توزيع الدخل على أفراد الأسرة تقليد فرنسي عريق
يعتبر تقسيم الدخل على أفراد الأسرة تقليدا قديما في فرنسا وقد تم اعتماد هذا التقليد بموجب قانون صدر منذ عام 1945. وبموجب هذا القانون يتم تقسيم الدخل أساسا على عدد أفراد الأسرة لتحديد الدخل الخاضع للضريبة. وقد لعب هذا الإجراء الضريبي في أعقاب الحرب مباشرة دور المحفز على إنجاب الأطفال، وقد بقي الأمر على هذا الحال حتى اليوم. ومن الجدير بالذكر أن قابلية ضريبة الدخل للقسمة تشكل أحد أعمدة السياسة الفرنسية في مجال الأسرة، التي تجري الإشادة بالنجاحات التي أحرزتها في مجال الزيادة السكانية المستمرة منذ التسعينيات من القرن الماضي. وفي هذا يقول هنري شتيردينياك الاقتصادي الفرنسي في مؤسسة دراسات الدورة الاقتصادية الفرنسية في باريس : " ثمة توافق عريض حول مبدأ تقسيم الدخل بين أفراد الأسرة، فحتى في المعارك الانتخابية حاليا لا تجد من يشكك جديا في هذه المسألة . "
وكلما كانت الأسرة أكبر كلما كان تخفيض ضريبة الدخل في فرنسا أكثر جاذبية. إن كلا من الأب والأم تحسب له حصة واحد صحيح، بينما يحسب لكل من الطفل الأول والثاني نصف حصة. وابتداء من الطفل الثالث يحصل الواحد مرة ثانية على واحد صحيح. وفي حالة أسرة بأربعة أبناء يمكن تقسيم الدخل على خمسة ما تكون المحصلة في النهاية أن يكون الدخل الخاضع للضريبة أقل بوضوح. ومن البديهي أن يستفيد ذوو الدخول المرتفعة أكثر من ذوي الدخول المنخفضة من هذه الترتيبات الضريبية. ولهذا وضع الاشتراكيون عام 1982 سقفا للامتيازات الضريبية من شأنه أن يطول الدخول الشهرية التي تبدأ من نحو 7700 يورو فما فوق، وهو ما يساوي عمليا ثلاثة أضعاف متوسط دخل العامل العادي. هذا ويرتفع السقف كلما زاد عدد الأطفال، ففي أسرة بأربعة أبناء لا يجوز أن يتجاوز التخفيض الضريبي مبلغ 6750 يورو سنويا بالمقارنة مع أسرة لا أطفال لديها.
وبالإضافة لتقسيم الدخل يجري في فرنسا دفع علاوات للأطفال بأشكال مختلفة. فالتجهيز الأساسي تحصل عليه جميع الأسر، لكن ما تحصل عليه الأسر ذات الدخل المتدني أو الأسر التي تعيلها أم لوحدها أو أب لوحده تحصل على أكثر مما يحصل عليه الآخرون. ويذكر في هذا الصدد أن رئيس الوزراء الاشتراكي ليونيل جوسبان أراد عام 1997 أن يلغي علاوة الأطفال للأسر الثرية، لكنه لم يلبث أن سحب مبادرته تلك عندما قامت المظاهرات احتجاجا على ذلك غير أنه خفض الفوائد الناجمة عن تقسيم الدخل بنحو الثلث. وبعد ذلك بأربع سنوات عاد فرفع الحد الأعلى بنسبة 14 في المائة. ومنذ ذلك الوقت يجري زيادة السقف تناغما مع إيقاع التضخم.
ووفقا لمعلومات شتيردينياك فإن تقسيم الدخل يكلف الدولة سنويا نحو عشرة مليارات يورو على شكل فاقد ضريبي. ومع ذلك فإن الأشكال المختلفة لعلاوات الأطفال أكثر تكلفة من ذلك فهي تقدر بما لا يقل عن 28 مليار يورو.