استمرار الفجوة بين مطالب الشركات ومخرجات التعليم يعوق خفض نسبة البطالة النسائية

استمرار الفجوة بين مطالب الشركات ومخرجات التعليم يعوق خفض نسبة البطالة النسائية

استمرار الفجوة بين مطالب الشركات ومخرجات التعليم يعوق خفض نسبة البطالة النسائية

تنتظر أعداد كبيرة من خريجات الجامعات السعودية أن تساهم الجهود التي تبذلها الدولة وبعض المؤسسات الأخرى، في القضاء على مصطلح "عاطلة" والذي يرافق نحو 90 في المائة من الفتيات السعوديات بعد التخرج، والتي أصبحت أحد هموم وسمات الخريجات، في ظل عدم وجود استراتيجية واضحة ومتكاملة توازن بين احتياجات الشركات الخاصة في سوق العمل وبين القطاع التعليمي الذي يعاني من التشدد في تضييق المجالات المتاحة، والتي لا تحاكي الحقائق على أرض الواقع، مما تسبب في مزاحمة أقرانهن من غير السعوديات اللاتي استحوذن على أكثر من 77 في المائة من الوظائف المتاحة.
هذا ما أكدته لــ "المرأة العاملة" عدد من الأكاديميات والمتخصصات، مطالبات بإيجاد خطوات عملية لمواجهة الأزمة التي تعصف بالمستقبل الأكاديمي والعملي للفتاة السعودية، عبر الانتقال النوعي والفكري للمجتمع في تقبل اقتحام الفتاة السعودية ميادين عمل مختلفة تتناسب مع قدراتها وظروفها الثقافية والاجتماعية، مع ضرورة تشديد الرقابة على الشركات الوطنية لدفعها للمساهمة في احتضان هذه الكوادر الوطنية التي تشكل ثروة اقتصادية قومية.

"المرأة العاملة" تتناول في هذا التقرير الذي تشارك فيه نخبة من المتخصصات تفاصيل المشكلة والطرق الممكنة للقضاء على هذه الفجوة القائمة بين ما تحتاج إليه سوق العمل النسائية وبين ما تقدمه المؤسسات التعليمية في البلاد، فإلى التفاصيل:

مؤشرات "مخيفة"
في البداية تتخوف الدكتورة هيفاء جمل الليل عميدة كلية عفت من نتائج المؤشرات الخطيرة التي تظهرها نتائج الإحصائيات الحديثة من تدني مشاركة المرأة السعودية في سوق العمل النسائية، والتي تقابلها زيادة في أعداد غير السعوديات بنسبة تصل إلى 77 في المائة، ما يعني نقص أعداد السعوديّات المؤهلات وغياب التدريب الفني والمهني للمرأة، علاوة على غياب التخطيط والتنسيق لتوظيف المرأة السعودية، وتهرب بعض المنشآت من توظيف العمالة السعوديّة، كما أثر ضعف التعاون بين القطاعين العام والخاص في إيجاد برامج مشتركة لتدريب الفتاة السعودية وتوظيفها.
وشددت الدكتورة هيفاء جمل الليل على أهمية الدور الذي تلعبه المؤسسات التعليمية في المساهمة بإيجاد فرص وظيفية جديدة للمرأة وذلك من خلال إعادة بنائها التعليمي وعدم الاعتماد فقط على المجالات النظرية, بل الدخول في المجالات العلمية التي تتيح لها التعامل عملياً وعلمياً في مجالات العمل، لافتة إلى المنهجية التي اتخذتها كلية عفت في اختيار تخصصاتها العلمية المناسبة لسوق العمل النسائية في المملكة .
وناشدت الدكتورة هيفاء الجهات التعليمية والتربوية والإعلامية بتقديم دراسات وأبحاث, خاصة في المهن والوظائف التي لم تخضها المرأة السعودية بعد أو التي يقل فيها عدد العاملات من النساء, مثل الهندسة وعلوم الحاسب الآلي وغيرهما من التخصصات العملية.

التوظيف والنجاح الاقتصادي
فيما تعد الاستشارية المتخصصة لمى الغلاييني، تمكين المرأة عبر خلق فرص وظيفية جديدة في سوق العمل، لا يقف عند حدود معالجة البطالة, بل يمثل قوة النشاط الاقتصادي للوطن، حيث إن إضافة مؤشر جديد للاقتصاد الوطني في القدرة على خلق فرص وظيفية جديدة يعد معيارا ً رئيسياً لقياس فشل النشاط الاقتصادي ونجاحه، في ظل الحاجة إلى وجود فرص وظيفية متنوعة بعد فترة طويلة من محدودية الفرص المحصور معظمها في القطاعين التعليمي والصحي، والتي عانت في البداية من رفض المجتمع على الرغم من نبل رسالتها الإنسانية.
وزادت" لذلك كان لا بد من ضرورة التثقيف الاجتماعي بتوسيع خيارات وظائف المرأة وكسر النمطية بنوعية الوظائف، كما علينا بألا نغفل الحاجة إلى صياغة موقف معلن من علماء الدين نحو عمل المرأة وحقها في كسب العيش وكيفية مواجهتها للعوز بأساليب واقعية وليست مثالية، ولعل في الاختلاف في بعض فتاوى العلماء تسبب في تأخير تنظيم عمل المرأة والفرص المتاحة أمامها في المجتمع، وأهمية تشجيع ودراسة العوائق التي تقف في طريق مساهمة المرأة في المجتمع".
لافتة إلى دور الإعلام في تنظيم الحملات الإعلامية الموجهة إلى أفراد المجتمع لتصحيح المفاهيم الاجتماعية الخاطئة التي تحول دون مساهمة المرأة السعودية في سوق العمل، من خلال إزالة الخلط بين بعض العادات والتقاليد والمفهوم الصحيح للدين الإسلامي.
وطالبت الغلاييني بتفاعل أصحاب الأعمال في القطاع الخاص مع استقطاب العنصر النسائي السعودي، مبينة أن الدراسات المحلية تشير إلى أن 80 في المائة من أصحاب الشركات في القطاع الخاص، يعتقدون أن معظم التخصصات الجامعية في الجامعات السعودية لا تتماشى مع الاحتياجات الفعلية لسوق العمل، فيما فريق آخر لا يثق بمخرجات التعليم المحلية ولا بالكفاءات الوظيفية النسائية المتاحة، الأمر الذي ساهم في ارتفاع معدلات البطالة بين الخريجات.
وأضافت"قُدّرت أعداد الخرّيجات خلال السنوات الخمس الماضية بنحو 146 ألف خرّيجة بنسبة 53 في المائة من الإجمالي الكلي من خريجي وخريجات الجامعة، ومع ذلك نجد أنّ نسبة الإناث السعوديات في سوق العمل نحو 5.8 في المائة من إجمالي قوة العمل على الرغم من أنّ المرأة تمثل نصف عدد السكان السعوديين، كما أننا نعاني نقصا كبيرا في توفير البيانات الدقيقة لفرص العمل المتاحة للعمالة النسائية والتخصصات والوظائف الشاغرة، وفي وجود دراسات سنوية لتقييم مساهمة خريجي الجامعات في سوق العمل وإعداد مزيد من البحوث والدراسات حول انعكاس عمل المرأة على المجالين الأسري والاجتماعي".
وتشير الغلاييني إلى أن مركز ODEC يعكف على إجراء دراسة لاستطلاع اتجاهات الشباب السعودي نحو المرأة العاملة.
تجارب عالمية

من جهتها استعرضت نائلة عطار عضو في الجمعية السعودية للإدارة التجارب العالمية، European Commission والتي تتطالب استراتيجيتها الدول الأعضاء ببناء سياسات التوظيف لديها، والتأكد من أن كل أفراد المجتمع لديهم القدرة على تطوير المهارات المناسبة التي تمكنهم من الحصول على الفرص الوظيفية المتاحة، ويقتضي ذلك توفير الفرصة الكاملة لكل فرد من حيث الوصول إلى الوظائف المعروضة، واكتساب الخبرة العملية والتدريب، وإعطاء تسهيلات للأفراد لإقامة المشروعات وإدارتها وتوظيف أفراد آخرين فيها، وتوفير التدريب لأصحاب المنشآت الصغيرة، وتطوير أساليب جديدة تمكن من تحقيق التوافق بين الأمن الوظيفي، وحركة العمالة، والمساواة في فرص العمل، ووضع طرق المعاملة في مواقع العمل بين الرجال والنساء، إضافة إلى دعم التوظيف بالصناديق المالية لتحقيق الغرض.
وأشارت العطار إلى أن أبرز المهن التي تتمكن المرأة من تحقيق النجاح فيها وتساهم في الحد من بطالتها يتركز في قطاع التعليم والتدريب، منها مصممات برامج تدريبية، وخدمات تثقيف الأمهات الجدد (حوامل، رعاية طفل، أسرة)، حاضنة أطفال منزلية، مرافقة مسنات، فتح قرى أطفال للأيتام، مدربات إسعافات أولية، مدربات سباحة وإنقاذ ورياضة، إضافة إلى القطاعات الصحية المتنوعة.
وزادت" كما أن هناك مجالات عمل واسعة للمرأة في قطاع التقنية والهندسة والحاسب وهندسة الشبكات، ومجالات النفط والجيولوجيا والتعدين والكهرباء، وكذلك الديكور، البيئة، الهندسة المدينة، صيانة أجهزة فنية، سباكة، إخصائية بيئة".

الأكثر قراءة