمو السريع خلال السنوات الماضية جعل منهما مصدر خطر للأسواق المالية وللاقتصاد بأكمله. ومما لا شك فيه أن هذه هي أوضح كلمات يتفوه بها حتى الآن حارس العملة الأمريكية في هذا السياق. وحسب تصورات بيرنانكيه فإن فريدي ماك وفاني مي يجب ألا يحصلا على قروض وأوراق مالية مستقبلا إلا ما من شأنه أن يسهل عمليات تملك المساكن.
ومن الواضح أن خطة بيرنانكيه ستؤدي إلى تقليص ملحوظ في مجال عمل المؤسستين اللتين أنشأهما الكونجرس قبل أكثر من ثلاثة عقود وألزمهما قانونيا بالعمل على تشجيع تملك المساكن في الولايات المتحدة. ولهذا الغرض لا تقدم فريدي ماك وفاني مي القروض بصورة مباشرة لشركات بناء المساكن, وإنما تقومان بشراء قروض الرهن العقاري من البنوك التقليدية, وبهذه الطريقة تضعان البنوك في وضعية تمكنها من منح قروض إضافية بشروط أكثر ملاءمة لطالبيها. هذا وتبلغ قيمة حقائب الشركتين مجتمعة نحو 1.5 مليار دولار.ولكن ثلث هذا المبلغ فقط يخصص حاليا لقروض وأوراق مالية بهدف جعل تملك المساكن أمرا متاحا. وعلى الرغم من أن "فريدي ماك" و"فاني مي" تعملان كشركتين ضمن القطاع الخاص ومدرجتان في البورصة، فإن اللاعبين الأساسيين في السوق لا زالوا ينظرون إليهما على أنهما تعملان بضمانات توفرها لهما الدولة. وهو الأمر الذي يمكنهما من الحصول على أموال من أسواق رأس المال بشروط ليست أسوأ من الشروط المتاحة لوزارة المالية نفسها.
في السابق كانت السلطات, الموكل إليها مهمة رعاية مصالح الشركات, وهي مكتب رعاية مشاريع الإسكان الاتحادي, تقوم بتوفير أحدث البيانات المتعلقة بتطور أسعار العقار في الولايات المتحدة. وقد بينت هذه البيانات أن متوسط الارتفاع في الأسعار في نهاية العام الماضي قد تباطأ بشكل واضح. ففي الربع الرابع ارتفعت أسعار تملك الشقق السكنية بالمقارنة مع الربع الثالث بنسبة 1.1 في المائة فقط. أما بالنسبة للسنة بكاملها فتبين أن الأسعار ارتفعت بنسبة 5.9 في المائة وهو ما يقل كثيرا عن السنوات الأربع الماضية : ففي الفترة ما بين 2002 و2005 كانت أسعار المساكن ترتفع سنويا بنسبة 7.4 إلى 13.2 في المائة. ويعلق جيمس لوكهارت, مدير مكتب رعاية مشاريع الإسكان, على ذلك بقوله إن قوة الاقتصاد الأمريكي بشكل عام وانخفاض أسعار الفائدة على القروض حالا في النصف الثاني من العام الماضي دون "هبوط أكثر قسوة في سوق العقار" ومع أن الأسعار شهدت تراجعا حادا في بعض المناطق بين شهري تشرين الأول (أكتوبر) وكانون الأول (ديسمبر) من العام الماضي
ويبدو من المحتمل أن يحدث تراجع آخر في الأسعار بعض النقاط المئوية في ضوء العدد الكبير من البيوت والشقق المعروضة حاليا للبيع. ومن الجدير بالذكر أن نحو 2.75 في المائة من نحو 77 مليون منزل وشقة غير المؤجرة وإنما يسكنها أصحابها كانت في الربع الرابع من السنة الماضية معروضة في السوق للبيع, وهذا يمثل نحو نقطة مئوية أو نحو 750 ألف منزل زيادة عما هو معتاد, كما يقول هاريس.
أما مدى السرعة التي يمكن بها التغلب على هذا الفائض في العرض فلا يعتمد على البائعين فقط وإنما على عدد ما يبنى حاليا من مساكن جديدة. كما أن العدد المتزايد من البيوت المعروضة للبيع في المزادات, بسبب عجز أصحابها عن الوفاء بالتزاماتهم, يمكن أن يشكل لفترة معينة أداة ضاغطة على الأسعار. هذا ومن الممكن أن يؤدي تزايد تردد البنوك في منح القروض إلى عدم إحداث التوازن المطلوب بين العرض والطلب.
ولهذا السبب يتوقع هاريس أن يؤدي ضعف سوق العقار إلى ضعف الاقتصاد ككل. ومن أجل ذلك قد يلجأ بنك الاحتياط الفيدرالي حتى نهاية العام الجاري إلى تخفيض سعر الفائدة الأساس بنقطة مئوية واحدة لكي يصبح 4.25 في المائة. ويتفق ديفيد روزنبيج من بنك ميريل لينتش, أيضا مع هذه الرؤية, حيث يقول : " إن الكساد في السوق الداخلية لم يتجاوز حتى الآن نصف المدة المتوقعة له, ولا تزال النهاية بعيدة حتى الآن حتى مع أخذ سوق العمل بعين الاعتبار".

الأكثر قراءة