بطالة "مقنعة" تغزو الأقسام النسائية و"الواسطة" وراء انتشارها
بطالة "مقنعة" تغزو الأقسام النسائية و"الواسطة" وراء انتشارها
أكدت لـ"المرأة العاملة" موظفات في عدد من الأقسام النسائية في الدوائر الحكومية وبعض المدارس و الجامعات، تزايد تعيين فتيات لا عمل محدد أو رئيسي لهن يقمن به، بحيث أصبحت بعض الأقسام متكدسة بالموظفات اللاتي ليس لهن أي دور في عملية الإنتاج في هذه المنشآت، وهو ما يطلق عليه اقتصاديا "البطالة المقنعة "، مبينات أن ذلك يتسبب في كثير من الأحيان في حدوث مشكلات عديدة أهمها توتر أجواء العمل والضغط المكاني والنفسي، إلى جانب نشر الكسل وقلة الإنتاجية بين النساء العاملات.
البطالة المقنعة
تعرِّف الاقتصادية شيخة الشتري محاضرة في جامعة الملك سعود وعضو جمعية الاقتصاد السعودية، البطالة المقنعة، بأنها العاملات اللواتي يعملن اسما لا فعلا ويقبضن أجورا ورواتب دون أي إنتاجية فعلية ويتكدسن في المنشآت والمؤسسات الحكومية وبعض مؤسسات القطاع الخاص، دون أن تقتضي الضرورة الاقتصادية وجودهن.
وتضيف "إن هذه النوعية هي عمالة فائضة لا حاجة إليها ولا تنتج شيئا ويمكن أن يسير العمل بدونها, حيث إذا سحبت هذه العمالة لن يتأثر حجم الإنتاج وهي موجودة في القطاعات الحكومية بشكل أكبر"، مبينة أن من أهم أسباب وجود بطالة مقنعة بين الفتيات هي التعيينات التي تتم بشكل عشوائي وبدون دراسة لحاجة تلك المؤسسات إلى هؤلاء الموظفات، إذ إن البطالة المقنعة مشكلة كبيرة جدا للقطاع العام في حال تزايدها.
دور الواسطة
وترى الشتري أن الواسطة تلعب دورا كبيرا في نشر البطالة المقنعة في صفوف العاملات حيث يضطر رب العمل إلى تعيين فتيات وخاصة في الأقسام الإدارية لا حاجة إليهن لمجاملة الغير، مشيرة إلى أن من أمثلة البطالة المقنعة في الأقسام النسائية المراقبات والإداريات في الجامعات، حيث يتم تعيين عدد كبير لا يستهان به في الوقت الذي لا يوجد لهن عمل محدد طوال العام سوى في فترة قصيرة من السنة.
مصدر للإزعاج والقلق
من جهتها قالت نجلاء الهزاع موظفة في دائرة حكومية: نعاني كثيرا من تكدس في عدد الموظفات في القسم الواحد حتى فاق عدد المكاتب في الغرفة الواحدة أكثر من خمس موظفات، بعضهن لا يقمن بأدوار معروفة، مبينة أن الكثيرات لا يجدن ما يقمن به سوى تصفح الجرائد وزيارة المكاتب الأخرى حتى أصبحن يشكلن مصدر إزعاج وقلق للموظفات اللواتي يؤدين أعمالهن.
وعللت الهزاع أسباب ذلك إلى ضعف التنسيق بين الأقسام وعدم تلبية حاجات الأقسام الحقيقية من المؤهلات, إضافة إلى دور الواسطة التي تسهم في تعيين موظفات لا يحملن سوى المؤهلات الثانوية في وظائف عالية ومتخصصة، كان يجب شغلها بجامعيات، وفي هذه الحالة لا تؤدي الموظفة عملها وتعتمد على غيرها ممن في قسمها ليتراكم العمل على موظفة أو اثنتين في حين أن هناك عددا لا يستهان به لا يوجد لهن عمل فعلي.
جامعية تبيع بالمقصف
مفيدة الخلف خريجة كلية الاقتصاد المنزلي موظفة في أحد مقاصف المدارس الحكومية في الرياض تقول "أنا أعمل دون أن أعمل "وتفسر ذلك بالقول" كنت أعمل معلمة تدبير منزلي في إحدى القرى وسعيت كثيرا من خلال أقاربي للنقل إلى مدرسة قريبة بعد سنة من تعييني، وعينت في مدرسة للمرحلة المتوسطة في الرياض وفوجئت بأن المدرسة ليست في حاجة إلي لاكتفاء المدرسة من معلمات التدبير المنزلي، إلا أن الصدمة كانت أن قامت مديرة المدرسة التي لم يعجبها وجودي المستمر في غرفة المعلمات بإرسالي للعمل في مقصف المدرسة للبيع والإشراف على البائعات".
وتتابع الخلف" أجبرت نفسي على تحمل هذا الوضع حتى أبقى قريبة من بيتي إلى أن قررت أن أصنع عملا مفيدا للمدرسة بدلا من جلوسي في المقصف، فتوليت إعداد المعارض الدورية، كما سعيت إلى تفعيل إعداد الأطباق الخيرية والبازارات، وتجهيز المطبخ المدرسي بجميع الأدوات والمعدات، كما خصصت مسابقة أسبوعية في الإذاعة وأخرى شهرية وفصلية للحياكة والرسم حتى نلت إعجاب إدارتي والمشرفات التربويات"، مشيرة إلى أن جهدها هذا تكلل بالنجاح حيث تسلمت مكان زميلة لها نقلت إلى مدرسة أخرى.
تشويه قوة العمل
وتعود الاقتصادية شيخة الشتري لتوضح الآثار السلبية للبطالة المقنعة قائلة "البطالة المقنعة تؤثر في الإنتاج وتخفض منه وتستنزف الرواتب دون وجه حق وهي أكبر سلبية تواجه المنشآت، إلى جانب أنها تتسبب في تشويه قوة العمل متى ما تعود العاملون على عدم العمل والاكتفاء بالكسل، وهو ما يؤثر بالسلب في العاملات المنتجات في محيط عملهن.
وتقترح الشتري على اللاتي لا يجدن ما يقمن به أن يخلقن عملا لهن حتى يصبحن فاعلات لا تستغني عنهن المؤسسات وذلك من خلال تطوير قدراتهن وتعلم أعمال زميلاتهن ومساعدتهن ومحاولة البحث عن أي أعمال يمكنهن القيام بها.
مطالبة بإجراء مسح كامل للوظائف في الأقسام النسائية من جهات العمل المختلفة ومؤسسات التوظيف وإعادة تقييم الوظائف من جديد، مضيفة أن فصل العاملات اللواتي لا عمل لهن ليس بالحل السليم بل يجب إعادة تدريبهن في أقسام الصيانة، الكمبيوتر، الإنترنت، إعداد البيانات، وإيجاد عمل لهن حتى لا نزيد من البطالة الحقيقية, وفي الوقت ذاته لا تصبح الموظفة مجرد عالة على المنشأة وتقتل مواهبها وإبداعها بالفراغ.