سوق العباءات.. سيطرة رجالية مقابل غياب غير مبرر للاستثمارات النسائية

سوق العباءات.. سيطرة رجالية مقابل غياب غير مبرر للاستثمارات النسائية

تأخر دخول المرأة السعودية في سوق الاستثمار في العباءة النسائية وما زالت مشاركتها محدودة مقارنة بالرجال الذين احتكروا هذه المهنة لعقود وما زالوا مسيطرين على معظم سوق الاستثمار في هذا المجال، حيث بلغ عدد المنشآت النسائية المتخصصة في بيع العباءات التي تعود ملكيتها لسيدات إلى 24 محلا مقارنة بنحو 179 محلا في مدينة الرياض، بحسب إحصاءات الغرفة التجارية الصناعية في الرياض, ورغم ضعف حجم مشاركة المرأة في تجارة العباءات إلا أنها استطاعت أن تترك بصمه مميزة وتنافس الرجل فلم يقتصر دخولها للسوق كمستثمرة فقط, حيث ظهرت في السنوات الأخيرة عدد من المصممات السعوديات اللاتي حققن شهرة واسعة في أنحاء المملكة كافة وبعض دول الخليج.
من جانب آخر مازالت المملكة تستورد العباءات من دول عربية وأجنبية لتغطية الطلب المتزايد على العباءات رغم وجود مصانع ومعامل لخياطة العباءات, حيث أظهرت نتائج الإحصاءات التي أجرتها وزارة التخطيط أن حجم الواردات من العباءات النسائية لعام 2006 وصل إلى نحو ستة ملايين ريال بينما لم يتجاوز حجم الواردات 600 ألف في عام 2003، أي أن حجم الواردات من العباءات النسائية تضاعف بشكل كبير في السنوات الثلاث الأخيرة، وتعتبر الهند ومصر والإمارات العربية المتحدة أكثر الدول التي يتم استيراد العباءات منها.

الأسواق المؤقتة

وحول هذا الموضوع ذكرت هناء القضيب إحدى المستثمرات في سوق العباءات أنها دخلت مجال الاستثمار في إنتاج العباءات النسائية قبل نحو سبع سنوات وكانت بدايتها في محل نسائي لتصميم وخياطة العباءات, مشيرة إلى أنها لاقت استحسان الكثير من السيدات اللاتي أبدين استحسانهن لفكرة المحل النسائي المتخصص.
من جانبها ذكرت ميرفت الجهني أنها دخلت سوق تصميم العباءات لأنها لاحظت أن الرجال يسيطرون على السوق ويعتمدون على المصممين الأجانب الذين يهدفون للربح فقط، لذلك كانت العباءات ـ وفق قولها ـ نسخا مكررة, وقالت" كانت بداياتي بالاشتراك في الأسواق المؤقتة التي تقيمها الجمعيات النسائية، وبالفعل ساعدني اشتراكي في تلك الأسواق المؤقتة على تكوين قاعدة من الزبائن وأصبح اسمي معروفا لدى الكثير".
أما غادة الصيرفي صاحبة محلات " سكريم " فتقول عن تجربتها التي ابتدأت منذ نحو تسع سنوات إنها كانت بداية بسيطة حيث بدأت بتصميم العباءات وعرضها في منزلها إضافة إلى المشاركة في الأسواق النسائية المؤقتة, حيث استمرت في تسويق تصاميمها بهذه الطريقة لمدة خمس سنوات بعدها افتتحت أول محل لي في مدينة جدة، وحاليا افتتحت فرعين آخرين, وتضيف " أنوي أن افتتح فروعا أخرى في مدينة الرياض"، مشيرة إلى أنها ما زالت تشارك في الأسواق المؤقتة التي تقام في الرياض التي أسهمت بشكل كبير في انتشارها.

عوائق نحو الاستثمار

التأشيرات
تقول غادة إن استخراج تأشيرات استقدام العاملات يشكل أكبر مشكلة تعوقها عن تطوير عملها والتوسع فيه, مشيرة إلى أنها حاليا تملك ثلاثة محلات وأن حجم مبيعاتها زاد مما دفعها لاستئجار فيلا، لتكون معملا مستقلا لخياطة العباءات ولكن عندما تقدمت بطلب عشر تأشيرات من مكتب العمل وتم رفض طلبها.
وتضيف" لم أمنح سوى تأشيرة استقدام واحدة فقط، مع العلم أن العمل يتطلب وجود أكثر من خياطة وخبيرة في التطريز، ما اضطرني إلى أن اشتري التأشيرات من بعض الأشخاص بأضعاف قيمتها حيث وصلت قيمة التأشيرة الواحدة إلى 12 ألف ريال, مع أن الأمر فيه مغامرة فواحدة من الخياطات التي استقدمتها ودفعت مبلغ 12 ألف مقابل تأشيرتها رفضت العمل فاضطررت إلى تسفيرها وبالتالي خسرت المبلغ الذي دفعته".

حقوق الملكية

فيما ترى ميرفت أن سرقة التصاميم إحدى كبرى المشكلات التي تواجهها, فتقول "لأني أشارك في العديد من الأسواق المؤقتة التي يحضرها الكثير من السيدات أفاجأ بأن تصاميمي تنتشر في الكثير من المحلات, إضافة إلى صعوبة خياطة العباءات في المشاغل النسائية، أو لدى الخياطين لأنها تحتاج إلى أنواع معينة من المكائن، مما اضطرنا إلى التعامل مع أحد المصانع لنضمن جودة الخياطة".
وزادت" كما أن عدم توافر كوادر وطنية مدربة بشكل جيد على الخياطة جعلنا نعتمد على العمالة الوافدة في الخياطة والتطريز كذلك, مشيرة إلى أن تعاملها مع الفتيات السعودية اقتصر على التعاون مع بعض الرسامات السعوديات في فترة رواج موضة الرسم على الطرح والعباءات النسائية".

المنافسة مع الرجل

يلاحظ تدني حجم استثمار المرأة في مجال العباءات النسائية بالمقارنة مع الرجل، وترجع الصيرفي أسباب هذه الظاهرة إلى أن المحلات النسائية تنتشر بصورة أقل من تلك التي يعمل فيها الرجال في معظم الأسواق التجارية, مشيرة إلى أنها رغم معرفتها بذلك ، إلا أنها لا تنوي افتتاح محل يبيع فيه رجال،إذ تفضل المحلات النسائية لتتمكن من إدارتها ومتابعتها بسهولة.
من جانبه أكد مدير إحدى كبريات الشركات المستثمرة في سوق العباءات والتي تمتد خبرتها لأكثر من 50 عاما, أن الشركات التي يمتلكها الرجال تسيطر بصورة واضحة على تجارة العباءات، موضحاً أن السيدات لم يصلن بعد إلى مستوى المنافسة لان حجم استثماراتهم ضعيف، كما أن أعداد المستثمرات في هذا المجال قليل جداً مقارنة بالرجال.
وزاد" أن المنافسة في هذه السوق هي بين شركات بارزة يحتكرها الرجال, ويبلغ حجم استثمارات شركته في سوق العباءات بنحو 20 مليونا في العام الواحد, مؤكدا أن العباءة السعودية استطاعت أن تجذب عملاء من الأسواق الخليجية".

التلاعب في الأسعار

نفت جميع المشاركات في التقرير هذه المقولة موضحين أن أسعار بضائعهم يختلف بحسب الخامة المستخدمة والإكسسوارت والتطريز الذي يضاف للعباءة, مؤكدين أنهن يحاولن إرضاء جميع شرائح المجتمع المختلفة بتصميم عباءات بأسعار متفاوتة تبدأ من 300 وحتى ثلاثة آلاف ريال, مشيرين إلى أن المحال الرجالية تبيع العباءات بأسعار مرتفعة كذلك، ولكن هناك فكرة سلبية عن أي محل تديره نساء سواء للعباءات أو غيره منتشرة بين شريحة كبيرة من الناس، مفادها أن المراة تبيع بسعر أغلى، ولكنها غير صحيحة ـ على قولهن.

تصاميم العباءات

يلاحظ أن شكل العباءة اختلف كثيرا في السنوات الأخيرة وأصبح هنالك تنوع في الموديلات والقصات وكذلك أنواع التطريز والإكسسوارت التي تضاف للعباءة, حول هذه الموضوع أوضحت الجهني أن الموديلات تختلف على حسب طلب الزبائن ولكنها لا تعرف مصدرها بالضبط, مشيرة إلى أنها سبق أن ابتكرت نوعا من التطريز وفوجئت بانتشاره بشكل كبير في العديد من المحلات.
فيما ترى القضيب أن قصات العباءة تتأثر بشكل كبير بخطوط الموضة العالمية لكنها ترى أن التصميم الكلاسيكي للعباءة هو الأفضل لأن العباءة لها ميزات خاصة تختلف عن قطعة ملابس أخرى.
أما الصيرفي فتقول إن القصات تنتشر حسب الذوق العام كأي سلعة أخرى موضحة أن موديلات العباءات تختلف من منطقة لأخرى فمثلا العباءات التي تناسب السيدات في جدة ليست نفسها التي تفضلها السيدات في الرياض مثلاً وهكذا لك منطقة ذوق خاص فيها, لذلك أحاول في تصاميمي أن أرضي جميع الأذواق مضيفة أن مناسبة لبس العباءة أيضاً تفرض نوع التصميم فمثلا عباءة السهرة تختلف عن عباءة العمل وهكذا.

الأكثر قراءة