إعادة هيكلة صناعة البتروكيماويات لإحداث نقلة نوعية في الصناعات السعودية
إعادة هيكلة صناعة البتروكيماويات لإحداث نقلة نوعية في الصناعات السعودية
تعتبر صناعة الألياف إحدى أهم الصناعات العالمية، إذ إنها تستخدم في صناعة المنسوجات والألبسة. وبلغ إنتاج العالم من هذه الألياف عام 2006م نحو 63.5 مليون طن بزيادة قدرها 3 في المائة على عام 2005م أي بمعدل عشرة كيلو جرامات لكل شخص في العالم.
وتنقسم هذه الألياف بشكل عام إلى نوعين، طبيعي ويشكل القطن أهم مصادره وبلغ إنتاج العالم منه عام 2006م نحو 25.4 مليون طن، وصناعي ويعد البوليستر أهمها على الإطلاق وبلغ إنتاج العالم منه نحو 27.3 مليون طن في العام الماضي، وهناك ألياف صناعية أخرى تم إنتاج ما قيمته سبعة ملايين طن في العام نفسه. وتبين الأرقام أن البوليستر هو أهم الألياف جميعاً بشقيها الطبيعي والصناعي، وقد زاد إنتاجه 6.5 في المائة عن عام 2005م، وهو أكبر نمو تشهده صناعة الألياف بشكل عام. ويبدو أن الاتجاه العالمي في صناعة الألياف يسير في مصلحة الألياف الصناعية، حيث نمت 5.1 في المائة مقابل 1.6 في المائة للألياف الطبيعية بين 2005 و2006م.
ما يهمنا الآن هو الألياف الصناعية، والتي تنتج من الصناعات البتروكيماوية، وتشمل هذه الألياف البوليستر والنايلون والأكريلك وغيرها، ويشكل البوليستر نحو 74 في المائة من مجمل إنتاج الألياف الصناعية عام 2006م. ومن كل الألياف الصناعية نجد أن البوليستر هو لوحده في تنام مستمرـ حيث نما إنتاجه من 25.6 مليون طن عام 2005م إلى 27.3 مليون طن عام 2006، ولم يشهد النايلون أو الأكريلك أو غيره من الألياف الصناعية أي زيادة مهمة في إنتاجه عام 2006م.
الجدير بالذكر أن للبوليستر استخدامات أخرى غير استعماله في صناعة الألبسة والمنسوجات، ويمثل استخدامه في صناعة القوارير الشفافة مثل قوارير المياه الصحية واستعماله في صناعة الصفائح البلاستيكية الرقيقة والأغشية أهم هذه الاستخدامات.
أما بالنسبة لأهم الدول المنتجة للبوليستر، فهي كما هو متوقع الصين، حيث أنتجت لوحدها 57 في المائة من إجمالي الإنتاج العالمي للبوليستر، أي 15.6 مليون طن عام 2006، وهذا يعني أن الصين لديها القدرة لأن تبتلع أي توسع في إنتاج البوليستر في منطقة الخليج العربي، التي لا توجد على خريطة أهم المنتجين لهذه المادة كما يعرض جدول (1)، ويبدو أن الهند بقدرة إنتاجية تقدر بـ 7 في المائة مقبلة بقوة لتدلو بدلوها في هذه الصناعات.
أما على مستوى الشركات العالمية، فتبقى "هوشست"، "دوبونت"، و"أيسمان" أهم ثلاث شركات عالمية لإنتاج البوليستر الخام. أما بالنسبة لألياف البوليستر فجدول (2) يعرض أهم الشركات العالمية لإنتاج البوليستر ومنشأها وكمية إنتاجها عام 2006م. وكما هو مبين في الجدول نجد أن الدول الآسيوية، ممثلة في: الصين، الهند، تايوان، وكوريا الجنوبية، أهم دول العالم قاطبة في إنتاج ألياف البوليستر، حيث تصل حصة الصين إلى 57 في المائة وباقي دول آسيا 28 في المائة من إجمالي الإنتاج العالمي للبوليستر.
أما في المملكة، فكما هو معلوم أن "سابك"، ممثلة في "ابن رشد" هي المنتج الوحيد لهذه المادة المهمة، حيث وصل إنتاج "سابك" لهذه المادة عام 2005م نحو 87 ألف طن (حسب تقرير الشركة لعام 2005م)، أي أن إنتاجنا لا يكاد يذكر مقارنة بالإنتاج العالمي أو حتى بإنتاج الدول الرئيسية، مثل: الصين، كوريا، تايوان، وغيرها.
وفي تقديري أن صعوبة إنتاج مادة البارازيلين (مادة عطرية تعتبر أساس مادة البوليستر) من غاز البترول المسال LPG هو السبب الرئيس لتأخر المملكة عن الإنتاج العالمي للبوليستر. فمثلاً لكي ينتج العالم 27.3 مليون طن من البوليستر في عام 2006م فهو بحاجة لـ 16 مليون طن من مادة البارازيلين. وبلغ مجمل استهلاك العالم لمادة البارازيلين نحو 26 مليون طن في العام نفسه. وأما إنتاج المملكة من البارازيلين فهو قليل جداً وغير مهم (يصل إنتاج شركة ابن رشد في ينبع إلى 350 ألف طن سنوياً من مادة البارازيلين) وذلك لعدم وجود المجمعات العطرية والتي تستخدم النافثا المهذبة لإنتاج مادة البارازيلين وغيرها من المواد العطرية المهمة مثل البنزين العطري.
ويوجد في العالم شركتان رئيستان تمتلكان تقنيات المجمعات العطرية، شركة إكسون موبيل وشركة UOP، وكل لديه ميزاته وعيوبه بحسب اللقيم والمنتج المطلوب. ويجب أن يبقى في الأذهان أن المجمعات العطرية هذه كفيلة بإنتاج مادة البارازيلين التي تعتبر المادة الرئيسية في صناعة البوليستر، حيث تتفاعل مع أحادي إيثيلين الجلايكول MEG، ما يؤدي إلى تكون ما يسمى حامض الترفثيلك الصافي PTA، والذي يستخدم مباشرة في إنتاج البوليستر. إذاً استخدام النافثا هو أمر شديد الأهمية لإنتاج مادة البارازيلين الاستراتيجية. وأعتقد جازماً أن صعوبة الحصول على النافثا في المملكة بأسعار تشجيعية أدى إلى تركيز صناعتنا البتروكيماوية على صناعة البولي إيثيلين والبولي بروبيلين وترك الصناعات البتروكيماوية الأخرى ذات الأصل العطري مثل البوليستر وغيرها لنمور آسيا كما في جدول (2).
ويبقى أن نعلم أن سعر طن البارازيلين وصل إلى حدود 1200 دولار في العام الماضي، بينما وصل سعر طن النافثا مابين 600 و700 دولار للطن، أي أن سعر طن البارازيلين يساوي تقريباً ضعف سعر النافثا أو أقل قليلا، فيبدو منطقياً أن تحول هذه النافثا إلى مواد عطرية تشمل البارازيلين والبنزين العطري.
طبعاً يجب ألا ننسى أن الأسواق العالمية لهذه المواد المهمة متقلبة ولها قوانينها وتتأرجح صعوداً وهبوطا، فمثلاً شهد عام 1995م طفرة في الطلب على مادة البارازيلين، وأعقب ذلك نزول أسعار هذه المادة بعد أن قل الطلب العالمي عليها. إذاً دراسة الأسواق والمشاريع التي ستقام لإنتاج هذه المواد غاية في الأهمية لإنجاح أي خطة من أجل إحداث نقلة نوعية في صناعاتنا البتروكيماوية المستقبلية.
<p align="center"><img title="" height="500" alt="" src="/picarchive/EQT_P81_11032007_ED10003.jpg" width="380"></p>