سحر العلامة التجارية: التسويق على طريقة هاري بوتر
كثيراً ما يكون المدير المسؤول عن الترويج لعلامة تجارية ما من الفئة المتقدمة نسبياً في السن، والخبيرة على وجه العموم في الفروق بين الفئات العمرية. وهذا أمر طبيعي، حيث إنه مهما اختلفت العلامات التجارية، ومهما تعددت وسائل ترويجها، فإن من المتفق عليه أن استهداف الشرائح العمرية المختلفة يظل عاملاً رئيسياً في جهود فرق التسويق.
ونتناول هنا الحالة الخاصة بمنتجات شركة إينوف التي تنتج مستحضرات تجميلية غذائية، حيث تتوزع ملكيتها بين شركة لورييل، وشركة نستله. والمنتج الرئيسي لهذه الشركة هو من مواد الدعم الغذائي، واسمه Firmness. ويستهدف النساء بين 45 – 55 عاما. وإن أكثر ما يقلق مديري ترويج هذه العلامة التجارية، هو أن من يبلغن سناً فوق الـ 55، يعتقدن أن هذا المنتج لم يعد يناسبهن. كما أن هناك قلقاً كبيراً إزاء فئات النساء العمرية التي لم تصل بعد سن الـ 45.
غير أن معظم المنتجات، شأنها شأن هذا المنتج، تستهدف فئات عمرية معينة، سواء بصورة مباشرة أم غير مباشرة من خلال اختيار عدد ٍ معين ٍ من وسائل الإعلام للترويج له. ولا بد للشركة من ابتداع أسماء وعلامات ٍ تجارية ٍ جديدة لخدمة الزبائن خارج الشرائح العمرية المستهدفة في منتجاتها القائمة.
وبما أن زبائن الشركات يتقدمون في السن، فإنه لا بد لإدارات التسويق فيها من تعويضهم بفئات عمرية أصغر. ويفترض بها كذلك العمل على تشجيع الزبائن القدامى على استخدام منتجات جديدة يتم تطويرها باستمرار لتناسب الفئات العمرية المختلفة، بحيث يظل الهدف الدائم متمثلاً في التفوق على الجهات المنافسة الموجودة في الأسواق.
إن المشكلة الرئيسية في هذا الأسلوب التسويقي هو أنه يعمل على تشجيع تناقص ولاء الزبائن لمنتجات الشركة. ومن المعروف أن تكلفة الاحتفاظ بالزبائن الموجودين بالفعل تقل كثيراً عن محاولة جلب المزيد من الزبائن . وفي سبيل التغلب على هذه المشكلة، فإننا نقترح على الشركات، مثل لورييل، أسلوبا تسويقياً جديداً. وبدلاً من طرح منتجات يمكن أن يتخطاها الزبائن من خلال التقدم في السن، أو أخرى ينتظر الزبائن استخدامها حين يبلغون السن المناسبة، فإننا نرى أن يتم إنتاج منتجات تتركز حول جماعات معينة من الزبائن، حيث تتطور تلك العلامات التجارية مع تقدم تلك الفئات في السن. ويجب أن يكون الهدف هو تلبية حاجات تلك الجماعات في أي وقت. ونحن نطلق على هذا الأسلوب، طريقة "هاري بوتر في التسويق"، وذلك تشبهاً بالتلميذ الذي ينمو مع نمو قرّائه.
كيف يمكن أن يبدو ذلك على الصعيد العملي؟. دعونا نفترض أنه بدلاً من استهداف النساء الفرنسيات عموماً، فإن شركة لورييل طرحت منتجاً يستهدف النساء بين 55 – 65 عاما. ونظراً لأن هذا الجمهور المستهدف لن يتغير عبر الزمن، فإنه سيكون بإمكان الشركة إدارة مسألة ولاء الزبائن من خلال الاستجابة للتفضيلات الحقيقية لزبائنها، بدلاً من محاولة بيعهم تفضيلات تم تصميمها مسبقاً.
ومن شأن هذا الأسلوب العملي أن يضمن الارتباط العاطفي بين الجمهور المستهدف والعلامة التجارية. وتتأثر بهذا الأسلوب جوانب عديدة من المزيج التسويقي، حيث تتغير مكونات المنتج بصورة مرنة تمشياً مع تقدم الزبائن في السن. ويمكن أن تستمر الشركة في توظيف وجوه المشاهير ذاتها في الترويج لمنتج تجميلي معين، كما تفعل إحدى الشركات الفرنسية باستمرار إسناد مهمة ترويج عدد ٍ من منتجاتها إلى الممثلة الفرنسية كارول بوكيه، أو إلى أسطورة الموضة إينيه دولافرسانج. والمقصود هنا أن تكون هناك مرونة في رسالتها الخاصة بترويج منتج ٍ ما عبر مرور الوقت.
وحين يصل معظم الزبائن المستهدفين إلى سن الـ 55، فإنه لا بد من تطوير منتج ٍ يعمل بصورة شاملة على العناية بالجلد. ولا بد كذلك لجهات التسويق من مراعاة تغير عادات الجمهور المستهدف فيما يتعلق بأساليب وأماكن الشراء. وحين تبلغ نسبة عالية من الزبائن سن الـ 65، فإن من مصلحة شركة لورييل تقديم عروض خاصة في صالونات التجميل، لأن هذه الفئة العمرية تقضي أوقاتاً طويلة في تلك الأماكن.
وقد يتعرض منتج ما إلى حالة أقرب إلى التوقف أو الموت. ويمثل ذلك كارثة كبرى بالنسبة لمديري التسويق. غير أن الشركة الواعية لذلك، تكون أعدت مستحضراً جديداً. ومن المتوقع أن تكون عملية التطور المستمرة هذه مكلفة. وإن من شأن تطبيق أسلوب تسويق هاري بوتر تقليل التكاليف بهذا الخصوص، وذلك من خلال النجاح في ضمان استمرار ولاء شرائح كبيرة من الزبائن المستهدفين.
ومن الطبيعي ألا يحقق هذا الأسلوب التسويقي النجاح ذاته في جميع الصناعات، إذ لا بد من خضوعه للاختبار والتجربة بمرور الوقت. غير أن بالإمكان استخدامه في الصناعات الغذائية، والعناية بالصحة، والملابس. ويمكن لهذا المفهوم أن يفسر لماذا تعرضت منتجات Club Med and Cap لتراجع كبير في المبيعات بعد أن تسيدت الأسواق لفترة ٍ طويلة.
وخلاصة القول هي أن الشركات الرائدة في سرعة تحركها تضمن لنفسها عدداً كبيراً من الزبائن لفترة طويلة، لأن الشركات التي تليها في دخول الأسواق تجد أن من الصعب عليها إيجاد التمايز المطلوب.