الرياض: لأول مرة .. فنانون أوروبيون يحكمون مسابقة السفير التشكيلية

الرياض: لأول مرة .. فنانون أوروبيون يحكمون مسابقة السفير التشكيلية

تعد الفنون التشكيلية بمختلف فروعها وتنوع مدارسها جزءا من المشهد الثقافي للشعوب، ومن أكثر الفنون ارتباطا بتطور الإنسان والمجتمع، وتعبر عن واقع تعيشه تلك المجتمعات تصور حياتها وتنقل واقعها وتعكس تطورها، فهي لغة تختار مفرداتها من البيئة بشمولية الكون واتساعه، وتسعى لبناء ملامح الزمن بشكل جمالي لتفتح آفاقا جديدة برؤية بصرية وحسية تنطلق من المخزون المعرفي والفلسفي لدى الفنان، وتحولها إلى معان تحمل معها فكرا وموضوعا ومنهجا ورسالة، تعجز الكلمات عن شرح الكثير من واقع الحياة وتحتاج إلى الوقت للقراءة والفهم والتدبر بينما اللوحة التشكيلية تقدم ذلك للمتلقي بصورة أسرع وزمن أقل بعيدا عن لغته التي يتحدث بها وتعطيه مجالا لفهم اللوحة أكثر من صاحب العمل نفسه من خلال تلك الخطوط والألوان والمساحات فهو يفهمها ويترجمها حسب حالته ورؤيته.
هذه الرؤية وهذا التصور أحد أهداف مسابقة السفير في دورتها الثانية التي ستقام في 15 من ربيع الأول على صالة مركز الملك فهد الثقافي، إضافة إلى ذلك إيصال الفن التشكيلي السعودي إلى العالمية من خلال تجميل سفارات خادم الحرمين الشريفين بالأعمال المختارة وكذلك عرضها في المعارض الرسمية التي تقام ضمن فعاليات وأنشطة السفارات والملحقيات.
تحمل هذه المسابقة الكثير من التطوير والتجديد الذي يسعى من خلاله المنظمون لإعطاء الفن التشكيلي القيمة والمكانة التي يستحقها، وكذلك نشر اللوحة التشكيلية كنص بصري بمدلول ثقافي، فالجوائز القيمة المرصودة للفائزين التي تجاوزت قيمتها100 ألف دولار تعد إحدى الوسائل المهمة لبث الحماس والتنافس بين الفنانين وأسلوبا رائعا يدعو للتجديد والابتكار والبعد عن النمطية السائدة وبخاصة أن المحكمين للأعمال سيكونون أصحاب خبرة وتجربة تشكيلية عالمية ولهم باع طويل في هذا المجال وهم مطلعون على الكثير من الفنون الحديثة والمذاهب المتجددة. فلجنة التحكيم ستكون مغايرة لما عهدته الساحة التشكيلية، فهم من دول أوروبية وهذا بلا شك يرفع من مكانة المسابقة ويعلي من شأنها ويدفع الفنانين للبحث والعمل الجاد ويخرج الحركة التشكيلية من وسط الدائرة المغلقة التي طال عليها الزمن وأحكمت مخارجها على من بداخلها ليبقوا ضمن الحدود والأطر التي لا تساعد على الخروج عن المألوف ولا تتفاعل مع الوجود العالمي. ومن الجديد في هذه المسابقة الذين يهدف إلى تشجيع الجمهور للاطلاع على الأعمال الفنية والتفاعل معها سعيا للرقي بالذائقة الفنية لدى المتلقي حيث رصدت قرابة 100 ألف ريال لعشرة من الجمهور الذي يقومون بالتصويت على اللوحات من خلال موقع الجائزة الذي أصبح اليوم مركزا وقاعدة بيانات لـ 709 من الفنانين والفنانات يمكن الاستفادة منه والتواصل معهم عبر التقنيات الحديثة وهذا من أهداف الجائزة غير المباشرة، أكثر من ألف عمل قدمها المتسابقون تنوعت بين فروع المسابقة وهي الفن الحديث والواقعي والكولاج.
تأتي هذه المسابقة في وقت تشهد فيه الساحة التشكيلية حراكا فنيا وسعيا استكشافيا للكثير من المتغيرات، في ظل نقص واضح للفعاليات التي ترضي المبدعين وتتيح لهم البقاء والتعبير مما يجعل البيئة التشكيلية تتطلع إلى آفاق جديدة ومناخات تهيئ وتجدد في آليات العمل والحوار. للفنان السعودي من الإمكانات والطاقات ما يؤهله للمنافسة الدولية والذين ساعدتهم ظروفهم بالعمل خارج الدولة أو التواصل مع المتاحف العالمية والصالات المتخصصة في العديد من الدول الغربية يجدون حضورا واضحا للعمل السعودي وإن كان قليلا فهو كثير مقارنة بعدد الفنانين الذين خاضوا تجارب مع الدول الأخرى.
الفترة الماضية التي عاشتها الحركة التشكيلية تختلف كثيرا عن الواقع الحالي، فالإيمان بالمستقبل يحتاج إلى مراجعة التوجهات والأفكار والأساليب لكي تتواكب مع الحدث ولتعطي مجالا ليعبر الفنانون عن حماسهم وفلسفتهم تجاه الفن ضمن زمن غير مستقر ليمارس المبدع دوره وموهبته وإبداعه ليقرب بين الثقافات ضمن المسؤولية الثقافية.

الأكثر قراءة